كرر أنتوني بلينكن، خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، للمصادقة على تعيينه وزيراً للخارجية، تصريحات الرئيس الجديد جو بايدن حول السياسة الخارجية، خصوصا في الموضوع الإيراني، حيث تسعى الإدارة الجديدة الى تقديم نفسها وكأنها تسعى لإصلاح الأخطاء التي ارتكبها الرئيس السابق دونالد ترامب، فيما هي في الواقع تعمل على العودة الى ما كانت عليه الأمور قبل انسحابه من الاتفاقية النووية مع طهران.
وقال بلينكن، من ناحية ثانية، أن «لا أحد منّا يبكي قاسم سليماني، وأنا رأيت الدماء على يديه.
والسؤال ليس إذا كان قتله هو الصحيح، بل عواقب ذلك»، وذلك رداً على تذكيره بقول سابق له إن مقتل قائد «فيلق القدس» السابق، «لم يحسن أمننا الوطني مع أنه كان العقل المدبر خلف مقتل مئات الأميركيين».
كما أكد بلينكن، أن بايدن يدعم «حلّ الدولتين» لتسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وسيبقي السفارة في القدس، وتعهد «إعادة النظر فوراً» بقرار تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية».
ووافق سياسة ترامب صينياً، معتبراً أنها «كانت محقة في اتباع نهج صارم تجاه بكين».
وافتتح الجلسة ليل الثلاثاء - الأربعاء، السيناتور الجمهوري جيم ريش، الذي يترأس اللجنة حتى نهاية الأسبوع، وقال إنه لا يمكن الفصل بين الموضوعين النووي ونشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وأن عائدات الاتفاقية النووية مالياً سمحت للإيرانيين بتمويل الميليشيات في المنطقة.
وقال ريش إن «أي اتفاقية جديدة مع إيران عليها أن تتضمن اتفاقاً حول نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، خصوصا في موضوعي الصواريخ والميليشيات».
وأضاف أن «نظام إيران يعتقد أنه نجح في الانتظار حتى نهاية الضغط عليه، لكن على الرئيس بايدن أن يستفيد في المفاوضات المقبلة من القوة التي منحته إياها عقوبات ترامب»، وأن يسعى «للتنسيق مع حلفائنا في المنطقة، خصوصا إسرائيل ودول الخليج».
واعتبر السيناتور أن «أي اتفاقية جديدة مع إيران يجب أن يتم تقديمها كاتفاقية دولية حتى يوافق عليها مجلس الشيوخ، على عكس الاتفاقية الماضية التي تم تكريسها في مجلس الأمن».
ورحب بوعد بلينكن القائل إنه «قبل بدء المفاوضات وخلالها وبعدها، سيكون هناك عرض تام للتطورات أمام مجلس الشيوخ».
بدوره، قال السيناتور الديموقراطي روبرت مينينديز، والذي سيترأس الجلسة مع مطلع الأسبوع المقبل مع انتقال الغالبية في المجلس من الجمهوريين الى الديموقراطيين، إنه لم يكن «مسانداً للاتفاقية النووية، لكن انسحاب ترامب من دون التنسيق مع الحلفاء عرّض أمننا من دون أن يضبط إيران».
وأكد دعمه للعودة الى الديبلوماسية، «لكن العودة إلى الاتفاقية على ما هي عليه لا تكفي، وأعتقد أن هناك دعماً من الحزبين حول هذا الأمر»، بحسب قوله.
بدوره، قدم بلينكن عرضاً سريعاً لهرب أجداده من الاضطهاد في أوروبا، بما في ذلك من «الهولوكوست» ضد اليهود. واقتبس من قول سابق لبايدن قال فيه إن «الولايات المتحدة لا يمكنها أن تقود بمثال القوة، بل بقوة المثال».
وأكد «سنعيد إحياء الديبلوماسية، وسنشارك أينما كان ومتى كان، وسنفهم العالم، لا كما كان، بل كما هو الآن، حيث الديموقراطية تتراجع والديكتاتورية تتقدم».
أمام كل التغيرات، قال بلينكن: «أعتقد أن هناك بعض ما بقى على حاله، وهو قدرة أميركا على القيادة، وان رفضنا القيادة، فستصعد قوة بديلة، ولن تقوم بالقيادة بطريقة تناسب مصالحنا، لذا علينا القيام بعمل كثير في الداخل لتحسين صورتنا في الخارج».
