استخدم الزميل فنان الكاريكاتير بدر بن غيث قطع «الدامة» في بثّ آرائه السياسية والاجتماعية، من خلال معرضه الكاريكاتيري الأول الذي أقامه افتراضياً تحت عنوان «زمن الدامة»، في سياقات فنية تتحاور مع الواقع الكويتي بكل تحدياته وآماله وأحلامه، متخذاً من قطعة «الدامة» التي كانت تستخدم في الألعاب الشعبية القديمة، محوراً مشتركاً للأعمال المعروضة كافة، كاشفاً من خلالها عن السلبيات التي يجب الانتباه إلى وجودها على الساحة المحلية خصوصاً السياسية منها، ومن ثم تقديم أفكار ورؤى بسيطة في طرحها إلا أنها عميقة في مدلولاتها ومعانيها، مستفيداً من الحيّز الكبير الذي يمنحه فن الكاريكاتير للنقد السياسي أو الاجتماعي، برسومات معبّرة وكلمات قليلة، أو حتى من دون وضع كلمات، غير أن معانيها الإرشادية، متاحة وسهلة الفهم من قِبل المتلقي. يقول بن غيث عن معرضه: «رغم جائحة كورونا التي أدّت بإجراءاتها الاحترازية إلى التضييق في إقامة المعارض، لكن أثير الانترنت ما زال واسعاً، ويتسع للجميع، وبالتالي ففي معرضي الافتراضي الأول، أقدّم مجموعة من الرسومات الكاريكاتيرية التي نشرتها خلال 4 سنوات مضت في جريدة (الراي)، ووضعت رمز (الدامة) أيقونة فيها، محركاً قطعة الحطب الرمزية في العمل الفني، تاركاً في كل لوحة بُعدها الخاص، وصراعاً يدركه الشارع المحلي الساخن بالقضايا السياسية».
وأضاف «أن هذا المعرض هو في أساسه تفاعلي مع الجمهور، وبحكم أن قاعات الفنون مغلقة، وحتى لو مفتوحة، فلن تتسع للأعمال ولا للجمهور بسبب كورونا، فرأيت أنه بدلاً من انتظار عودة الأمور إلى طبيعتها، يجب أن أقدم شيئاً للمتلقي، ربما يساهم في وعيه، وقدرته على اكتشاف بعض الأمور التي قد تكون خافية عنه، ومن ثم التفكير فيها، ليكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه». واستطرد قائلاً «شاركت في المعرض التشكيلي لمهرجان القرين الثقافي عام 2017 وقدمت عملين الأول عبارة عن برميل محاط برمل، وفيه عدد من قطع الدامة ووضعت قطعة واحدة فوق البرميل... أما العمل الثاني فكان عبارة عن سلم خشبي وضعت عليه بشتاً أسود». وأوضح أنه يستخدم الدامة كي يمنح للمتلقي وقتاً لتفكيك الرموز في أعماله وجمعها، للحصول على المعنى بدلاً من وجود تعليق يضعف من قيمته الفنية، لأن الكارتون الصحافي يتطلب البحث عن رموز يسهل تحريكها ومن ثم استيعاب معانيها، متابعاً «الرسم بالرموز يدفع المتلقي لاستيعاب الحدث، والتفاعل بين عناصر اللوحة من دون البحث عن ترجمة لغوية».
يذكر أن «الدامة» لعبة شعبية ظهرت عام 1100م جنوب فرنسا وانتشرت في معظم الدول، وهي تشبه فكرة لعبة الشطرنج لكن هناك اختلافاً كبيراً بين اللعبتين، وهي منتشرة في الخليج، وتكاد تكون مقترنة بالدهاء الذي يمارسه السياسيون، ويلعبها كبار السن في مجالسهم (الديوانيات) ويمارسون فيها (تكسير الراس)، وقد تطوّر شكل القطع من مسطح إلى شبه كروي، بألوان عدة أشهرها الأصفر والأسود.