تبنّى مواقف ساندرز الداعية إلى التوصل إلى تسويات عن طريق رعاية محادثات وتسويات مباشرة

بايدن يعود إلى الاتفاقية النووية... بشروط ويفاوض إيران بمشاركة السعودية والإمارات

2 ديسمبر 2020 10:00 م

- شومر ومينينديز يريدان إنهاء للبرنامج النوويوليس فقط تجميداً
- فريدمان: عودة بايدن الى اتفاقية فيينا يجعل من واشنطن على خلاف مع حلفائها ومصالحهم في المنطقة

تبنّى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، المواقف التي سبق أن قدمها مراراً منافسه السابق للرئاسة داخل الحزب الديموقراطي، السيناتور بيرني ساندرز، والداعية الى التوصل الى تسويات في المنطقة عن طريق رعاية الولايات المتحدة لمفاوضات وتسويات مباشرة بين المملكة العربية والسعودية وايران حول كل المواضيع الإقليمية في الشرق الأوسط.

وفي مقابلة أجراها معه الصحافي المعروف في صحيفة «نيويورك تايمز» توماس فريدمان، قال بايدن إنه يعلم أن «الأمر سيكون صعباً»، لكنه سيعود لاتفاقية فيينا النووية بالتزامن مع اعادة ايران برنامجها النووي الى ما كان عليه قبل انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاقية في مايو 2017.

هذه العودة الأميركية الى الاتفاق وقيام طهران بتخفيض نسب وكميات اليورانيوم المخصب، سيتم بطريقة تلقائية ومن دون مفاوضات بين الطرفين.

وسبق لايران أن أعلنت أنها مستعدة للعودة الى ما قبل الانسحاب الأميركي في 2017، مقابل رفع عقوبات ترامب.

ولم يوضح بايدن أن كان سيقوم برفع العقوبات غير المتعلقة بالملف النووي، والتي فرضها ترامب على خلفية «رعاية ايران للارهاب» و«اختراقاتها لحقوق الانسان»، واكتفى بالقول إنه سيرفع العقوبات لاعتقاده أن الأولوية هي وقف النشاطات الايرانية النووية واعادتها الى ما كانت عليه، وهو الترتيب الذي ينتهي في 2031، حسب نص الاتفاقية.

ثم سيقوم بعقد مفاوضات لتمديد موعد نهاية بنود الاتفاقية النووية، ويعقد مفاوضات للبحث في موضوع صواريخها الدقيقة ودعمها للميليشيات في لبنان والعراق وسورية واليمن.

وسبق لفريدمان أن كتب مقالة، قبل يومين من صدور مقابلته مع بايدن، دعا فيها الرئيس المنتخب الى عدم العودة للاتفاقية النووية لأن الظروف تغيرت بين الوقت الذي دخلت فيه أميركا في الاتفاقية في 18 أكتوبر 2015، واليوم.

واعتبر أن نقطة التحول جاءت بعد استهداف ايران بصواريخ دقيقة وطائرات «درون» من دون طيار منشآت نفطية سعودية، العام الماضي.

وقال فريدمان إن الصواريخ الايرانية حلّقت على علو منخفض فلم تلتقطها أجهزة الانذار المبكر الأميركية.

وانتقد فريدمان بشدة، ردة فعل ترامب المتراخية تجاه الضربة، وقال إنه لم يفعل شيئاً، بل أرسل قوات أميركية الى الخليج، وراح يصيح أن القوات «مدفوعة الثمن»، وهو ما زاد الطين بلة.

وأشار فريدمان، الى أن صواريخ ايران الدقيقة «غيرت التحالفات في المنطقة»، وأن هذه التغيرات تجعل من عودة بايدن الى الاتفاقية النووية أمرا يجعل من واشنطن على خلاف مع حلفائها ومصالحهم في المنطقة.

على أن بايدن وعد بأن المفاوضات التي ستلي عودة الولايات المتحدة للاتفاقية، والتي ستشمل تدخلها في شؤون الدول العربية، ستشهد مشاركة الحلفاء العرب، خصوصاً السعودية والامارات، ليتم التباحث في كل الأمور الاقليمية العالقة بين الدول العربية، من جهة، وايران من جهة ثانية.

أما في حال فشل المفاوضات النووية أو الاقليمية، فان بايدن يعلم أن ترامب نجح في إهداء إدارته سلاحاً لم تكن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تعلم بوجوده، وهو سلاح العقوبات الاحادية، والذي نجح في دفع الاقتصاد الايراني الى الانهيار.

