نزع الموسم 2020-2021 عنه رداء البدايات ليدخل مرحلة الحسم على المستويات كافة من كرة القدم الأوروبية.
ودون الغوص في التفاصيل، يترنح لقب الدوري الإسباني بين 4 فرق: أتلتيكو مدريد، ريال مدريد، برشلونة وإشبيلية، بينما باتت كأس الدوري الإيطالي في جيب إنترميلان في وقت تستعر فيه المعركة على مقاعد دوري الأبطال.
في ألمانيا، لا جديد يذكر ولا قديم يُعاد، بايرن ميونيخ يتجه نحو لقب تاسع توالياً في الـ«بوندسليغا».
وفيما تشهد فرنسا حرباً بين ليل وباريس سان جرمان وموناكو وليون على «عرش ليغ 1»، فإن مانشستر سيتي في غير وارد التنازل عن حقه في استعادة لقب الـ«بريمير ليغ» تاركاً خلفه صراعاً مستعراً على المقاعد المتبقية للـ«تشامبيونز ليغ».
خيبة «سيتي» نباشر الجولة من حيث انتهينا، وتحديداً إنكلترا حيث سقط «سيتي» أمام تشلسي في نصف نهائي كأس الاتحاد، وبالتالي فقد المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا الفرصة في تحقيق «الثلاثية التاريخية»، وبالتالي «السداسية» التي سبق له إنجازها مع برشلونة، إن لم نقل «السباعية» إذا أضفنا كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة.
واللافت أن نوعاً من السحر غزا تشلسي منذ وصول المدرب الألماني توماس توخيل إلى «ستامفورد بريدج».
إذ نجح، مع العناصر نفسها التي كانت في عهدة سلفه فرانك لامبارد، في تحقيق النقلة المرتجاة.
وها هو تشلسي، اليوم، في نصف نهائي «الأبطال»، ونهائي الكأس، وفي موقع مناسب لإنهاء الموسم في أحد المراكز الأربعة في «الممتاز».
وَقْعُ حضور توخيل كان مشابهاً لتأثير هانز-ديتر فليك الذي تولى دفة القيادة في بايرن ميونيخ، خلال الموسم الماضي، كـ«مدرب طوارئ» خلفاً للكرواتي نيكو كوفاتش، فحقق «السداسية».
ولم يتبقَّ من الأندية من هو قادر على إحراز «الثلاثية»، هذا الموسم، سوى «سان جرمان» الذي ما زال يصارع في الدوري المحلي، وبلغ ربع نهائي كأس فرنسا، ونصف نهائي «الأبطال».
مِنْ... إلى وطالما جئنا على ذكر فليك، فلنغص قليلاً في مسألة إعلانه الرحيل عن «بايرن».
بالتأكيد، نزل الخبر كالصاعقة على عشاق النادي، خصوصاً أنهم انتظروا طويلاً هكذا رجل يضع فريقهم حيث يستحق.
لم يكن فليك والمدير الرياضي حسن صالحميدزيتش على وئام، والسبب يكمن في السياسة التعاقدية واختيار الأسماء.
لم تكن طلبات «هانزي» تجد آذاناً صاغية لدى حسن، واللافت أن الإدارة لم تقف بوضوح مع أحد، في وقت توجب عليها دعم المدرب الذي منح «بايرن» في غضون أشهر «سداسية» ما كان يحلم بها.
يبدو أن فليك ما كان في وارد خوض حرب للتمسك بمنصبه، والسبب واضح ويتمثل في أن في يده عرضاً لتدريب منتخب ألمانيا خلفاً ليواكيم لوف بعد «يورو 2020» المؤجل إلى صيف 2021.
يعلم الجميع بأنّ فليك كان مساعداً للوف عندما توّج الـ«ناسيونال مانشافت» بكأس العالم 2014، ثم انتقل للعمل في الاتحاد الألماني كمدير رياضي، وبعدها تحوّل إلى «بايرن» كمساعد مدرب ومن ثم مدرب أصيل.
وبالتالي يملك الرجل (56 عاماً) من الدراية ما يكفي لتولي أي منصب فني وتحديداً منتخب ألمانيا المُطالب بالعودة للعب الأدوار الأولى، تحديداً في مونديال 2022، بعد سنوات عجاف.
مَن سيحل مكان فليك؟ الأكثر قرباً هو مدرب لايبزيغ، يوليان ناغلسمان (33 عاماً)، وذلك رغم أن إدارة النادي رفضت مبدئياً رحيل «هانزي» من خلال بيان مقتضب.
إنجاز ماذا ؟ رغم أن بطولة الكأس المحلية في أي بلد تعتبر مسابقة ظل لـ«الكبار»، غير أن برشلونة صنع من التتويج بها، السبت، «إنجازاً».
يفترَض أن تَعتبر أندية مثل برشلونة، ريال مدريد، بايرن ميونيخ، باريس سان جرمان، يوفنتوس، إنترميلان، بطولة الكأس بمثابة جائزة ثانوية، ربما بخلاف الوضع في إنكلترا حيث تحظى المسابقة بـ«برستيج» خاص كونها الأقدم على مستوى الأندية.
المحك الأكيد للفرق الكبرى هو دوري الأبطال، ومن ثم الدوري المحلي.
البعض يرى في الدوري المحلي الاختبار الحقيقي، في وقت لا تمثل فيه مسابقة الكأس هدفاً.
تمادي برشلونة في الاحتفالات يؤذي الكيان، والكل يعلم بأن الحظ لعب مع لاعبيه لبلوغ النهائي، انطلاقاً من مباراة غرناطة وصولاً إلى مباراة إشبيلية حيث كان للردهات الأخيرة دور في بقاء النادي الكاتالوني حيّاً في المسابقة.
ربما عانى برشلونة كثيراً في الموسم الفائت والأشهر القليلة الماضية، لذا جاء احتفاله مبرَّراً، غير أن هذا التتويج لا يعني شيئاً للمستقبل ولا يُبنى عليه، وهنا المشكلة.
فالنادي غير واثق من بقاء الأرجنتيني ليونيل ميسي، وبالتالي سيكون رحيله بمثابة نسفٍ لأيّ انتصار آنيّ.
ربما كان الأجدى ألا يفوز برشلونة بأي لقب، راهناً، لأن التتويج العابر بالكأس هو عملية ترقيع لواقع مرير سيفرض نفسه لاحقاً في حال وقوع الطلاق مع «ليو».
وبالتالي، كل شيء في «الكاتالوني» مرتبط بميسي.
نادٍ كبرشلونة لا يحتاج إلى التتويج بكأس كي يحفّز نفسه ولاعبيه، فهو مُطالب دائماً وأبداً بإحراز الألقاب، ثم إن بطولة الكأس لا يمكن أن تنقذ موسم نادٍ من طينة «العملاق الكاتالوني».
الموسم لم ينتهِ وما زال الصراع قائماً في الدوري المحلي، وهناك المعترك الحقيقي، وهناك فقط يصبح احتفال برشلونة، بهذا الشكل، مقبولاً، ليس فقط بالنسبة لعشاقه الفاهمين، بل أيضاً لعشاق الأندية الأخرى الذين صعقتهم ردات الفعل الكاتالونية بعد تتويج بكأس لا تمتّ بصلة إلى عظمة نادٍ كبير وُجد للفوز فقط بما هو «كبير».