مسمار جديد دقته مِطرقة الحكومة في نعش الثقة في قراراتها بعدما بطشت ببعض أنواع الأعمال والمشاريع الصغيرة التي عانى أصحابها والعاملون فيها الويلات طوال عام كامل مضى، والآن فيما هم مازالوا يلعقون جراحهم ويحاولون التغلب على مصاعب إغلاقهم ويتابعون قضايا الإيجارات المتراكمة والرواتب المعلّقة والديون، قرّرت الحكومة هكذا ببساطة إطلاق رصاصة الرحمة على مشاريعهم... بإغلاقها من جديد، غير آبهة بما تراكم عليهم ولا بما ترتب تجاههم من استحقاقات.
هؤلاء الشباب هل هم المخطئون؟... لأنهم صدقوا الحكومة عندما رفعت يوماً شعار «هدّه خله يتحدى»؟... مثلما صدقنا نحن من قبلهم شعار «كويت خضراء» ورأيناها «چلحاء ملحاء»، وصدقنا من قبل ذلك أننا عاصمة مالية وتجارية ورأيناها طاردة حتى لأعمال أبنائها ممن تستقطبهم دول الخليج للعمل فيها وننكل نحن فيهم، وقبل هذا كله صدقنا شعارنا في الثمانينات «صُنع في الكويت»!... وكلنا رأينا المصير المحدق بمعظم من اتجهوا إلى الصناعة حقاً، ولم ينجُ منهم إلا من قطع أرضه الصناعية «دكاكين» وجلس مرتاحاً ينتظر ريعها نهاية كل شهر.
وحتى لا نُفهم خطأ، نحن لسنا ضد الاحترازات، ونحن نؤمن أن من حق الحكومة أن تتخذ إجراءاتها الاحترازية، نعم، ولكن ليس من حقها أن تدفع أصحاب الأعمال إلى الانتحار الاقتصادي والإغلاق القسري مهما قدّموا من التعاون والضوابط... ورغم كل التضحيات التي قدّموها سابقاً... ورغم كل استعداداتهم للتعاون حاضراً ومستقبلاً.
هؤلاء الشباب لو كانوا قادرين على الصمود أكثر لصمدوا، ولو كانوا قادرين على التحمل لتحمّلوا، ولو كانوا قادرين على كتم صيحاتهم لفعلوا... لكن السكين وصلت العظم والألم يفوق كثيراً ما تسمعه الحكومة من الصراخ.
ما تجنيه الحكومة اليوم بقراراتها وما ينتج عنها هو أنها أفقدت الكثير من الشباب الثقة في العمل الخاص، فإن عملت لدى الغير فإنك تواجه خطر «التسريح» في كل لحظة، وإن عملت في مشروعك الخاص فأنت تواجه خطر «التفليس» دوماً، خصوصاً في ظل اضطراب القرارات وعدم موضوعيتها.
سمو رئيس الوزراء...
لقد أثلج صدورنا كثيراً الإعلان أمس عن استعدادكم لإعادة النظر في قرار إغلاق بعض الأنشطة، إنهم - يا سمو الرئيس - أبناؤك، فانظر إليهم بعين الأب، واسمع منهم بأُذن المسؤول، واعلم أن لديهم من الحجة والمنطق الكثير... وبعدها اتخذ ما يمليه عليك ضميرك من القرارات.