لكن بايدن لم يقل صراحة أن أميركا ستعود وحدها الى فرض عقوبات، بل أشار الى تمسكه بآلية «سناب باك»، التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2230، والذي كرس الاتفاقية النووية.

لكن هذه الآلية ترتبط بتملص طهران من التزاماتها النووية، ما يعني أن فشل المفاوضات حول الشؤون الاقليمية سيتطلب العودة الى العقوبات الأحادية.

ولم يعلق بايدن على عملية الاغتيال التي طالت كبير العلماء النوويين الايرانيين محسن فخري زاده في طهران، والتي تشير أصابع الاتهام الى اسرائيل بالضلوع في تنفيذها، في الغالب، التزاماً بتقاليد انتقال السلطة التي تقضي بالتزام الرئيس المنتخب الصمت، خصوصاً في التعاطي في ملفات السياسة الخارجية، على قاعدة يسميها الأميركيون «رئيس واحد في الحكم»، وهو ما يعني أن الرئيس المنتخب يدلي بتصريحات حول خططه المستقبلية، من دون التعليق على الأحداث الآنية التي تعلق عليها إدارة الرئيس الحاكم.

وسبق تصريحات بايدن حول ايران سباقاً بين الأجنحة المختلفة داخل الحزب الديموقراطي في محاولة التأثير في رأي وسياسة الرئيس الجديد في كيفية التعاطي مع ايران.

الجناح الأول تألف من أصدقاء ايران، وبادر الى الادلاء برأيه، غالبا في مقالات للرأي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، ودعت الى العودة الفورية وغير المشروطة الى الاتفاقية، مقابل عودة ايران الى معدلات تخصيب وتخزين يورانيوم كالتي التزمتها منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير 2016.

ومن بين أبرز أصوات الداعين لعودة العلاقات مع ايران الى ما كانت عليه في العام الأخير لولاية الرئيس السابق باراك أوباما، عضوا مجلس الأمن القومي روبرت مالي وفيليب غوردن، تلتهما بأسبوع أو أكثر، الباحثة في مركز أبحاث مجلس الأطلسي باربرا سلافين.

أما تريتا بارسي، الذي كان يتزعم شبكة اللوبي الموالية للنظام الايراني، ويعمل اليوم نائباً لرئيس «مركز أبحاث كوينسي»، فقد نشر على موقع مركزه تعليقاً حول اغتيال فخري زاده، قال فيه إن على بايدن أن يسأل نفسه، لا عن كمية العقوبات التي ينوي رفعها، بل عن نوعية الصداقة التي يرغب بها، وهي صداقة تسعى اليها ايران.

وبارسي كان ممن صعدوا الى دائرة الأضواء على ظهر الحملة المعارضة للحرب في العراق، وهو يحذر أسبوعياً، من أن سياسات أميركا تجاه ايران ستؤدي الى حرب، وأن على واشنطن التحلي بالحكمة وتفادي أي تصعيد.

لكن أصدقاء إيران ليسوا وحدهم داخل الحزب الديموقراطي، اذ علت أصوات دعت بايدن الى مواصلة سياسة ترامب. وكتب في هذا السياق، فريدمان مقالته التي عارض فيها العودة الى الاتفاقية.

كما نشر تصريحات على لسان كبير الباحثين في معهد كارنيغي كريم سادجادبور، قال فيها إن «ايران في مأزق، اذ تريد الحفاظ على ماء وجهها بالانتقام لمقتل فخري زاده، وفي الوقت نفسه تريد تحسين وضعها الاقتصادي المزري الذي يتدهور أكثر في حال انتقمت».

والى فريدمان وسادجادبور، انبرى عدد لا بأس به من القيادات داخل الحزب الجمهوري، وفي طليعتهم زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر ومعه زعيم الأقلية الديموقراطية في لجنة الشؤون الخارجية روبرت مينينديز، لحض أركان الحزب على الوقوف ضد عودة بايدن الى الاتفاقية النووية، إلا إذا وافق الايرانيون على سلسلة من الشروط التي تنهي برنامجهم النووي بدلاً من أن تجمده حتى 2031 فحسب وفي الوقت نفسه التخلي عن «نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة بما في ذلك رعاية طهران للإرهاب العالمي».