وقّع 25 عضواً في الكونغرس الأميركي، عريضة، وجهوها الى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، طالبوا فيها ادارة الرئيس جو بايدن بتقديم مساعدات مالية عاجلة للشعب اللبناني وكذلك للجيش، من دون انتظار قيام حكومة لبنانية أو حصول الاصلاحات المنشودة، على أن يتم تقديم المساعدات من خارج مؤسسات الدولة.
وحذّر الأعضاء، الذين تصدرهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ غريغوري ميكس، من تدهور سعر الليرة اللبنانية الذي أدى الى القضاء على رواتب العسكريين، وقالوا إن هذا التخفيض الذي طال قيمة «رواتب الجنود اللبنانيين، والمصاعب الاقتصادية التي يواجهونها، قد تؤدي إلى فرارهم من الخدمة، والى تدهور قدرة الجيش، والى المزيد من الصراع الأهلي».
كما حذّرت العريضة من أن تدهور الجيش يعود بالفائدة على «الجماعات المسلحة غير الحكومية، مثل حزب الله والميليشيات الأخرى التي تهدد إسرائيل، والمنطقة الأوسع».
وكان لافتاً توقيع النائب عن ولاية كاليفورنيا، رو خانا، وهو أحد أصدقاء النظام الايراني ورئيس الحملة الانتخابية الرئاسية سابقاً للسيناتور بيرني ساندرز، نظراً لأن العريضة تهاجم «حزب الله» والميليشيات اللبنانية الأخرى.
كما كان لافتاً غياب توقيعات، الجمهوري من أصل لبناني دارن لحود، والديموقراطيتين من أصل فلسطيني رشيدة طليب ومن أصل صومالي إلهان عمر.
وجاء في العريضة: «نكتب للإعراب عن قلقنا العميق إزاء الأزمات الاقتصادية والسياسية المتفاقمة في لبنان، والتي تزعزع استقرار البلاد وتشكل مخاطر واضحة على المنطقة الأوسع».
وأضافت: «نحث حكومة الولايات المتحدة على اتخاذ إجراءات سريعة ومهمة، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين الرئيسيين، لمعالجة معاناة الشعب اللبناني ومنع لبنان من الانهيار الاقتصادي الذي من شأنه أن يشكل المزيد من المخاطر على أمن واستقرار الشرق الأوسط الكبير، وكذلك على الأمن القومي للولايات المتحدة».
وتابعت العريضة أنه «بعد تسعة أشهر من الانفجار الكارثي الذي وقع في ميناء بيروت في أغسطس 2020، والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وجرح أكثر من 4000، والذي تسبب بأضرار اقتصادية بمليارات الدولارات، يواجه لبنان أزمات اقتصادية وسياسية تتفاقم بسرعة، اذ فقدت العملة الوطنية 80 في المئة من قيمتها، وارتفعت معدلات البطالة، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400 في المئة مقارنة بعام 2020».
واستندت العريضة الى بيانات البنك الدولي لتشير الى أن «الأزمة أدت إلى انكماش في الناتج المحلي من المتوقع أن يبلغ 20 في المئة، وإلى زيادة في معدلات الفقر بنسبة 45 في المئة».
وأشار أعضاء الكونغرس الى أن المواطنين اللبنانيين نزلوا إلى الشوارع في كل أنحاء البلاد، احتجاجاً على التدهور السريع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وما زاد الطين بلة فشل قادة البرلمان في تشكيل حكومة جديدة بعد شهور من المفاوضات، في وقت أدى انتشار وباء كورونا إلى تفاقم الوضع، «ما أدى إلى استنزاف قدرة المستشفيات ونظام الرعاية الصحي، بالإضافة إلى نقص في السلع الطبية».
هذه التحديات، حسب العريضة، «لا تزيد من احتمالات نشوب صراع أهلي أوسع داخل لبنان فحسب، بل تزيد من مخاطر عدم الاستقرار الإقليمي».
وتابعت «مع تدهور الأوضاع، تسعى الجهات الفاعلة اللبنانية الداخلية، مثل حزب الله، إلى جانب الميليشيات والشبكات الإجرامية الأخرى، والقوى الخارجية مثل إيران وروسيا، إلى الافادة من تفتيت الدولة والمجتمع اللبناني لتحقيق مكاسبهم الخاصة»، وهو ما يعني «أن دعم لبنان في هذا الوقت الحرج ليس ضرورة إنسانية واقتصادية فحسب، بل هو أيضاً ضرورة أمنية لمنع القوى الساعية الى تقويض استقلال لبنان وسيادته» من القيام بذلك.
وأضافت العريضة: «نحن ندعم السياسات التي تعزز علاقة قوية ومستقرة بين الولايات المتحدة ولبنان، ومستقبلاً عادلاً ومزدهراً للشعب اللبناني».
في هذا السياق، وحسب أعضاء الكونغرس الموقعين، «جاءت الخطوات الأولية للولايات المتحدة - مثل وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية - في تقديم المساعدة الإنسانية الطارئة للمستشفيات التي تكافح فيروس كورونا في أوائل عام 2020».
ولكن مع استمرار الاقتصاد اللبناني في الانهيار وانتشار الاضطرابات المدنية، «يجب عمل المزيد».
لذلك، تابعت العريضة، «ندعو الولايات المتحدة» إلى القيام بما يلي:
- أولاً، قيادة مجموعة دولية من «أصدقاء لبنان»، ومن بينهم فرنسا، لتنسيق المساعدة المالية العاجلة، وتحقيق برنامج الإصلاح باشراف «صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اللبناني ريثما يتم تشكيل حكومة قادرة على التعامل مع حاجات اللبنانيين».
بعد القيام بذلك، «يجب تطبيق تدابير صارمة لاستئصال الفساد، وإصلاح الوزارات الحكومية المختلة، بالإضافة إلى إجراء تدقيق شامل، طال انتظاره، للبنك المركزي».
- ثانياً، وبالتوازي مع هذه الجهود، دعا أعضاء الكونغرس، الادارة الأميركية لقيادة جهود «المساعدة الإنسانية المباشرة لمعالجة الجوع، والصحة، والبطالة، للفئات الأكثر ضعفاً في لبنان».
وقال النواب إنه «يجب تقديم هذه المساعدة مباشرة إلى اللبنانيين لضمان مراعاة جميع القوانين الأميركية المناسبة، بالإضافة إلى التدقيق وفحص أداء المستفيدين والمنظمات المنفذة».
ثالثا، دعت العريضة الحكومة الأميركية الى "تقديم مساعدة للجيش اللبناني“ اضافية عن التي تقدمها حالياً، ووصفت الجيش اللبناني على أنه ”شريك للولايات المتحدة منذ فترة طويلة“، وأنه ”مؤسسة محترمة ذات أهمية حاسمة للاستقرار في لبنان“.
رابعاً وأخيراً، دعت العريضة ”إلى إجراء تحقيق دولي ومستقل في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020“، اذ إن التحقيقات اللبنانية لم تسفر حتى الآن إلا عن القليل، وهي تحقيقات ”غارقة في الفساد وسوء الإدارة“، وهو ما يعني أن على الولايات المتحدة أن «تقود الدعوات لإجراء تحقيق محايد بقيادة الأمم المتحدة».
وختمت العريضة القول بأنها تثمن «زيارة وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل إلى لبنان في أبريل، ومباحثاته مع القادة السياسيين اللبنانيين، وترداده أن ”دعم أميركا للشعب اللبناني مستمر».