لا شك في أن السّواد الأعظم من جماهير كرة القدم كسب المعركة الطاحنة في مواجهة جشع الأندية والقيّمين عليها، على جبهة ما يمكن أن نسمّيه «خطأ القرن» المتمثل في «الدوري السوبر الأوروبي».
ومهما حاول رئيس نادي ريال مدريد الإسباني، فلورنتينو بيريز، وهو عرّاب هذا «الانشقاق العمودي»، فإن ما بين السطور يشير بكل وضوح إلى أنه وزمرته من الأندية، سُحِقت تماماً.
وخير دليل على ذلك هو تلك البيانات التي تسابقت الأندية «المتورطة» في «السوبر»، وتحديداً الإنكليزية منها، على نشرها في منصاتها المختلفة بغية الاعتذار من جماهيرها الحانقة. وانطلاقاً من كون أن الخطأ يبرر الاعتذار، فإن تلك الأندية اعترفت بأنها قامت بخطوة ناقصة وأخطأت، ما استوجب منها النزول عنذ رغبة مشجعيها... وطلب المغفرة.
لا بد من الإشادة هنا بثلاثة أندية هي بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند الألمانيان وباريس سان جرمان الفرنسي، والتي رفضت من البداية المشاركة في «الدوري الشاذ»، مع العلم أن بيريز وزمرته كشفا بأن عدد الأعضاء المؤسسين يبلغ 12، بانتظار أن يصبح 15، وهو كان، سواء أقرّ أو لم يفعل، يمنّي النفس بإكمال العدد بالثلاثي المشار إليه آنفاً بالنظر إلى أهميته وتاريخه.
من خرج فائزاً من «المعركة»؟ لا شك في أن هناك ثلاثة منتصرين واضحين:
1 - الجماهير: لعبت دوراً ضاغطاً على أنديتها وكانت السبب في رجوع غالبيتها عن المشاركة، ولا نغفل الجماهير الأخرى «البعيدة» جغرافياً عن مسرح الأحداث والتي عارضت بمعظمها الفكرة التي ماتت لاحقاً في مهدها.
2 - دوري أبطال أوروبا: أثبتت هذه المسابقة قوتها من خلال تعلّق الجماهير بها وبنشيدها، وتأكد بأنها ليست مجرد بطولة بل هي «أسلوب حياة» بالنسبة إلى معشر كرة القدم. هي فخر للبعض واعتزاز للبعض الآخر. هي تمثل الحلم والشغف والليالي الملاح.
3 - الاتحاد الأوروبي لكرة القدم: ضرب بيد من حديد من البداية.
رئيسه السلوفيني ألكسندر تشفيرين لم يهادن، لم يساير، لم يلعب تحت الطاولة.
هاجم «المنشقّين» بحكمة غاضبة، وهادن عندما بدأت الأندية بالعودة إلى صوابها.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ماذا بعد؟ فالأطراف المتناحرة ما زالت هي هي. ما زالت متواجدة في الساحة. ما زالت المشاكل المالية للأندية تقضّ مضاجعها.
كما أن الإصلاحات التي أدخلها الاتحاد الأوروبي على دوري الأبطال وستعتمد في 2024 ليست كافية، وربما تمثل حجة لعودة الأندية نفسها لإعلان العصيان، وتلعب على الوقت لإقناع مشجعيها.
على الأطراف كافة الجلوس حول طاولة مستديرة والتباحث، لكن الأكيد أن الاتحاد الأوروبي و«أندية الضد» ستكون الأقوى في المفاوضات بعدما كسبت «الأرض والشعب» في حربها «العابرة»... مع «أندية ألمَع».