كشفت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية، أن بورصة وول ستريت بدأت في تداول المياه، إلى جانب الذهب والنفط والسلع الأخرى المتداولة، ما يسلط الضوء على المخاوف من أن الموارد الطبيعية التي تحافظ على الحياة قد تصبح نادرة في معظم أنحاء العالم.
ويأتي تداول المياه في البورصة الأميركية، بعد التنبيهات التي أصدرتها الأمم المتحدة في وقت سابق، من كون الحروب المستقبلية التي قد يشهدها العالم ستكون بسبب ندرة المياه، في ظل التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف في أكثر من منطقة حول العالم.
وأوضحت الوكالة أن المزارعين وصناديق التحوط والبلديات على حد سواء الآن، أصبحوا قادرين على التحوط، أو الرهان على توافر المياه في المستقبل في كاليفورنيا، التي تعتبر أكبر سوق زراعي أميركي وخامس أكبر اقتصاد في العالم.
وتم تداول عقد «CME Group Inc» لشهر يناير 2021، المرتبط بسوق المياه الفورية في كاليفورنيا بقيمة 1.1 مليار دولار في آخر مرة يوم الإثنين الماضي، عند 496 نقطة مؤشر، أي ما يعادل 496 دولاراً لكل فدان للقدم.
وتم الإعلان عن العقود، وهي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، في سبتمبر الماضي، بحيث اجتاحت الحرارة وحرائق الغابات الساحل الغربي للولايات المتحدة، ومع خروج كاليفورنيا من جفاف دام 8 سنوات.
ورجح المدير الإداري لشركة «RBC Capital Markets» والمحلل دين دراي، أن يؤدي تغير المناخ والجفاف والنمو السكاني والتلوث إلى جعل قضايا ندرة الماء والتسعير موضوعاً ساخناً لسنوات مقبلة، مشيراً إلى أن الجميع سيراقب بالتأكيد كيفية تطور هذا العقد المستقبلي للمياه.
أقل قابلية
حذرت الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من أن تغير المناخ الذي يتسبب فيه الإنسان، يؤدي إلى موجات جفاف شديدة ومزيد من الفيضانات، ما يجعل توافر الماء أقل قابلية للتنبؤ به.
واستقرت أكثر الآثار خطورة في يوليو 2014، بحيث عانى 58 في المئة من أراضي الولاية من جفاف استثنائي، ما أدى إلى خسائر في المحاصيل والمراعي وحالات طوارئ أخرى في مجال الماء.
نقص المياه
وقال الرئيس العالمي لمؤشر الأسهم ومنتجات الاستثمار البديلة في بورصة شيكاغو التجارية، تيم ماكورت، إن ملياري شخص يعيشون الآن في دول تعاني من مشاكل الماء، وما يقرب من ثلثي العالم قد يواجه نقصاً في المياه في غضون أربع سنوات فقط، مؤكداً أن فكرة إدارة المخاطر المرتبطة بالمياه تزداد أهمية.
وأوضح أستاذ قانون الموارد الطبيعية بجامعة ستانفورد، بارتون «باز» طومسون، أنه في حين أنه ليس لديه فكرة عما إذا كان المستقبل سيكون ناجحاً، فإنه لا يرى ذلك على أنه تحول في سوق المياه.
وأضاف «لا أعتقد أن العقود الآجلة بحد ذاتها تغير أسواق الماء، كما أنه لا يغير المخاطر الموجودة هناك من أن المياه في المستقبل في مرحلة ما ستكون أقل من العرض، إنها ببساطة تستجيب لتلك الأشياء».
الحرب على الماء
اعتبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، في وقت سابق، هانز فان جينكل، أن «الحروب على الماء سواءٌ كانت دوليةً أو أهلية تهدد بأن تصبح مكوناً رئيسياً لمشهد القرن الـ21، في حين أنه وإذا لم يوضع حدٌّ لاحتمالية الصراع التي تلوح في الأفق، فستُجَرُّ الولايات المتحدة مع حلفائها إلى حربٍ أخرى في الشرق الأوسط، حسب تقرير لمجلة «The National Interest» الأميركية.
ويأتي ذلك في وقت أن المنطقة التي تواجه احتماليةً أكثر إثارة للقلق لنشوب صراع بين الدول بسبب ندرة الموارد، وندرة الماء تحديداً، قد تكون منطقة حوض نهر الأردن في الشرق الأوسط.
ولا تقتصر المسألة على كون الحوض أحد أكثر الأماكن التي تعاني نقص الماء على مستوى نصيب الفرد، بل تضم أيضاً بلاداً لها تاريخ سابق من الصراعات مثل سورية وفلسطين ولبنان والأردن.
وحتى منتصف القرن الـ20، كانت المياه مورداً وفيراً في حوض نهر الأردن، إذ ضمنت أنظمة القنوات والري استدامة توافر المياه حتى مع زيادة التعداد السكاني حول النهر، ومنعت الاتفاقيات الثنائية قدراً كبيراً من أحداث العنف.
كيف يتم تداول المياه في سوق الأسهم؟
ترتبط العقود الآجلة بمؤشر «ناسداك فيليس كاليفورنيا» للمياه، الذي بدأ قبل عامين، ويقيس متوسط سعر المياه المرجح بحجمه.
وقال العضو المنتدب في شركة «ويست ووتر ريسيرتش» الاستشارية التي توفر البيانات المستخدمة لحساب مؤشر الماء، كلاي لاندري «يسعدني أن تكون لدينا تداولات، في السوق الفعلي من الصعب جداً إتمام صفقة».
ويحدد المؤشر سعراً قياسياً أسبوعياً لحقوق الماء في ولاية كاليفورنيا، مدعوماً بمتوسط الحجم المرجح لأسعار المعاملات في أكبر 5 أسواق في الولاية وأكثرها نشاطاً وتداولاً.
وتتم تسوية العقود الآجلة مالياً، بدلاً من طلب التسليم المادي الفعلي، إذ تشمل العقود عقوداً ربع سنوية حتى عام 2022، يمثل كل منها 10 أفدنة من المياه، أي ما يعادل 3.26 مليون غالون تقريباً.
ووفقاً لـ«CME» ومقرها شيكاغو، ستساعد العقود الآجلة مستخدمي الماء على إدارة المخاطر ومواءمة العرض والطلب بشكل أفضل.