لم يكن مفاجئاً تلقّي الاتحاد الكويتي لكرة اليد كتاباً رسمياً من نظيره الآسيوي يفيد فيه تنحّي الشيخ أحمد الفهد عن رئاسة الاتحاد القاري بسبب وضعه القانوني على خلفية القضية المتداولة أمام القضاء السويسري حالياً، بل إنّ المفاجئ يتمثل في ما جرى على خطّ موازٍ لذلك، ويدخل من باب «المجاملة المبالغ بها»، لا أكثر ولا أقل.
صحيح أن الجمعية العمومية العادية للاتحاد الآسيوي (كونغرس) قررت، في اجتماعها الـ23 الذي عقد في 9 نوفمبر الجاري، عبر الاتصال المرئي، انتخاب مجلس إدارة الاتحاد للدورة الجديدة 2021-2025 بالتزكية في المناصب كافة، غير أن المشكلة تمثلت في الأحداث ذات الطابع المسرحي التي اعتقد البعض بأنها ستمر مرور الكرام، فقط في إطار «خذ وهات» مصلحيّة بحتة.
لجنة الامتثال والأخلاق في اللجنة الأولمبية الدولية اعتبرت ترشيح أحمد الفهد انتهاكاً للمبادئ العامة والحكم الرشيد، وطلبت من رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد، المصري حسن مصطفى، اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الشأن.
وعلى رغم ذلك، حصلت الانتخابات وفاز الفهد بالتزكية، ثم تنحّى، لتكتمل العناصر التي لا تريد سوى إبراز أن التنحي حصل بـ«قرار شخصي» وليس بـ«قوة المنطق».
ولتكتمل العناصر، فجّر حسن مصطفى، الذي حضر الاجتماع برئاسة النائب الأول لرئيس الاتحاد القاري الياباني يوشيدا وتنابي وممثلي 37 اتحاداً آسيوياً، أزمة جديدة بسبب دعمه الفهد للفوز بالرئاسة بالتزكية.
ولم يكتفِ مصطفى بدعم الفهد، بل كان سبباً في عدم ترشح أي منافس ضده، مستنداً إلى علاقاته بالاتحادات المحلية في «القارة الصفراء»، وذلك رغم تحذيرات اللجنة الأولمبية الدولية.
الانتقادات التي واجهت مصطفى لم يكن مصدرها «الأولمبية الدولية» فقط، بل وصلت، بحسب مصدر رفض الكشف عن هويته، إلى «خطاب حاد من الاتحاد الكويتي للعبة إلى نظيره الدولي يدين فيه تدخلات رئيسه في تزكية الفهد، وعدم تنفيذ طلبه قبل الانتخابات باستبعاده بسبب عدم حصوله على دعم دولته».
وبعد التنحي، جرى تكليف وتنابي بالقيام بمهام عمل الرئيس في الفترة المقبلة، علماً أن الفهد يتولى منصب رئاسة الاتحاد القاري لكرة اليد منذ العام 1991 وكانت المرة الأخيرة التي جرى فيها انتخابه لولاية جديدة حصلت بالتزكية أيضاً للفترة بين 2017 و2021 خلال الجمعية العمومية الـ36، في مدينة أنطاليا التركية.
وكان الفهد واحداً من أقوى الشخصيات في الرياضة الأولمبية، وسيطر على كثير من الاتحادات العالمية، والكثير من الأصوات داخل اللجنة الأولمبية الدولية، علماً أنه استقال من مناصبه المتعلقة بكرة القدم كافة منذ نفيه ارتكاب مخالفات في 2017 عندما تم تحديد هويته في وثيقة لدى وزارة العدل الأميركية في قضية تتعلق بالرئيس السابق لاتحاد غوام للعبة، ريتشارد لاي.
واعترف لاي بأنه مذنب بتهمة تلقي ما يقرب من مليون دولار في رشى مرتبطة بالاتحاد الدولي (فيفا).
وتنحى الفهد حينها عن أدواره في اللعبة الأكثر شعبية، بما في ذلك عضويته في مجلس الاتحاد الدولي.
وبعدما ادعت عليه النيابة العامة السويسرية، في نوفمبر 2018، بتهمة تزوير تحكيم أشرطة «بلاغ الكويت»، أعلن تنحّيه من منصبه رئيساً لاتحاد اللجان الوطنية الأولمبية الدولية (أنوك)، وعن مهامه عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية لفترة نحو 26 سنة.
وتنحى أيضاً عن منصبه كرئيس للجنة التضامن الأولمبي التي تُعنى بتوزيع مساعدات سنوية على اللجان الأولمبية وتأمين برامج تدريب للرياضيين للاستعداد للألعاب الأولمبية والبطولات العالمية.
كما أعلن الفهد تنحيه موقتاً عن رئاسة المجلس الأولمبي الآسيوي، الذي يشرف على تنظيم دورات الألعاب الآسيوية المتعددة الرياضات.