بشكل مفاجئ، انفرجت أزمة وباء كورونا المستجد، وتوقع الرئيس جو بايدن بأن تفرغ الولايات المتحدة من عملية التلقيح ضد الوباء لكل السكان، في وقت أسرع من إعلانه السابق، اذ توقع انتهاء عملية التلقيح أواخر مايو المقبل، بعدما كان سبق له أن اعتبر أن التلقيح سينتهي في نهاية يوليو.
وجاء الإعلان الرئاسي على خلفية مصادقة الوكالات الفيديرالية المتخصصة على استخدام لقاح «جونسون اند جونسون»، الذي يتفوق على «فايزر» و«موديرنا» بأنه لا يحتاج لحرارة منخفضة للتخزين، وهو ما يجعل توزيعه، خصوصاً في المناطق الريفية والنائية، عملية يسيرة.
كذلك، يكتفي «جونسون» بحقنة واحدة، بدلاً من حقنتين كما في اللقاحات الأخرى، وهو ما يعني أن الأربعة ملايين جرعة التي سلّمتها الشركة للحكومة ستؤدي الى تلقيح عدد مطابق من الأميركيين.
على أن «جونسون» يتخلّف عن اللقاحات الأميركية الأخرى بأن نسبة فعاليته أدنى قليلاً، ولكنها كافية لحماية من يتم حقنهم به من إمكانية المرض الشديد أو دخول المستشفى، كما من المتوقع أن يمنع اللقاح الملقحين من نقل الفيروس.
ودفع تفضيل بعض الأميركيين اللقاحات غير «جونسون»، المسؤولين الصحيين الحكوميين، إلى الإدلاء بتصريحات حثوا فيها المواطنين على «الحصول على أي لقاح يمكنهم الحصول عليه»، حسب الدكتور انتوني فاوتشي، رئيس دائرة مكافحة الأمراض المعدية في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية، وهو وكالة حكومية فيديرالية.
وفي مؤتمر صحافي، قال فاوتشي إنه يمكن من الآن وصاعداً «لمجموعات صغيرة من الأشخاص ممن تم تطعيمهم جميعاً بشكل كامل أن يتلاقوا معاً في الأماكن المغلقة»، مضيفاً أن «الأنشطة التي تتجاوز ذلك ستعتمد على البيانات والنماذج» التي ترد الإدارة بشكل دوري.
ووعد فاوتشي أن مركزه سيقدم للمواطنين، قريباً، «إرشادات حول ما يمكن أن يفعله بأمان الأشخاص الملقحين».
ووصل عدد متلقي اللقاح في الولايات المتحدة، بجرعة واحدة على الأقل، 22 في المئة أو ما يمثل 51 مليوناً من عدد السكان، وهو ما يضعها في المرتبة الرابعة عالمياً في التلقيح بالنسبة لعدد سكانها.
أما أعداد الإصابات بالوباء والوفيات فقد استقرت على مدى الأسبوع الماضي بعدما كانت في انخفاض على مدى الأسابيع السابقة.
على أن تعثر الانخفاض في عدد الحالات لم يمنع عدد من الولايات من رفع بعض القيود التي كانت تفرضها، فقامت تكساس الجنوبية بإلغاء كل القيود، بما في ذلك ارتداء كمامة، فيما أعلنت ماساشوستس الشمالية سماحها للمطاعم بالعمل واستقبال زبائن، بحسب العدد الذي يسمح به ترخيص كل مطعم، وسمحت لدور السينما والمسارح باستقبال رواد يمثلون نصف العدد الإجمالي التي تقدر على استيعابه.
في الأثناء، أعلنت المدارس في غالبية الولايات العودة الى التدريس الحضوري ابتداء من منتصف مارس الجاري.
وفي وقت تستقبل بعض المدارس كل طلبتها، قامت مدارس أخرى باستقبال نصف طلابها في أسبوع، ومواصلة التعليم عن بعد للنصف الآخر، ثم تقوم باستبدال الحاضرين ومن يتعلمون في بيوتهم في الأسبوع التالي.
