هل تساءلت يوماً، هل أشعر أو هل ما زلت أشعر أو هل أحياناً أشعر وأحياناً لا، أو هل لا أشعر على الإطلاق، طيب نتعمق أكثر؟ متى آخر مرة بكيت؟ بتفصيل أكثر، متى آخر مرة كانت لديك القدرة على البكاء؟ قبل شهر، قبل شهور، منذ سنين فقدت قدرتي على البكاء.
عزيزي القارئ
المشاعر تبدأ معنا منذ الولادة دافئة، طبيعية إلا في حالات عضوية لها أسبابها وتفسيراتها، ثم مع التكوين المعرفي تكون طبيعية، أو مشوهة أو غير حقيقية، فمثال، يريد الولد البكاء لا تبكي أنت كبرت فيحاصر بزاوية لا أريد البكاء حتى لا يقولوا إني طفل، المرأة تكون قوية بموقف، لا تصيري رجلاً، وما علاقة القوة بالرجولة فتبدأ بالتخلي عن القوة حتى تبعد عن الاتهام بالرجولة، وكثير من المواقف كاتصال هاتفي تكذب به الأم أمام أطفالها لتبرر عدم ردها أو تأخرها، وغيرها الكثير.
كل ذلك يؤثر بما نشعر وشعرنا وسنشعر، ومع تراكم المواقف وتصاعد انفعالاتنا في سلم الحياة تبدأ المشاعر تتعامل مع الظروف حسب ما نعي وحسب قدرتنا النفسية، فهناك مشاعر ــ من شدة غليانها بالموقف وحرارته العاطفية وقوته قد تصل للتجمد، ومن شدة عمقها، قد تتغير لتكون سطحية، ومن شدة قربها، قد تبعد عنا.
كل ذلك من أجل حمايتنا منها، هل انتبهت عزيزي القارئ تحميك منها؟ حتى لا تنهار أنت ككتلة شعور وهذا ما يفسر أن كثيراً منا يعرف أنه حزين، ويفقد قدرته على التعبير عن ذلك، أو القدرة على البكاء، وكثيراً منا لا يشعر بأي شعور.
ربح لا يفرح، ترقي لا يسعد، تزوج لا جديد بالأمر، خير لا يتفاعل، تفوق أمر عادي، لا فرح قابل للقياس ولا حزن ممكن قياسه، ولا دهشة تقاس بأي موقف ولا انفعال ممكن تحسه على الفور، ولأن كل ما سبق عملية دفاعية تخبرنا أننا لا نملك القدرة الكافية لتحمل ما نشعر به فتجد الكثير عند الصدمات يغمى عليه، أو الكثير تتبلد مشاعره من كثرة الصدمات فلا فرح يستطيع التعبير عنه.
ولا حزن قادر على التفريغ منه، هو أسير الشعور الداخلي وغريب عن سلوك الشعور الخارجي، ناهيكم عن المشاعر المتضادة التي لا مناسبة لها، ولا سبب حزن يضحك بشدة، لا مناسبة ينفعل ويصرخ، ولأن كل ما سبق له من التفسيرات الكثير بكل العلوم، ستجد تفسيراً خاصاً بها، لكن كقارئ ومتلقٍ دورك هو الوعي بما يحدث، داخلك، الذي يعد هو خط الرجعة الوحيد بما نحتاج لنعود نشعر، ولأن الشعور قانون انفعالي له أصوله وقواعده، ولأن هناك خللاً بالمشاعر يعود لاضطرابات الوجدان أوالاضطرابات العضوية التي قد تكون حائلاً لعدم البكاء لمن يشعر بالحزن على سبيل المثال، هناك معايير حياتية نستطيع أن نتبعها للوصول للتوازن وهو إعادة تعريف مشاعرنا من خلال التدريب الشعوري من اليوم.
عزيزي القارئ تدرب
1- أن تلقن نفسك شعوراً، مثال، أريد أن أبكي.
2 - اكتب ما يحزنك.
3 - تعاطف مع نفسك لأن هذا الأمر حدث لك.
4 - عبّر عن الحزن بالبكاء، لا تستطيع تباكى ستشعر بتحسن.
5 - قيّم شعورك بعد ذلك.
مارس كل شعور كأنها المرة الأولى التي تشعر به، لا تعرف... المختصون سيساعدونك بذلك.
وأخيرا تذكر أن الشعور الذي تهمله يهملك، والذي تتجاهله يتجاهلك، والذي تهمشه يأخذ حقه منك.
Twitter،Insta; @drnadiaalkhaldi