فيما أكد السفير السوداني لدى الكويت عبدالمنعم الأمين، أن بلاده شهدت أخيراً تطورات مهمة نحو تحقيق الانتعاش الاقتصادي، وإزالة كافة التشوهات والاختلالات الاقتصادية، مع اتخاذ حكومتهم قراراً بتوحيد سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، لفت إلى أن «هناك مشاكل واجهت الجالية السودانية بالكويت، بسبب رفض بعض البنوك لتحويل مدخراتهم للبنوك السودانية من دون إبداء أسباب مقنعة».
وناشد الأمين، في حوار مع «الراي» جميع البنوك الكويتية، «دعم نفرة أفراد الجالية بالكويت، وتسهيل إجراءات تحويل مدخراتهم، بعد انتفاء كافة الأسباب والقيود الإجرائية التي كانت تحول دون تلك التحويلات، ومنها انتهاء العقوبات الاقتصادية على السودان»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى أن «الاستثمارات الكويتية واجهت خلال السنوات الماضية بعض العقبات الجوهرية، أهمها تحويل أرباح الشركات والمراسلات المصرفية المباشرة، بسبب الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على السودان لنحو ثلاثة عقود».
وتطرق إلى رغبة فرنسا في تنظيم مؤتمر خاص بالسودان يوم 17 مايو المقبل، عشية القمة الخاصة بالاقتصاد والتنمية في أفريقيا والتي من المقرر لها أن تعقد يوم 18 من الشهر نفسه، بحضور عدد من القادة الأفارقة وقادة المنظمات الدولية والإقليمية، لافتا إلى أن الجانب الفرنسي اقترح دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وزعماء وقادة دول الخليج العربي وممثلين للمنظمات الدولية والإقليمية والصين.
وفي ما يلي نص الحوار:
• ما أهم القرارات التي اتخذتها حكومة السودان الانتقالية في المجال الاقتصادي؟
- أهم قرار اتخذته الحكومة أخيراً، توحيد سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وجاءت فكرة توحيد سعر صرف الجنيه كأحد الحلول الأولية لإصلاح وهيكلة الاقتصاد السوداني، في ظل وجود أكثر من سعر لصرف الجنيه السوداني، مما أدى إلى وجود أسواق وهمية ومضاربات، أدت إلى تحول الاقتصاد إلى اقتصاد مضاربات بدلاً من اقتصاد استثمار نتيجة لتعدد سعر الصرف. هذا بالإضافة إلى اتخاذ سياسات أخرى مثل رفع الدعم من المحروقات والقمح لمنع تهريب هاتين السلعتين للدول المجاورة.
• ما الآثار الاقتصادية المترتبة على توحيد سعر صرف الجنيه السوداني؟
- لا شك أن الاتجاه نحو الاقتصاد الحر يعتبر الحل المناسب للاندماج في الاقتصاد العالمي، والمواطن السوداني سيجني ثمار تلك السياسات التي تؤدى داخلياً إلى استقرار في أسعار السلع والخدمات.
وعلى المستوى الخارجي، نتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتدفقات مالية من المانحين ولا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث تمنح تلك السياسات الضوء الأخضر لتلك المؤسسات وغيرها من المؤسسات الإقليمية والدول الغنية لتقديم قروض جديدة للسودان، ولعل أهم الآثار المتوقعة هو جذب الاستثمارات الأجنبية، لأن سياسة توحيد سعر الصرف تمكن وتسهل إجراءات تحويل أرباح الشركات من مختلف الدول ومن بينها بالطبع الشركات الكويتية العاملة في السودان.
ولاشك أن الاستثمارات الكويتية واجهت خلال السنوات الماضية بعض العقبات الجوهرية، أهمها تحويل أرباح الشركات والمراسلات المصرفية المباشرة وذلك بسبب الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على السودان لنحو ثلاثة عقود.
وبزوال العقوبات وفي ظل السياسات المالية والاقتصادية الأخيرة، تكون كل المعوقات التي كانت تقف في طريق الاستثمارات الأجنبية قد زالت تماماً.
• كيف يتسنى لسياسة توحيد سعر الصرف جذب القروض الأجنبية، في ظل ارتفاع حجم الدين المترتب على السودان؟
- لا شك أن ثروات السودان الهائلة والضخمة غير المستغلة في كافة المجالات، ولا سيما في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والطاقة والتعدين، كافية لمنح ضمانات لأي قروض جديدة. والدولة تعمل حالياً لإنشاء بورصات عالمية للسلع والمنتجات التي يتمتع بها السودان بمزايا نسبية، مثل الصمغ العربي والسمسم والكركديه والفول، حيث سيتم ربط تلك الأسواق بالبورصات العالمية.
