حصل العديد من مبدعي الكويت في شتى المجالات على جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعمالهم، وهو تكريم بسيط أثناء حياة المبدع ليشعر بمكانته في المجتمع الذي ينتمي إليه، وهي بادرة طيبة من قِبل الدولة نتمنى أن تستمر.
واتمنى أن يتم منح الجائزة التقديرية للإعلامي والشاعر عبدالرحمن النجار، الذي استمر في العطاء على مدى ستة عقود من الزمن في مجال الإعلام المرئي والكتابة الصحافية، اضافة إلى الشعر الغنائي.
وكان لديه برنامج شهير يحمل اسم «شبكة التلفزيون»، وهو أحد اكثر البرامج التلفزيونية نجاحاً في مسيرة تلفزيون الكويت منذ إنشائه حيث استضاف خلاله العديد من العلماء والأدباء والفنانين والسياسيين والإعلاميين، سواء كانوا من الكويت أو من منطقة الخليج العربي، أو من الوطن العربي أو الوطن الإسلامي أو بقية دول العالم الأجنبي، وكان يطرح خلال برنامجه العديد من القضايا المهمة والمؤثرة في حياة الناس وفي رقي المجتمع. وظل عبدالرحمن النجار يكتب المقالة الصحافية لعقود من الزمن، ناقش خلالها القضايا الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالتراث وكيفية التعامل والتفاعل دون المساس بالهوية، كما انه يكتب الشعر الشعبي باللهجة الكويتية، حيث ان كتاباته كانت متعددة، فهو يكتب الشعر الاجتماعي الذي لا يخلو من النقد لمجتمعه، كما انه يتناول بعض القضايا السياسية في اشعاره خصوصاً أداء «مجلس الأمة»، فكانت كتاباته تلك مؤثرة وقد اكسبته الكثير من المدح، كما تعرض للنقد وهذا أمر طبيعي، إلا انه مضى في طريقه الفكري وفي أسلوبه الشعري، فكان يقوم باختيار حروفه بعناية فائقة ويقوم باختيار كلماته وجمله وابيات شعره بحرفية عالية، وكأنه فنان تشكيلي يقوم بالنحت أو بالخزف، ولكن عبر الكتابة بالأحرف، ولعل اسم عائلته «النجار» كان له الدور بصورة أو بأخرى في اجادته لما يكتب.
ولم تخلُ كتاباته من التغزل بالوطن، وكلنا نذكر رائعته «يا وطن لك من يحبك» التي قام بتلحينها الموسيقار الراحل مرزوق المرزوق، وغنتها فرقة التلفزيون عندما كانت في أوج عطائها، وكتب قبل ذلك اسكتشاً طريفاً بعنوان «اه لو فار الفرارة يحب قطوة» التي غناها الفنان المبدع محمد الويس، وله كتابات شعرية ابان فترة الاحتلال العراقي للكويت، وكانت كتاباته وان كان جوها العام هو البيئة الكويتية، إلا انها لا تخلو من الحداثة من خلال المفردات والصور الشعرية وبعض الرموز التي لها أكثر من بُعد، الأمر الذي يؤهله ليكون أحد ابرز شعراء الكويت.
واتمنى ان يقوم النجار بطباعة أكثر من ديوان شعري له، كما اتمنى ان يجمع مختارات من مقالاته في كتاب، كما اتمنى ان يقوم المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب بمنحه جائزة الدولة التقديرية، واقامة ندوة عن مسيرته وابداعاته، لتظهر بصورة تتناسب ومكانته وروحه الطيبة المرحة التي يمتاز بها، وكل من عرفه يدرك انه رجل دمث الخلق تربطه علاقات طيبة بالكثير من الشخصيات الكويتية الذين ينتمون إلى تيارات فكرية متعددة، وقد استضاف العديد منهم في برنامجه الشهير. ولعل البعض لا يعلم أنه عضو في أكثر من جمعية نفع عام، بل إنه مؤسس للبعض منها مثل رابطة الاجتماعيين.
واتمنى على القائمين على منح جائزة الدولة التقديرية ان يستمر العطاء لمن يحصل عليها، ان يمنح جوازاً خاصاً، ويدعى إلى المؤتمرات الرسمية التي تقيمها الدولة، ويتم توجيه دعوة لهم عند استقبال ضيوف لهم علاقة بابداع المجال الذي حصل بموجبه على جائزة الدولة التقديرية، ناهيك عن حق العلاج المباشر داخل أو خارج الكويت، تبعاً لاختيار المبدع في حالة الحاجة للعلاج، وان يكون المكرم عضواً فاعلاً في اللجان العليا للتخطيط في المجال الذي أبدع فيه مع دعوة المكرمين لإلقاء محاضرات لفئة الشباب لشحذ الهمم عندها، ومثل تلك الأمور تجعل المبدع يشعر بأهميته وقيمته في المجتمع.