مسارعة حكومات الولايات الى تخفيف القيود، أثارت مخاوف بعض الخبراء الصحيين، الذين حذّروا من مغبة الانفتاح السريع، وقالوا إن من شأن التهور في العودة الى الحياة الطبيعية أن يؤدي الى موجة إصابات رابعة، وهو ما يؤدي بدوره الى تأجيل التغلب على الوباء.
وأشار الخبراء الى أنه في وقت انخفضت الإصابات من 250 ألفاً يومياً، مطلع العام، الى 35 ألفاً اليوم، ما أعفى المستشفيات من الضغط الهائل الذي كانت تعانيه بسبب ازدحام المرضى لديها، إلا أن الانخفاض قد يعود الى الارتفاع في حال تخلى المواطنون عن حالة الحذر التي يعيشونها والتي سمحت، الى جانب التلقيح الذي يكاد يغطي كل المتقدمين في السن وأصحاب الحالات المرضية المزمنة، الى الانخفاض الكبير في الإصابات وحالات الموت.
وكان عدد الوفيات بسبب الوباء تعدى عتبة نصف المليون (530 ألفاً)، لكن الأميركيين يتمسكون بالتفاؤل، خصوصا مع اقتراب انتهاء فصل الشتاء وبدء فصل الربيع.
وبحسب تجربة العام الماضي، ساهم ارتفاع درجات الحرارة في انخفاض عدد الاصابات بسبب تمضية الناس أوقاتهم في الهواء الطلق، وارتفعت في الخريف والشتاء الذين فرضا على الأميركيين البقاء في الأماكن المغلقة، حيث ينتشر الوباء بسرعة وسهولة أكبر.
بدورها، قالت مديرة «مركز السيطرة على الأمراض» الدكتورة روشيل والينسكي، إنها «قلقة حقاً» من التراجع عن القيود المفروضة في بعض الولايات.
وحذّرت من أنه مع توقف عدد الحالات عن الانخفاض، الأسبوع الماضي، ومع انتشار الفيروس بنسخاته المتحورة، هناك خطر أن «نفقد تماماً الإنجازات التي اكتسبناها بشق الأنفس».
وسبق لوالينسكي أن قالت إنه يجب أن تأخذ البلاد على محمل الجد مشكلة «توقف عدد الحالات عن الانخفاض».
وأضافت: «أعلم أن الناس متعبون ويريدون العودة إلى الحياة الطبيعية، لكننا لم نبلغ تلك المرحلة بعد».
في هذه الأثناء، واصل الكونغرس مباحثاته لاقرار حزمة جديدة من المساعدات المخصصة للتغلب على الوباء، بواقع تريليون و900 مليار دولار، وهو ما يوازي حجم الاقتصاد الايطالي بأكمله، أو مرة وثلث حجم الاقتصاد الروسي.
وحاول الديموقراطيون المصادقة على القانون بالغالبية البسيطة التي يتمتعون فيها بالكونغرس بغرفتيه، لكن المسؤول القانوني في الكونغرس اعتبر أن رزمة من هذا النوع لا يمكن أن تمر بغالبية بسيطة في مجلس الشيوخ، وهو ما يضطر الديموقراطيين للحصول على أصوات عشرة من أعضاء هذا المجلس من الجمهوريين.
وكان «الجناح التقدمي»، الذي يمثل أقصى اليسار في الحزب الديموقراطي، سعى لإضافة بند يفرض مضاعفة الحد الأدنى للأجور من 7.5 الى 15 دولاراً في الساعة، لكن اضطرار الحزب الى الاستعانة بالجمهوريين، الذين يرفضون رفع الحد الأدنى، قد يفرض على الديموقراطيين التخلي عن الموضوع، وهو ما من شأنه أن يثير استياء أقصى اليسار من الديموقراطيين ويسلّط غضبهم على بايدن، المحسوب على المعتدلين المعروفين بـ «الليبراليين»، واتهامه بأنه ضعيف ويساير الجمهوريين أكثر من اللازم.
وكان البيت الأبيض طلب من المشرعين الديموقراطيين الإسراع في المصادقة على حزمة المساعدة الاقتصادية حتى لو لم يكن القانون، حسب ما يريدونه بالكامل.