• هل تم تقديم دعوة للكويت للمشاركة في مؤتمر باريس؟
- أعلنت فرنسا عن رغبتها في تنظيم مؤتمر خاص بالسودان يوم 17 مايو المقبل، عشية القمة الخاصة بالاقتصاد والتنمية في أفريقيا المقررة يوم 18 من الشهر نفسه، بحضور عدد من القادة الأفارقة وقادة المنظمات الدولية والإقليمية، وقد اقترح الجانب الفرنسي دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وزعماء وقادة دول الخليج العربي وممثلين للمنظمات الدولية والإقليمية والصين.
والكويت تأتي على رأس قائمة الدول المستهدفة بالمشاركة على خلفية العلاقات المتميزة بين البلدين، وتجربة الكويت والشركات الكويتية بأهمية الاستثمار في السودان، حيث تعتبر الكويت من أكبر الدول المستثمرة في السودان، بالإضافة إلى مساهمة الصناديق الكويتية في تمويل معظم مشاريع البنى التحتية، كما تتيح الفرص الاستثمارية الضخمة التي سيعرضها مؤتمر باريس وما يشكله من دعم قوي للسودان للشركات الكويتية في إيجاد فرص مناسبة واستثمار استراتيجي من الممكن أن يمثل رافداً لتنويع مصادر الدخل في الكويت.
• ما المعوقات التي واجهت أفراد الجاليات في الخارج لدعم سياسات توحيد سعر الصرف؟
- في ما يتعلق بتوحيد سعر الصرف، فقد وجدت هذه السياسة تجاوباً واسعاً من أفراد الجاليات السودانية في مختلف المهاجر، فتفاعلوا في نفرة وفزعة وطنية لتحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية.
إلا أن هناك مشاكل واجهت الجالية السودانية بالكويت، بسبب رفض بعض البنوك تحويل مدخراتهم للبنوك السودانية من دون إبداء أسباب مقنعة، وإنني أنتهز هذه المقابلة لأناشد جميع البنوك الكويتية دعم نفرة أفراد الجالية بالكويت وتسهيل إجراءات تحويل مدخراتهم، بعد انتفاء كافة الأسباب والقيود الإجرائية التي كانت تحول دون تلك التحويلات، ومنها انتهاء العقوبات الاقتصادية على السودان.
كما نأمل أن يتم التواصل بين البنوك التجارية بين البلدين، لاستعادة شبكات المراسلين وخلق علاقات مصرفية جديدة وتنشيط العلاقات القديمة، وذلك لدعم الاستثمارات المشتركة ومساعدة الشركات الكويتية العاملة في السودان لتحويل أرباحها، وكذلك دعم وتسهيل حركة الصادرات بين البلدين، علماً أن التواصل بين المصارف السودانية وبعض المصارف الكويتية قد بدأ بالفعل لفتح حسابات مصرفية للبنوك السودانية لدى البنوك الكويتية، لتسهيل التحويلات المالية وحركة الصادرات بين البلدين.
عودة السودان للنظام المصرفي العالمي
أشار السفير عبدالمنعم الأمين إلى عودة السودان للنظام المصرفي العالمي، عبر إطلاق نظام بطاقات الائتمان العالمية التي تتيح للمواطن السوداني أينما وجد باستخدام تلك البطاقات لجميع الأغراض التجارية والاستثمارية، وقد بدأت البنوك السودانية بالفعل بإصدار تلك البطاقات بعد أن أثبتت قدرتها على مواكبة أحدث التقنيات المصرفية المعمول بها في العالم.
حل مشكلة الديون
ذكر الأمين أن مشكلة ديون السودان في طريقها للحل النهائي، بعد أن حصل السودان على تصنيف يؤهله للانضمام لمبادرة «هيبك» في شأن إلغاء الديون، كما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن تقديمها قرضاً موقتاً بقيمة 1.15 مليار دولار، لمساعدة السودان في تسوية متأخرات لدى البنك الدولي.
أهداف مؤتمر باريس
أشار السفير إلى أن مؤتمر باريس لدعم السودن لا يستهدف بالدرجة الأولى جمع الهبات والتبرعات، وإنما يستهدف ويركز على إقامة شراكات اقتصادية وفقاً للمصالح والمنافع المتبادلة التي يمكنها تحقيق الأرباح للشركات الراغبة والنتائج المرجوة لتنمية وتطوير الاقتصاد السوداني.