«درعٌ بشري» حول مقر جعجع وهل طُوي الملف؟

مسعى البطريرك لـ «تفكيك الأزمات» يصطدم بـ «فيتو» باسيل وتحفُّظ «حزب الله»

27 أكتوبر 2021 10:00 م

جاء التأزم الكبير في علاقة لبنان مع دول الخليج، في «أسوأ توقيت» داخلي تتشابك فيه «الأعاصير» المالية والسياسية منذرة بتشظيات أمنية لاحت طلائعها في 14 الجاري وعكست تخبُّط «بلاد الأرز» في «الرمال المتحركة».

وأطلّت «النكسة» على خط بيروت - الخليج العربي، فيما كان المسرح السياسي مشدوداً إلى ملفين: أوّلهما محاولات إنهاء تعطيل مجلس الوزراء المستمرّ منذ 16 يوماً على خلفية اعتراض الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري على أداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار والإصرار على تنحيته كمدخل لإحياء جلسات الحكومة.

والثاني أحداث الطيونة الدموية، التي وقعت قبل أسبوعين، وانزلقت نحو منحى من الاستهداف السياسي لحزب «القوات اللبنانية» عبّر عنه استدعاء مخابرات الجيش اللبناني لرئيسها سمير جعجع إلى مقر وزارة الدفاع لسماع إفادته كشاهد مستَمَع إليه بماء لإشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي.

وعلى جبهة تحقيقات المرفأ، وغداة الحِراك فوق العادي للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اتجاه كل من الرؤساء بري ونجيب ميقاتي ثم ميشال عون، بدا أن فك أسْر الحكومة يصطدم بجدار مزدوج سيقطع الطريق على بوادر التوافق «بالأحرف الأولى» الذي خلص إليه تحرك الراعي، والذي اعتُبر أنه ينطوي على ملامح مقايضة ولو ضمنية مع أحداث الطيونة واستدعاء جعجع.

وقام هذا المسعى على معالجة اعتراض الثنائي الشيعي عبر فصْل مسار الادعاء واستجواب الوزراء ورؤساء الحكومة عن ملاحقة سائر المعنيين والمشمولين بالتحقيقات التي يُجريها بيطار، وذلك على قاعدة أن «تعود» الصلاحية في الشق الأول للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وإنشاء لجنة تحقيق برلمانيّة لملاحقة الرئيس السابق للحكومة حسان دياب والوزراء السابقين النواب الحاليين نهاد المشنوق وغازي زعيتر وعلي حسن خليل بحال وجدت أن هناك حاجة للادعاء عليهم، على أن يستمر المحقق العدلي على رأس عمله في الجانب المُوازي من الملف.

وبرزت «بطاقة حمراء» بوجه هذا الطرح من فريق عون عبر تغريدة لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي قال: «لما حكيت عن تواطؤ ثنائي الطيونة (القوات والرئيس بري) قامت القيامة. هيدا التواطؤ شفناه بالشارع على دمّ الناس وبمجلس النواب على قانون الانتخاب وحقوق المنتشرين، وبكرا رح نشوفه بالمجلس وبالقضاء على ضحايا انفجار المرفأ والطيونة سوا... لا لطمس الحقيقة بأكبر انفجار شهده لبنان والعالم مقابل تأمين براءة مجرم».

وقد ردّ النائب في كتلة رئيس البرلمان علي بزي على باسيل بالقول إن «هدف كل تغريداتك الإطاحة بالتوافق الذي تم بين الرؤساء وغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وأخذ البلد نحو الخراب».

وفي سياق متصل، علمت «الراي» أن «حزب الله» غير متحمّس لهذا الطرح وهو يصرّ على إقصاء بيطار باعتبار أن اعتراضه ليس فقط على آلية الملاحقات التي يعتمدها المحقق العدلي ومرجعية هذه الملاحقات بالنسبة للوزراء ورؤساء الحكومة، بل أيضاً على مجمل المسار الذي يقوده والذي يتوجّس من أجندات خفية وراءه «توصل لاتهام الحزب».

وإذ تَقدم وكلاء دياب، أمس، أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز بدعوى مخاصمة الدولة عن أفعال ارتكبها بيطار وذلك عشية جلسة كان حدد الأخير موعدها اليوم لاستجواب رئيس الحكومة السابق وربما إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، لم يُعرف إذا كان هذا الملف سيحضر في الجلسة العامة للبرلمان اليوم، وسط معلومات عن أن «القوات اللبنانية» غير مرتاحة لأي مسارٍ يحيل التحقيقات في جريمة المرفأ إلى «الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».

وفي موازاة ذلك، بدا أن ملف استدعاء جعجع الذي لم يمتثل، أمس، لإشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لسماع إفادته لدى مخابرات الجيش وكأنه يتجه نحو الاحتواء.

وفي هذا الإطار وبعد يوم من الاعتراض الشعبي الرمزي الذي زحفت معه نحو ألفي سيارة إلى طريق بكركي - معراب (مقر البطريركية المارونية ورئيس القوات)، رفْضاً لاستدعاء جعجع وتحت عنوان «استدعونا كلنا، ولن تتكرر تجربة 1994 (اعتقال جعجع وسجنه لـ 11 عاماً)»، أفادت تقارير أن مديرية المخابرات خابرت عقيقي بعد تخلف رئيس «القوات» عن الحضور واستوضحته حول الخطوة التالية، فطلب منها ختم التحقيق ولم يطلب اتخاذ أي خطوة أخرى.

وأوردت وسائل إعلام لبنانية أن ملف جعجع خُتم لدى مخابرات الجيش وأصبح لدى النيابة العامة العسكرية من دون إصدار مذكرة إحضار أو بلاغ بحث وتحر.