«لقد كان صعود أثينا، والخوف الذي أثاره ذلك الصعود في أسبرطة هو ما جعل الحرب بينهما أمراً حتمياً». (المؤرخ اليوناني ثيوسيديديز، 460-395 ق.م)
في كتابه «حتمية الحرب بين القوة الصاعدة والقوة المهيمنة»، تساءل أستاذ جامعة هارفرد والكاتب غراهام أليسون، إن كانت الولايات المتحدة والصين قادرتين على الإفلات من «فخ ثيوسيديديز»؟
ثيوسيديديز، مؤرخ يوناني يعتبره البعض مؤسس المدرسة الواقعية السياسية، وقد أشار كما في مقدمة المقال، إلى أن صعود نجم أثينا قبل 2500 عام، أثارالقلق في أسبرطة التي كانت القوة المهيمنة مما أدى إلى الحرب البيلوبونيزية بينهما والتي أدت إلى خراب كبير في اليونان القديمة.
الآن في المنطقة العربية والإسلامية المحيطة، ليس هناك فخ واحد، ولكن هناك فخاخ كثيرة، فلا تكاد توجد نقطة في ما يسمى بالشرق الأوسط، إلا وفيها حالة «فخ ثيوسيديديز» وحتمية الحرب... من سورية إلى العراق، فاليمن ولبنان وفلسطين المحتلة، وغرباً في ليبيا وغيرها... مجموعة أفخاخ متعددة، فهل يمكن النجاة منها؟
غراهام أليسون، ناقش بإسهاب في كتابه «حتمية الحرب»، فخ ثيوسيديديز، وأشار إلى أن هذا الفخ تكرر 15 مرة في القرون الخمسة الماضية، وانتهى في ثلاث حالات فقط من دون صدام، والـ 12 حالة الأخرى كانت حروب وصدامات عنيفة.
الكاتب تحدث عن صعود الصين مقابل القوة الغربية الأميركية المهيمنة على الساحة السياسية في العالم، وتحدث عن إمكانية تجنب الوقوع في «فخ ثيوسيديديز»، وإمكانية تجنب حتمية الحرب بين أميركا والصين، كما أفلتت من هذا الفخ، البرتغال وإسبانيا قبل أكثر من أربعة قرون، وأميركا وبريطانيا في بداية القرن العشرين.
في هذه المنطقة المليئة ببؤر التوتر وفتائل الاشتعال وبراميل الوقود، هل بالإمكان دراسة نظرية «فخ ثيوسيديديز» حول حتمية الحرب، والاستفادة من تجارب الآخرين الذين تجنبوا الوقوع في هذا الفخ وحولوا حتمية الحرب إلى سلام وتعايش وتبادل للمصالح المشتركة.