بينما تعاني الكويت من أزمة مالية طاحنة بسبب ضعف السيولة وتزايد عجز الميزانية، وبعد أن استنفدت الحكومة سيولة صندوق الاحتياطي العام، ها هي توغل في استنزاف سيولة صندوق احتياطي الأجيال القادمة، غير مكتفية بالخطوات التي اتخذتها خلال الفترة القليلة الماضية، والتي أثرت سلباً على سيولة «الأجيال».
وفيما كانت الحكومة قد بدأت، على استحياء، في عملية الانقضاض على سيولة صندوق الأجيال، عبر سلسلة من الإجراءات، بدأتها بوقف استقطاع حصة الصندوق المحددة بنسبة 10 في المئة من إجمالي الإيرادات الفعلية للموازنة، ثم إجراء مبادلات ونقل أصول، قدمت مشروع قانون صادماً أمس إلى مجلس الأمة يجيز سحب 5 مليارات دينار سنوياً من صندوق الأجيال لمواجهة أي عجز يطرأ على الاحتياطي العام للدولة.
ويعتبر مشروع القانون الحكومي الجديد الأجرأ على أموال «احتياطي الأجيال»، وهو أمر لم يحدث حتى إبان معالجة آثار الغزو العراقي، إذ عمدت الدولة حينها إلى الاقتراض وليس الأخذ من الصندوق.
ويعاكس التوجه الحكومي ما أكدته وكالات التصنيف العالمية، وآخرها «موديز» بأن «السماح بالوصول إلى أصول صندوق الأجيال القادمة لأغراض الميزانية، يخفض أصول صناديق الثروة السيادية على المدى المتوسط، وذلك في غياب قانون جديد للدين العام».
وكان مجلس الأمة أقر في أغسطس الماضي تعديل المرسوم بقانون في شأن احتياطي الأجيال القادمة والذي نص في مادته الثالثة على أنه «لا يجوز أخذ أي مبلغ من احتياطي الأجيال القادمة».
وعلى موجة واحدة، كان الرفض النيابي مدوياً للمساس بأموال صندوق الأجيال، ومد اليد للسحب منها، فيما بررت الحكومة المشروع بـ «الظروف الاقتصادية بسبب الانخفاض الحاد في الإيرادات النفطية، بما قد يؤثر بالسلب على الاحتياطي العام للدولة وإلى شح السيولة النقدية».
وأعلن عبدالله المضف: «لن نسمح لأي يد تمد على ثروة أجيالنا القادمة، تحت أي مبرر»، فيما اعتبر النائب ثامر السويط أن«الحكومة العاجزة لن تأتي إلا بحلول عاجزة».
وقال النائب مهند الساير:«لن نقبل بمرور هذا النوع من التخبط المالي، الذي يعكس سلطة لا تملك بُعد نظر ولا رؤية واضحة، وتتعامل مع هذا الوطن معاملة الشركة الخاصة»، بينما وصف النائب حسن جوهر خطوة السحب من احتياطي الأجيال بأنها «منتهى العبث»، محذراً رئيس الوزراء: «إذا كانت هذه سياستك وهذه قدراتك فلا تحاول أنك ترجع مجلس الأمة مرة أخرى وأنت أمام هذا العبء الثقيل من المسؤوليات والفشل والاخفاقات».
من جهته، قال النائب الدكتور عبدالكريم الكندري: «من أنهكوا الاحتياطيات المليارية لايزالون أحراراً، ومن عاثوا بالبلاد فساداً يتصدرون مراكز القرار، لا تُفتح الخزائن واللص طليق، لا لقانون السحب من احتياطي الأجيال».
ورأى النائب يوسف الفضالة أن «مشروع القانون ما هو إلا حلقة متكررة من سلسلة مشاريع فاشلة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية وأزمة السيولة والاختلالات المالية»، فيما شدد النائب بدر الملا على أن «هذا المشروع مرفوض جملة وتفصيلاً لمعالجة الأزمة الاقتصادية، ولن تمتد أيديكم الى صندوق الأجيال، وأفواه الهدر مفتوحة وأيدي الفساد لم تحاسبوها».
وأعلن النائب أسامة الشاهين أن مشروع سحب 5 مليارات سنوياً من صندوق الأجيال «خطير ومرفوض، وسنسقطه كما أسقطنا مشروع الـ3 مليارات، وقرض الـ30 ملياراً من قبله».