قال الله تعالى في كتابه الحكيم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا». فالخالق سبحانه فطرنا على طبيعة واحدة، وجعل معايير التفاضل بيننا واحدة، والإنسان يأنس بالإنسان، وأكثر من يخافهم بنو آدم، هم بنو آدم أنفسهم، وعلى الرغم من اختلافنا في أشياء كثيرة، فإن ما يجمع بيننا أكثر مما يفرّق.
نحن جميعاً ننحدر من أبوين، ونحب المال والرفاهية، ونحب النجاح والتفوق والجاه، ونميل إلى الراحة والتمتع بأوقات الفراغ، كما أننا جميعاً نحب العدل والحرية والأمن والاستقرار، ونخاف من المجهول ومن الفقر، ومن تراكم الديون والفشل، ونخشى عقوق الأبناء في المستقبل.
نحن جميعاً في حاجة إلى الاحترام والتقدير والتشجيع والمؤازرة، كما أننا في حاجة إلى من يفهمنا ويعذرنا إذا أخطأنا، وفي حاجة إلى من يسدي إلينا النصيحة ويوجهنا ويدافع عنا في غيبتنا، لا ننكر أننا عاطفيون تستفزنا الكلمة، كما نشعر بأننا نتسم بالعجلة والتذمر وسوء التقدير لكثير من الأمور.
نحن جميعاً نؤمن بالتعاون على ما يعود بالنفع على الجميع، ونؤمن بأهمية التماسك الأسري ومحاصرة الشرور والحد من الرشوة والفساد المالي.
نحن نعترف بأننا أصحاب شهوات ونزوات، وأننا نضعف أمام الكثير من المغريات، كما نعترف بوجود هُوّة دائمة بين ما نؤمن به وما ننظّر له، وبين ما نفعله وننفذه. كل هذه القواسم المشتركة تتصل بالطبيعة البشرية، كما تتصل بحاجاتنا اليومية ومستقبلنا، وهي في مجملها تشكل أرضية قوية للتعاون وفهمنا المشترك بعضنا لبعض وللحياة أيضاً.
M.alwohaib@gmail.com
@mona_alwohaib