وتابع الوزير المُعين أنه «لا يمكن لأي دولة أن تعمل وحدها، حتى لو كانت بقوة أميركا، ولا يمكننا التغلب على أزمة كوفيد، ولا يمكننا الفوز في منافسة الصين، ولا يمكننا أن نواجه أزمة التغيير المناخي الوجودية»، إلا بالتنسيق مع الحلفاء والأصدقاء حتى «نكون بموقع أفضل لمواجهة الطغيان ودعم الديموقراطية».
وفي افتراق لافت عن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، قال بلينكن إن إدارتي أوباما وترامب تجاهلتا الكونغرس في عملية صناعة سياستيهما الخارجيتين، وان إدارة بايدن تنوي انتهاج سياسة معاكسة بالتشاور معه في كل شؤون السياسة الخارجية.
وأضاف: «لا يمكن أي سياسة خارجية أن تكون مستدامة من دون دعم الشعب الأميركي، وأنتم ممثلو الشعب الأميركي، وسأعمل مع كل منكم للعمل على سياستنا الخارجية».
ثم تحدث مينينديز مجدداً، وقال إن «إيران ستكون واحدة من أصعب التحديات لأنها سرّعت التخصيب، في وقت انفصلنا نحن عن حلفائنا، ولم نتمكن من حملهم على الوقوف في صفنا في معارضة نهاية صلاحية حظر السلاح» الذي كان مفروضاً على طهران بموجب الاتفاقية النووية وانتهت صلاحياته في 18 أكتوبر الماضي.
وأضاف السيناتور الديموقراطي أن بعض الأمور تغيرت منذ توقيع الاتفاقية في خريف 2015، وأن «بعض البنود انتهت صلاحياتها، واذا ما أضفنا بقية نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار، تصبح العودة الى الاتفاقية غير ممكنة من دون تحصيل التزامات من إيران والعمل على تذليل العقبات التي تركتها الاتفاقية».
ومن الأفكار التي طرحها مينينديز امكانية إقامة بنك دولي للوقود النووي وتزويده للدول التي ترغب بانتاج الطاقة نوويا، من دون ضرورة قيامها بأي تخصيب، ويمكن أن «تستفيد كذلك منه دول الخليج».
ورد بلينكن بالقول إن بايدن «ملتزم ألّا تحصل إيران على سلاح نووي، وهذا ما نتشاركه مع هذه اللجنة، إذ أن حصول إيران على هذا النوع من السلاح يجعلها أخطر بكثير في نشاطاتها الأخرى، بما في ذلك دعمها للميليشيات... لذا لدينا مسؤولية عاجلة لمنع إيران من الحصول على سلاح، أو من الاقتراب من الحصول عليه».
وأشار الى أنه يعتقد أن «الاتفاقية النووية كانت قادرة وحدها على وقف اقتراب إيران من صناعة سلاح نووي.
أما التحدي اليوم، فيكمن في أن أميركا انسحبت من الاتفاقية، وأن إيران تقوم بالتخلي عن التزاماتها، وهو ما يعيدنا الى ما قبل الاتفاقية».
وبدا وكأن بلينكن يعتقد أنه يمكن لإدارة بايدن أن تستأنف من حيث توقفت ادارة أوباما، في الموضوع الإيراني، وتابع أن بايدن «يعتقد أن عودة إيران الى الاتفاقية تعني عودتنا، ويمكن استخدام ذلك للتوصل لاتفاقية ذات مدى أطول، خصوصا حول الصواريخ والميليشيات»، وهي الفكرة نفسها التي دأب على تكرارها أوباما، ومفادها بأن الاتفاقية هي نقطة البداية التي يمكن البناء عليها، في وقت كانت طهران تكرر دائماً أن الاتفاقية هي نهاية المطاف بينها وبين المجتمع الدولي.
على أن بلينكن قال انه يعتقد أن أميركا وإيران لا تزالان بعيدتين عن العودة للاتفاقية الماضية، و«علينا أن نرى ما الذي ستقوم به، وان كانت صادقة، ومن ثم نتصرف.
ولكن بالتأكيد سنتصرف بالتنسيق معكم ومع الحلفاء، بما في ذلك إسرائيل ودول الخليج».
