رأي قلمي

شيء خير من لا شيء...!

20 نوفمبر 2021 09:20 م

‏النمط هو عبارة عن عدد من المسلّمات والمقولات والأفكار المترابطة والمتصلة بالواقع، ومن أجل الاستفادة من الملاحظات والخبرات المتراكمة لا بد من تغيير أنماط تفكيرنا، لتكون لنا عوناً على إيجاد حلول للمشكلات التي نعاني منها، فكل شيء من حولنا يتغير حتى نوعية المشكلات التي نعاني منها مختلفة عن المشكلات التي عانى منها الناس قبل قرن أو قرنين من الزمان، وهذا التغير يتطلب نمطاً جديداً في التفكير يلائم طبيعة المشكلات الحديثة.

إن نمط التفكير الجديد يدعو إلى الاستمرار في الاجتهاد وتمحيص الآراء وبلورة النظريات سعياً إلى أفضل الصيغ الممكنة، والأنماط الجديدة تميل إلى التركيب، في حين أن أنماط التفكير القديمة تميل إلى البساطة، وهذا التحول نابع من إدراك ذلك التشابك الهائل بين كل مظاهر الوجود، ومن هنا فإن تفكيرنا اليوم يميل إلى التفسير المركب لأسباب الظواهر والوقائع المشاهدة.

والقاعدة العامة في هذا تقول: كلما كانت الظاهرة أكبر، توقعنا أن تكون أسباب وجودها أكثر، وهكذا فإن إخفاق جيلين أو ثلاثة في حب القراءة والحرص على اقتناء الكتاب يعود إلى أسباب أكثر بكثير من إخفاق طالب أو طلبة مدرسة في ذلك، ولم يكن نمط التفكير القديم على هذا النحو.

فالفقر مثلاً لا يكون بسبب الكسل أو الجهل أو شح الموارد الطبيعية أو فساد الحكومات أو الكوارث الطارئة أو سوء التدبير... فحسب، إنما هو نتاج نسيج معقد من ذلك كله، ولهذا صار الناس يدركون بأن لا شيء بمفرده يحقق السعادة أو النجاح، ولا شيء بمفرده يحقق الإخفاق أو التعاسة.

وفي الواقع إن أردنا معالجة مشكلة من المشكلات، لا بد البحث عن علاج لها في فضاء آخر غير فضائها الطبيعي.

قبل أن تفكر البشرية في عبور المحيطات لم يكن هناك أي مشكلة تتعلق بهذا الأمر، ولكن حين جرى التفكير في ذلك وجد العلماء أن أمامهم آلاف المشكلات حتى يصبح الحلم في قطع المحيطات بالطائرة واقعاً، فقد كانوا يتعاملون مع المشكلات بنمط تفكير جديد يدعوهم إلى الاستمرار في الاجتهاد وتمحيص الآراء وبلورة النظريات إلى أن وجدوا الحل الأمثل والأنسب للبشرية.

وفي الختام، لا بد أن نذكّر أنفسنا بأنه قد لا نحصل دائماً على حلول مثالية، ولا سيما في الظروف الصعبة، فلنؤمن أن لكل مشكلة حلاً، ولكن الحل قد لا يكون مرضياً دائماً، فلنوطن أنفسنا على ذلك، فشيء خير من لا شيء.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib