بخلاف التوقعات التي كانت تدفع بأن يعيد مسؤولو البنوك المحلية النظر في قرار توزيع أرباح عن 2020، بسبب الحاجة لمزيد من تخفيف نسب السيولة، كشفت مصادر مطلعة لـ«الراي» أن غالبية البنوك لم تستفد من الحزمة التحفيزية التي أطلقها بنك الكويت المركزي لمواجهة التحديات المحتملة بسبب تداعيات كورونا، وأنها اعتمدت في توفير مستويات السيولة اللازمة، على أدواتها، رغم الظروف الضاغطة، ما يجعلها مرشحة رقابياً ومحاسبياً لتوزيع أرباح نقدية على مساهميها عن 2020.
ورجّحت المصادر ألا يكون «الوطني» وبيت التمويل الكويتي «بيتك» استخدما نهائياً الحزمة التحفيزية، ما يجعلهما الأكثر قدرة على السير في اتجاه توزيع الأرباح، مدعومين بعدم مخالفتها في ذلك مع معايير بازل 3، التي تقرّ عدم توزيع أرباح في حالة استخدام مزايا تخفيف نسب السيولة، باعتبار أن لاستخدام هذه المزايا آثار إيجابية على الميزانية، مبينة أن قرار توزيع البنكين للأرباح يتوقف فقط على أخذ الموافقات الرقابية ومن الجمعية العمومية.
مزايا التخفيف
وبالنسبة لبقية البنوك، كشفت المصادر أنها استخدمت مزايا تخفيف نسب السيولة بنسب مختلفة، لكن جميعها على نطاق ضيق جداً، ولأيام قليلة، حيث قامت بتوفيق أوضاعها سريعاً، بعد أن تأكدت أن كلفة ذلك سيكون عدم توزيعها أرباح عن العام، فما يرجح أن يكون بنك أو اثنان استخدما هذه المزايا لفترة أطول، قبل أن يستدركا ويقوما بتغطية النسبة المستخدمة.
وعموماً لفتت المصادر إلى أن البنوك المحلية استعاضت في تعزيز قدراتها لضمان توفير السيولة، عن اللجوء لتخفيف نسبها بأدوات أخرى دعمت احتياجاتها من السيولة، لكن النقاش لا يزال مفتوحاً وغير محسوم لدى البنوك، فيما يتعلق بما إذا كان استخدام البنوك لنسب السيولة المخففة على نطاق ضيق وبوقت قصير جداً يحرمها من توزيع أرباح عن 2020 أم لا يؤثر على خططها لذلك؟
وتتطلب معايير بازل 3 في مقابل تخفيف المتطلبات الرقابية أن تقوم البنوك بإجراءات موازية، لاسيما في مجال المحافظة على مستويات السيولة الكافية لمنح التمويل في مثل هذه الظروف، وعدم توزيع أرباح.
أدوات تعويض
وأوضحت المصادر، أن بعض البنوك عالج تحديات السيولة بالاستدانة من الأسواق الخارجية، مستغلاً السمعة الطيبة التي يتمتع بها، وقدرته على إدارة الأموال بكلفة أفضل، فيما قام البعض بالاستدانة محلياً.
كما أن هناك بنوكاً استقطبت مستويات إضافية من السيولة من خلال زيادة أسعارها على الودائع برفع الهامش للحد الأعلى، فيما ساعدت قاعدة ودائع الأفراد العريضة لدى بعض المصارف وتحديداً في «الوطني» و»بيتك» في رفم المقدرةالمصرفية على مواجهة الضغوط، بينما فتحت بنوك نوافذ لمنح قروض طويلة الأجل لأخرى، خارج «الإنتربنك»، حيث كانت هذه الممارسات بمثابة رافعة مالية زادت قدرات البنوك على توفيق أوضاع سيولتها ونسبها وفقاً للمعدلات التقليدية.
ورغم ترجيح المصادر تصنيف «المركزي» للبنوك التي استخدمت تخفيف السيولة لأيام في خانة غير المستفيدة بالمزايا، أكدت أن الباب الرقابي لا يزال موارباً أمام ذلك، ولم يبت فيه حتى الآن.
وفيما يسري العمل بتعديلات «المركزي» على نسب السيولة حتى نهاية 2020، استبعدت المصادر أن تضطر البنوك إلى استخدامها حتى نهاية السنة، لافتة إلى أن المصارف وفي مقدمتها «الوطني» و «بيتك» تتمتع بقاعدة قوية ومتينة، ولديها المزيد من عوامل وأدوات الدعم التي مكنتها من مواجهة تداعيات كورونا، وتوفير نسب السيولة المطلوبة، دون الحاجة إلى الاستفادة من حزمة «المركزي».
بنوك محمية
وأفادت بأن البنوك الكويتية محمية بالمخصصات وبالمصدات، فيما تبنت خلال الفترة الماضية إستراتيجية تأخذ في الاعتبار مواجهة التحدّيات بمزيد من الاستقلالية، مستغلة قدراتها الرأسمالية ومصداتها المالية القوية في التغلب على تحديات السيولة مع الالتزام بالنسب الرقابية المقررة سابقاً، حيث واصلت الاستمرار في الاستقلالية دون أي دعم مقدم عبر الحزمة التحفيزية.
الديون غير المنتظمة مستقرة و«كورونا» لم يفلس العملاء
أشارت المصادر إلى أن البنوك المحلية لم تواجه خلال الفترة الماضية أي نمو استثنائي في محفظة الديون غير المنتظمة، ما يجعلها في مراكز قوية، مبينة أن ارتفاع مخصصاتها واستحواذها على 51 في المئة من أرباحها عن الأشهر الـ9 الماضية يرجع لسيناريوهات احترازية افتراضية.
وسجلت البنوك الكويتية أرباحاً إجمالية بلغت 365.453 مليون دينار في الأشهر الـ9 الأولى من 2020، متراجعة بنحو 51 في المئة، مقارنة بمستواها في الفترة المقابلة من العام الماضي عندما بلغت 744.707 مليون، فيما حققت إجمالي إيرادات تشغيلية بـ2.023 مليار دينار مقارنة بـ2.143 مليار في الفترة ذاتها من 2019، بانخفاض 5.62 في المئة، فيما زادت البنوك مخصصاتها خلال الفترتين بنحو 60.3 في المئة، وذلك من 491.619 مليون إلى 788.142 مليون.
وبيّنت المصادر أن تعاون البنوك مع عملائها خلال الأزمة أسهم في تجاوز العديد من التعقيدات المالية التي كانت تواجه الجميع خصوصاً لجهة التجديد للعملاء المستحقين، وعدم القيام برفع طلب مستويات الرهونات التي تراجعت قيمها بسبب الأزمة.
وأفادت بأن ما يعزز جودة الأصول لدى البنوك المحلية أكثر رغم تحديات الأزمة عدم تعثر أي من الشركات نتيجة للأزمة، قائلة «هل سمعتم عن شركة أفلست محلياً خلال الأزمة؟ بالطبع لا، كما أن الغالبية العظمى منها إن لم تكن جميعها لم تعجز عن الوفاء بالتزاماتها للبنوك، الأمر الذي أدى إلى خفض نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات الممنوحة».