وبالرد على سؤال لأحد الشيوخ ذكّر فيه بلينكن بقول سابق له إن «مقتل (الجنرال الإيراني) قاسم سليماني لم يحسن أمننا الوطني مع أنه كان العقل المدبر خلف مقتل مئات الأميركيين»، أجاب الوزير الجديد أن «لا أحد يبكي قاسم سليماني، وأنا رأيت الدماء على يديه.
والسؤال ليس اذا كان قتله هو الصحيح، بل عواقب ذلك».
ثم حاول بلينكن تبرير معارضته مقتل سليماني بالإشارة الى العواقب التي نجمت عنها، ولكنه لم ينجح في تقديم ما من شأنه أن يدعم موقفه.
أمن إسرائيل «مقدس»! وعن حلفاء الولايات المتحدة، قال بلينكن إن «أمن إسرائيل مقدس، وهذا ما يعتقده الرئيس (بايدن)، وأول زيارة خارجية له يوم كان عضواً في هذه اللجنة كانت الى إسرائيل، ويومها التقى رئيسة حكومة اسمها غولدا مائير، وكان مساعدها شاب اسمه اسحق رابين».
وأكد أنّ بايدن لن يعود عن قرار إدارة ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنه يرى أنّ التسوية الوحيدة القابلة للاستمرار في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي هي «حلّ الدولتين».
وطرح السناتور الجمهوري تيد كروز على بلينكن سؤالاً في شأن ما إذا كانت إدارة بايدن ستواصل السياسة التي انتهجتها إدارة ترامب في شأن هاتين المسألتين، ومن دون تردّد أجاب «أجل وأجل».
وأوضح بلينكن أن «الرئيس وأنا شخصيا نعتقد أنّ السبيل الوحيد لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية مع إعطاء الفلسطينيين دولة يحقّ لهم بها، هو عبر حلّ الدولتين».
لكنه أضاف «واقعياً أعتقد أنّه سيكون من الصعب تحقيق أي شيء على هذا الصعيد في المدى القصير».
ودعا الإسرائيليين والفلسطينيين فوراً «إلى تجنّب اتّخاذ خطوات تزيد هذه العملية تعقيداً».
كذلك أعلن بلينكن أنّ الإدارة الجديدة لن تعود عن القرار المثير للجدل الذي اتّخذه ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأنها ستبقي كذلك على السفارة الأميركية في القدس.
الحوثيون وتعهّد بلينكن «إعادة النظر فوراً» بقرار وزير الخارجية المنتهية ولايته مايك بومبيو تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية».
وقال: «سنقترح إعادة النظر فوراً بهذا القرار لضمان عدم إعاقة وصول المساعدات الإنسانية».
نهج صارم تجاه الصين وقال بلينكن، خلال الجلسة إنه «لا يوجد شك» في أن الصين تمثل التحدي الأخطر أمام الولايات المتحدة مقارنة بأي بلد آخر، مضيفاً أنه يعتقد بوجود أساس قوي جداً لوضع سياسة للحزبين الديموقراطي والجمهوري للوقوف في وجه بكين.
وعندما سئل عما إذا كان يتفق مع تقييم أعلنه مايك بومبيو وزير الخارجية في إدارة ترامب بأن الصين ترتكب إبادة جماعية بحق الأقلية المسلمة، رد «كان هذا سيكون تقديري أيضا».
وأضاف «إدخال الرجال والنساء والأطفال إلى معسكرات احتجاز، ومحاولة التأثير فيهم وإعادة تعليمهم حتى يصبحوا مؤيدين لأيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني، كل هذا يظهر سعيا لارتكاب إبادة جماعية».
وتنفي الصين اتهامات واشنطن بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
بدوره، أشار السناتور الجمهوري ميت رومني، في موقف يبدو أنه بات يعكس موقف الحزبين ويعاكس مواقف وسياسات ترامب، أن انخراط أميركا «في العالم ضروري، ولا يعني ذلك بالضرورة الانخراط في حروب».
ودعا بلينكن الى مراجعة التقارير الإخبارية حول صحة المرشد الأعلى علي خامنئي، ووضع الاقتصاد، إذ أن الظروف قد تفتح الباب أمام موقف أميركي أكثر صرامة، والبناء على نجاحات الإدارة السابقة تجاه إيران.
