عن عمر ناهز الـ93 عاماً، ترجّل العم مشاري أحمد الحميضي، عن سفينة الحياة، تاركاً وراءه مسيرة مضيئة عامرة بالإنجازات والنجاحات، جعلت منه أحد الرجال الأوفياء والاستثنائيين الذين عرفتهم الكويت.
رحل عميد عائلة الحميضي صباح أمس، مخلّفاً وراءه سنوات طويلة أمضاها في تقديم النصيحة في ديوانه بمنطقة العديلية، فكان السبّاق إلى خدمة المواطنين من كل الأعمار، وتثقيفهم بتاريخ الآباء والأجداد، وبدايات الكويت والنجاحات التي حققتها.
كان أبوبدر مساهماً رئيسياً في إرساء مبادئ وقيم عمل الجمعيات التعاونية في الكويت، مع تأسيسه وترؤسه لجمعية العديلية التعاونية، كما أسهم في ترسية دعائم المختاريات في الكويت، إثر توليه منصب مختار القِبلة بين 1965 و1968، وكونه أول مختار لمنطقة العديلية بين 1968 و1993.
صفات جعلت كلّ من عرفه يتفق على استحقاقه لكلمة رجل بكل معانيها، فهو الناصح الأمين والخبير، وعميد عائلة عُرفت بنباهتها وخبراتها الاقتصادية، ومساهمتها الكبيرة في الدولة في الرخاء والأزمات، أفنى حياته في خدمة الوطن والمواطنين في كل الميادين.
قامة عظيمة تخرّجت من عتبات منزله شخصيات اقتصادية ساهمت في وضع الأسس المالية والتجارية للكويت حتى اليوم، فهو والد وزير المالية الأسبق بدر الحميضي، ورئيس مجلس إدارة شركة «بورصة الكويت» حمد الحميضي، ونائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للغذاء والتغذية الفريق متقاعد صالح الحميضي، وجمال الحميضي المتقاعد من الشركة الكويتية للاستثمار. كما أن عدداً من أفراد العائلة تولوا ومازالوا مناصب عدة في شركات وجمعيات اقتصادية، وفي غرفة تجارة وصناعة الكويت، وغيرها.
وكانت للفقيد بصمات واضحة في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، مع تميزه بأخلاقه وهدوئه ومواقفه الطيبة، فالراحل أبوبدر مدرسة مليئة بالعِبر والدروس المستفادة من خبرته بالحياة وما تعلمه فيها، حتى يكاد يجتمع كل من عرفه على الأنس والألفة به وبصمته الذي يشع هيبة، وبكلامه الذي ينبئ بحكمة لم تعبث بها السنوات مع مرور أيامها، بل زادتها ثباتاً كثباته على الإيمان بالحق والعدالة والصدق.
والراحل الحميضي سليل أسرة عُرفت بأنها كانت خير معين لسمو الأمير الراحل مبارك الصباح، وخير مشير ومستشار له، فيما عُرف أبوبدر بمساهماته ومبادئه التي حرص على نشرها في كل الأرجاء، وبين جميع الأطراف والأطياف.
مناصب عدة شغلها الراحل عُرف خلالها بصاحب المبادئ الطيبة، والذِكر الحسن، والأعمال الكبيرة، والسيرة العطرة، والتي جعلت منه صديقَ كل من لجأ إليه طامعاً باستشارة أو خدمة، وخير معين لكل من طلب معاونة على طريق تحقيق وتنفيذ الأعمال والمشاريع على أرض الواقع.
و»الراي»، التي آلمها خبر وفاة العم مشاري الحميضي، تتقدم بتعازيها لأبنائه وأهله ومحبيه، ولأهل الكويت جميعاً، داعية الله أن يُدخله فسيح جناته وأن يلهمهم الصبر والسلوان.