أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن «السعودية تدعو لتضامن عالمي لمكافحة الإرهاب وتبني مبادئ التعايش المشترك»، مؤكداً أهمية تكثيف سبل الحوار بين أتباع الأديان والحضارات.
وشدّد العاهل السعودي، في افتتاح اجتماع مجموعة الرؤية الاستراتيجية «روسيا والعالم الإسلامي» في جدة، تحت شعار «الحوار وآفاق التعاون»، «على أهمية الاجتماع الاستراتيجي بين العالم الإسلامي وروسيا في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وتكثيف سبل الحوار بين أتباع الأديان والحضارات وزيادة التعاون المشترك في مكافحة التطرف والإرهاب وترسيخ القيم الإنسانية».
وقال الملك سلمان، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، إن «الدين الإسلامي يتسم بالتسامح والوسطية»، لافتا إلى أن لدى المملكة «دوراً مشرفاً في تبني مبادئ الاعتدال والتعايش المشترك، حيث سعت جاهدة لدعم الجهود الإقليمية والدولية في هذا المجال، وقدّمت العديد من المبادرات».
وأبدى التزام السعودية دعم أي جهود مستقبلية تهدف لخدمة هذه المبادئ، «إيماناً منها أن الاختلاف لا يعني الخلاف وأن التسامح يدعو للتسامي».
وقال الملك سلمان «إن العلاقات السعودية - الروسية وطيدة وتاريخية، فقد تجاوزت عامها الـ 95، وقد شهدت العلاقات قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، وتوّجت بزيارات عالية المستوى، أسفرت عن التوقيع على العديد من الاتفاقيات المشتركة في المجالات كافة».
وتابع: «تشترك المملكة مع روسيا في مبادئ رئيسية عدة، منها احترام الشرعية الدولية، وتأسيس العلاقات على أساس الاحترام المتبادل، وسيادة واستقلال ووحدة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتتمسك الدولتان بالالتزام بنظام عالمي عادل يسوده القانون الدولي».
كما أشاد بالديناميكية «المتشعبة والمتنوعة» للعلاقات «المتينة المتجذّرة» بين روسيا والعالم الإسلامي، قائلاً إنها «تهيئ لمد جسور التعاون العلمي والتكنولوجي وتعزيزها في مجالات التنمية والتعليم والبرمجيات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة».
وتابع: «أظهرت التحديات الأخيرة التي تواجه عالمنا أننا جميعاً في مركب واحد فلا توجد دولة أو منطقة في معزل عما يدور في العالم وينطبق ذلك على النزاعات السياسية وانتشار الأوبئة والركود الاقتصادي والتغير المناخي، بالإضافة إلى العديد من الأحداث والكوارث العالمية الأخرى، ومن هذا المنطلق تدعو المملكة دول مجموعة الرؤية لتعزيز التعاون المشترك لمواجهة هذه التحديات من أجل الخروج بأقل الأضرار التي قد تؤثر في مستقبل شعوبنا، حتى نصل معاً إلى بر الأمان».
وأشار العاهل السعودي إلى أن «التعاون الاقتصادي يشكّل عصباً للروابط بين دول العالم الإسلامي وروسيا»، لافتاً إلى وجود فرص مواتية لدول مجموعة الرؤية لتكوين شراكات اقتصادية متينة في مجالات عدة منها المنتجات الحلال والتمويل الإسلامي وعلينا استثمارها والعمل على تنميتها.
وأعرب الملك سلمان في ختام كلمته عن أمله في أن تسهم مجموعة «روسيا والعالم الإسلامي» في «تعزيز الوئام بين أتباع الأديان وتطوير الحوار بين الحضارات والثقافات وحماية القيم التقليدية والروحية والعائلية التي تعصف بها اليوم رياح التغيير، ما يدفعنا إلى مواجهتها والاصطفاف لدرء مخاطرها لنسير بخطى ثابتة نحو التقدم والسمو».
من جانبه، شدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تطابق مواقف بلاده والعالم الإسلامي في شأن ضرورة بناء «عالم ديموقراطي عادل قائم على سيادة القانون والتعايش السلمي».
ولفت بوتين، في كلمة تلاها نيابة عنه رئيس جمهورية تترستان الروسية رستم مينيخانوف، إلى أن موسكو تولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الودية مع الدول الإسلامية سواء على الصعيد الثنائي أو ضمن إطار الحوار مع منظمة التعاون الإسلامي.
وأشار إلى أن مواقف روسيا والدول الإسلامية إزاء العديد من القضايا المعقدة ضمن الأجندة الإقليمية والدولية متقاربة للغاية، حيث «تدعو جميعها إلى بناء عالم ديموقراطي عادل قائم على سيادة القانون والتعايش السلمي بين الدول بعيداً عن أي إملاءات تستند إلى القوة وكل أشكال التمييز».
وأشاد الرئيس الروسي بجدول الأعمال «الثري والمكثف» للاجتماع الحالي، مؤكدا أن أطرافه ستناقش سبل التعاون في تسوية النزاعات والصراعات الإقليمية ومكافحة مخاطر الإرهاب والتطرف الدوليين.
كما شدّد على أن المسائل المتعلقة بالتعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والعلمية والإنسانية تستحق اهتماماً جاداً، مبدياً أمله في أن يكون هذا العمل المشترك بنّاءً ومثمراً وأن يساعد في تعزيز التعاون والثقة المتبادلة بين الدول المشاركة في الاجتماع.
وأبدى الرئيس الروسي شكره وتقديره للملك السعودي على اهتمامه بتنظيم الاجتماع الثاني للمجموعة. وسبق أن عقد الاجتماع الأول لها في مدينة قازان الروسية.