رؤية ورأي

النائب سالم الطويل

30 ديسمبر 2020 10:00 م

في الصباح الباكر من يوم الثلاثاء الذي عقدت فيه جلسة انتخاب أعضاء اللجان البرلمانية، نشر الشيخ سالم الطويل عبر حسابه في «تويتر» مقطع فيديو يشكر فيه النائب الدكتور بدر الداهوم على تحكيم العقل والعدول في حث الشباب على حضور تلك الجلسة، ثم ينصحه ألّا يضع يده بيد من ليس على دينه، ولا بيد أقوام ذوي مناهج مُخلّة وتابعة لتنظيمات خارجية.

رغم أنني سعدت باحتواء تبعات رسالة الشيخ الاستفزازية من خلال موجة استنكار واسعة بادر بها سياسيون ونشطاء في منصات التواصل الاجتماعي، إلا أنني في الوقت ذاته كنت وما زلت قلقاً من حيثيّات احتوائها، لكونها من الشواهد على تنامي قدرات إعلام تكتّل المعارضة على التحكّم في الرأي العام بصورة شبه أحادية القطبية على مستوى الدولة.

من خلال مراجعة سريعة لأزمات الاحتقان الفئوي التي ابتلى بها المجتمع الكويتي خلال السنوات الأخيرة، نلاحظ وجود دورين محوريين لشخصيات بارزة في تكتّل المعارضة: إما المشاركة في افتعال وتأجيج تلك الأزمات، وإما التصدّي والتهجم على كل من يواجه المؤزمين. ومن باب المثال، أكتفي بالإشارة إلى دور تلك الشخصيات في تأجيج الاحتقان وتمزيق النسيج الاجتماعي إبان عودة الكويتيين من إيران مع بداية انتشار جائحة كورونا في دول المنطقة. وفي المقابل، نجد أن نصيحة الشيخ الاستفزازية، التي لم يدعمها هؤلاء الشخصيات، اقتصر مداها على ساعات قليلة.

المراد أن مثل تلك الشخصيات عنصر أساسي في الفتن التي تمزّق النسيج الاجتماعي.

قلقي من التناقض في ثقافتنا السياسية، الذي يظهر جليّاً عندما نرفض كمجتمع رسالة الشيخ الاستفزازية، وهو مواطن محدود الصلاحيّات، ولكننا في الوقت ذاته نتقبل وجود أعضاء في السلطة التشريعية ملتزمون عمليا بعقيدة مثل هذا الشيخ السياسية الإقصائية.

بل اننا نفرح عندما يتم تشكيل تحالف نيابي يضم نوّاباً إقصائيين، ونتبنّاه كخيار إصلاحي بحجة أنه يحتضن فسيفساء المجتمع الكويتي، ونبرّر للنوّاب الوطنيين تحالفهم مع النوّاب الإقصائيين بذريعة العمل بالمشتركات، وإن كانت هذه المشتركات واضحة الانتقائية فاحشة الإقصاء.

تخوّفي من ضعف مناعة الوعي السياسي المجتمعي، لأنه مخترق من قبل تحالف إقصائي، قادر على توجيهه كيف يشاء. وموقفنا من حيثيات انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة خير دليل على أن منهجية تفكيرنا السياسي مخترقة، وأن مواقفنا من الأحداث البرلمانية تُحدّد من قبل تحالف إقصائي.

فالفرق الكبير في عدد الأصوات التي حصدها كل من النائبين المعارضين السيد بدر الحميدي والدكتور حسن جوهر، كمرشحين وحيدين من تحالف المعارضة لشغل منصبي رئيس المجلس ونائبه، كشف أن عدداً من النوّاب المنتسبين إلى تحالف المعارضة ملتزمون بالعقيدة السياسية التي يؤمن بها الشيخ الطويل.

وهذا بدوره أثار موجة غضب واسعة في المجتمع ضد التحالف الإقصائي. ولكن بعد تدخل إعلام تكتّل المعارضة، وجهت الأضواء بعيداً عن النوّاب الإقصائيين نحو النوّاب الشيعة وسُلطت على تساؤل طائفي كتب بأقلام يفترض أنها وطنية: هل صوّت النوّاب الشيعة للمرشح الشيعي؟ وحرصت هذه الأقلام والأفواه - التي تدّعي الوطنية - على مخاطبة الناخب الشيعي وتحريضه على النائب سيد عدنان بشكل خاص، لما يمثله من ركيزة صد أمام مشاريع التحالف الإقصائي.

يمكننا كمجتمع التسامح مع رسالة الشيخ الاستفزازية من باب احترام حريته في الاعتقاد والتعبير عن آرائه السياسية، ولكن من الخطورة المؤكّدة على أمننا الوطني القبول بوجوده عضواً في السلطة التشريعية.

ولذلك أدعو السلطتين التنفيذية والتشريعية المتوافقتين على تغيير قانون الانتخاب، إلى إضافة بند يحظر ترشح كل من يثبت التزامه بعقيدة سياسية إقصائية ترسخ التمييز الفئوي... «اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com