خواطر صعلوك

القُبلة الأخوية... وعواقبها !

15 نوفمبر 2020 10:00 م

سأبدأ هذا المقال بما قاله موتين: «ينبغي أن يتكلم المرء عن ذلك بلا خجل، نتكلم بالفعل بصَفاقة عن (القتل) و(الجرح) و(الخيانة)، لكننا لا نجرؤ على الكلام عن ذلك الأمر إلا بأنفاس متقطعة».

ما هذا الأمر الذي أشار إليه موتين ؟

لماذا نشارك في «القُبلة الأخوية» ونحن نعرف عواقبها ؟

الكتلة الشيوعية سابقاً، كان ساستها يحيّون بعضهم البعض بما يسمى بـ«القُبلة الأخوية»، وهي قُبلة من الفم، الغرض منها إظهار ارتباط أوثق بين الساسة والرفاق والأحزاب والناخبين، ارتباط بقبلة على الفم لإظهار ما هو أكبر من مجرد مصافحة عادية، قبلة تليق بالعرس الديموقراطي.

على جدار برلين هناك رسم غرافيتي رسمه الفنان ديمتري فروبيل، واحدة من أشهر اللوحات الجدارية على جدار برلين. تُصوِّر اللوحة، التي رسمت في عام 1990، ليونيد بريجنيف مع الرفيق إريك هونيكر في قبلة أخوية من الفم ! وهذه الرسمة هي استنساخ للصورة الشهيرة والملتقطة عام 1979، ويقوم فيها رئيس ألمانيا الشرقية سابقاً إريك هونيكر، بتقبيل الأمين العام للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي سابقاً، ليونيد بريجنيف.

تنتشر القُبلة الأخوية وتنشط في فترة الانتخابات والأعراس الديموقراطية، وتأخذ صوراً عدة قد لا يكون من ضمنها «القُبلة الفعلية»، ولكننا بلا شك... نرى عواقبها! لا أقصد بعد تسعة شهور، ولكنها عادة تظهر بعد ثلاث إلى أربع سنوات !

يبدأ كل شيء في فترة الخطوبة، عندما يعتقد كلا الطرفين أن الآخر ما زال صالحاً للارتباط والإنصات إليه، ما لم يدلِ بصوته في الصندوق، فإن أدلى... تدلّى !

وأكثر ما يميز فترة الخطوبة هي الوعود الكثيرة وغياب البرامج المستقبلية، حتى إذا تعمق كلا الطرفين في تقبيل الآخر، لاحظ الطرف المغلوب على أمره أنه لا شيء يتغيّر من ربع قرن، فكل انتخابات يقال إنها من أجل الوطن، وأن الفصل التشريعي مثمر، والرقابة مستتبة، وأننا من الممكن أن نتأهل إلى كأس العالم المقبل !

ثم تأخذ القبلة الأخوية شكلاً جديداً، عندما يلعب النائب دور المستشار ودور صاحب الشركة ومورّد المعدات، وصاحب أعلى رقم في تقديم اقتراح القوانين، وصاحب أعلى إيراد من تأجير العقارات !

وعندما يتم استنفادك من التقبيل، حيث يتم تقبيلك بما فيه الكفاية، انظر حولك ثم ردّد: «يا إلهي كل هذه القوانين الرقابية، وكل هؤلاء المرشحين الأمناء والأوفياء، وكل هؤلاء الناخبين أصحاب الوعي الوطني، وكل هذه السرقات موجودة في الوطن... كيف ؟

وعندما تكتشف أنك سقطّ في الفخ، سيكون قد مرّ على زواجك 4 سنوات، وكل الدراسات التي تكلمت عن الحب المبني على «القبل» أشارت إلى أنه ينتهي في مدة أقصاها ثلاث سنوات، لعدم استجابة الغدة التي تطلق هرمون الدوبامين في علاقة أصبحت مملة ومكررة، ويحدث الطلاق !

ومن يتابع الصحف والوعود هذه الأيام، فسيتأكد أننا انتقلنا من مرحلة «العِدة» الى مرحلة «التزيُّن»، لكي يتقدم مرشح جديد للخطوبة، يسعى لمزيد من القبل، وننسى صوت زينات صدقي وهي تقول في أحد أفلامها: «الرجالة كلهم زي بعضيهم»... ثم ندخل في تجربة جديدة بذاكرة سمكية.

لماذا نشارك في «القبلة الأخوية»؟

سأنهي هذا المقال بما قاله فولتير في موسوعته الفلسفية: «إن المسيحيين الأوائل كانوا، رجالاً ونساءً، يُقبِّل بعضهم بعضاً على الفم في (أغابيهم)، وكانت هذه الكلمة ترمز لعيد المحبة.

كانوا يُعطون بعضهم بعضاً القُبلة المباركة، قبلة السلام، قبلة الأخ والأخت.

استمرت هذه العادة لأكثر من أربعة قرون، ومُنعت في النهاية بسبب عواقبها».

أما ما لم يقله فولتير، فإن كل ما لم يذكر فيه اسم الله... أبتر

@Moh1alatwan