«إقصاء» 12 عنصراً في الحرس الوطني
أوستن يعد بمكافحة التطرف في صفوف الجيش الأميركي
تعهد وزير الدفاع الأميركي الجديد لويد أوستن، مكافحة التطرف في الجيش بعد مشاركة جنود بملابس مدنية في الهجوم على مبنى الكونغرس (الكابيتول) من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وقال أوستن (67 عاما)، أول أميركي من أصل أفريقي يتولى قيادة البنتاغون، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، ليل الثلاثاء، «سأفعل كل ما في وسعي لتخليص صفوفنا من العنصريين والمتطرفين»، بينما أعلنت وزارة الدفاع أنّ الحرس الوطني أقصى 12 عنصراً من المهمّة الأمنية المكلّفة تأمين حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.
وقال قائد الحرس الوطني الجنرال دانيال هوكانسون، إنّ اثنين من العناصر الـ12 الذين تم إقصاؤهم أدليا بـ«تعليقات أو كتابات في غير محلّها».
وأكد أوستن، الجنرال السابق في سلاح البر، الذي يفترض أن يقر مجلس الشيوخ تعيينه، أن «مهمة وزارة الدفاع هي حماية أميركا من أعدائنا لكن لا يمكننا تنفيذها إذا كان بعض هؤلاء الأعداء يختبئون في صفوفنا».
وعن التهديد الرئيسي الذي تواجهه الولايات المتحدة، ذكر أوستن جائحة «كوفيد - 19» قبل الصين.
لكنه أضاف أن «الصين هي المشكلة الأصعب (...) والأكثر تعقيدا».
وشدد على أن الولايات المتحدة تريد ردع بكين عسكرياً ولكنها تريد التعاون مع الصين اقتصادياً.
واعتبر أوستن أن طهران لا تزال «عاملاً لزعزعة الاستقرار في المنطقة» وسيكون امتلاك نظامها سلاحاً نووياً أمراً خطيراً.
ولم يكشف الوزير المعين، خططه لقيادة الجيش، لكن في ردود خطية مقدمها إلى المسؤولين المنتخبين، قال إنه ينوي مراجعة قرارات الانسحاب من ألمانيا والصومال التي أرادها ترامب.
لكنه عبّر عن تأييده الانسحاب من أفغانستان، مركزاً على عمليات مكافحة الإرهاب في المستقبل.
روحاني يرحب بانتهاء حكم «النحس»
على وقع تولي جو بايدن رسمياً رئاسة الولايات المتحدة خلفاً لدونالد ترامب، حض الرئيس الإيراني حسن روحاني الإدارة الجديدة على العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات المفروضة على طهران، مرحباً بانتهاء عهد «مستبد» و«طاغية».
وقال خلال اجتماع حكومي أمس: «الكرة في ملعب الولايات المتحدة الآن.
إذا عادت واشنطن إلى الاتفاق النووي، فإننا سنحترم أيضا التزاماتنا تماماً بموجب الاتفاق».
وأشاد روحاني بنهاية عهد «طاغية» في إشارة إلى ترامب، قائلاً: انتهت «حقبة طاغية آخر»، مع «اليوم الأخير من حكمه النحس».
بدوره، قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن على الرئيس الجديد جو بايدن «أن يعرف أن مسؤوليته هي رفع هذه العقوبات»، معتبراً أن تنفيذ التزامات مختلف أطراف الاتفاق هو «أمر غير قابل للتفاوض».
وبالتوازي مع مغادرة ترامب سدة الحكم، أدرجت طهران الرئيس المنتهية ولايته وعدداً من كبار المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين على القائمة السوداء بسبب «أعمال إرهابية ومناوئة لحقوق الإنسان»، في خطوة رمزية إلى حد بعيد.
في الأثناء، اعتقلت السلطات الأميركية أستاذاً إيرانياً مقيماً في الولايات المتحدة بعدما اتهمته وزارة العدل بانتهاك قانون الوكيل الأجنبي من خلال العمل كوكيل غير مسجل لصالح النظام الإيراني.
وقال المدعون، في بيان، ان أفرسيابي، وهو مواطن إيراني، صوّر نفسه على أنه سياسي وأستاذ وخبير في الشؤون الخارجية بينما كان «يعمل سراً» لصالح النظام الإيراني منذ عام 2007 على الأقل.
من ناحية أخرى، كتب ظريف، في تغريدة على «تويتر»، «إيران ترحب بدعوة أخي وزير الخارجية (الشيخ) محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لحوار شامل في منطقتنا».