قبل سنوات عدة واجه أحد الوزراء استجواباً برلمانياً، فاقترح عليه أحد مستشاريه الخروج من محاور الاستجواب إلى محور جديد اخترعه، ليكسب تعاطف المجلس والجمهور: عمل إحصائية بالأسئلة البرلمانية التي تلقاها وعدد الردود، لاستعراضها كإنجاز يقدمه كدليل للتعاون مع مجلس لا يتهاون !
وقتها استغربت الأسلوب الجديد بغض النظر عن نجاحه أو تحقيق هدفه أو المطبلين والمصفقين له - وسبب استغرابي إلى جانب ما يحتويه من فرد عضلات ما يتضمنه من تحد أكثر من التعاون، فالأمور عموماً تقاس بالكيف لا بالكم، فقد تجيب عن 299 سؤالاً من أصل 300 وتطير من الوزارة والحكومة برمتها، بسبب محور في سؤال نسيت الرد عليه !
لكن يبدو كما بدا لي لاحقاً أنني لا أعيش في الكويت التي تسير على نهج: «كم أقول بكم هالبنت العروس»، ولا يعرف من الكيف سوى كوميديا سوداء قدمها محمود عبدالعزيز، وهو يهلوس ويغني كالبكاء وهو يدلع الكيمياء: «الكيمي كيمي كي»، ليشرح لنا باختصار كيمياء العمل الحكومي في الدول العربية عموماً !
هنا الكويت، حيث سمو رئيس الوزراء يستعرض مع وزرائه إنجازاتهم رغم التحديات، قبل الانتخابات وقبل الاستقالة الأحد، فنجد كشف الحساب يختصر مفهوم الحكومة الرقمية، التي فهمناها غلط، فهي قائمة على التحول الرقمي من خلال عد أرقام الإنجازات !
وفي فاتورة الإنجازات الحكومية 800 إجراء و400 قرار و300 توصية، ولكن لا نعرف شيئاً عن سلامة الإجراء، صحة القرار، تنفيذ التوصيات، ماذا بعد؟ مليون كيلو متر قطعتها طائرات الإجلاء، 6 ملايين معاملة،11 مليون زيارة 4 ملايين موعد و677 الف معاملة، لا نعرف عن تفاصيلها شيئاً !
مش مهم الكيف المهم الكم يا حبيبي، وكأن لا أحد يبحث عن الكيف، سوى محمود عبدالعزيز، ولكن إذا كان الكم هو الأهم لنركّز في الأرقام الاتية: 10آلاف متطوع و9 آلاف إصابة في الصفوف الأولى، يعني لم ينجُ سوى ألف برحمة ربي وحسن الحظ، فأين الإنجاز الحكومي في ذلك؟ إنجازات الحكومة ذكرتني بالوزير إياه ومستشاره الفذ، ففي ظل المعطيات الحكومية الحالية نحتاج أن نعطي كلاً منهم 500 منصب، لأنهم كانوا رواداً في قيادة الحكومة الرقمية، أليس الرقم أصدق إنباء من الكتب ؟