أضواء

الفرنسيس

31 أكتوبر 2020 10:00 م

يحاول الرئيس الفرنسي ماكرون البروز على مسرح الأحداث العالمية بشكل ملفت للنظر.

بدأ في تدخله في ليبيا وأثار حفيظة الطليان المستعمرين الأوائل لليبيا، وقاموا بفضح سياسة فرنسا الاستعمارية في أفريقيا، ومنها انتهاك اقتصاديات الشعوب الأفريقية، وإحالتها إلى دول فقيرة، مما تسببت في أزمة الهجرة إلى أوروبا.

كما سارع ماكرون إلى التدخّل في شرق البحر المتوسط منحازاً إلى اليونان ضد تركيا رغم حيادية الاتحاد الأوروبي في تلك المسألة الخلافية، ودعوته إلى الحلول السياسية.

ولم يتردد ماكرون في زيارة لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، متظاهراً في صفة المنقذ للشعب اللبناني من أزماته السياسية والاقتصادية.

وآخر مشاهده هو تصريحاته ضد الإسلام: (الإسلام يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم ولا نراها في بلادنا فقط)، وهي تصريحات عدائية ضد الإسلام، وتنم عن مشاعر عنصرية مدفونة، ولعلها نابعة من جذور العنف التي تميّز بها التاريخ الفرنسي.

فالشعب الفرنسي في ثورته 1789 لم يرحم الأسرة الملكية ولم يتردد في إعدام ملكهم لويس السادس عشر وزوجته الملكة أنطوانيت دي موبان بالمقصلة، ولم يرحم ابنهما ذا الثمانية ربيعاً، الذي مات مسجوناً مهملاً في سجنه من دون مشاعر إنسانية تجاه طفولته.

وشن إمبراطورهم نابليون بعد الثورة حروباً على الدول الأوروبية عاشت أوروبا خلالها - وعلى مدى عقد من الزمان - حالة من الركود الاقتصادي والفوضى السياسية، ولم تتعاف إلا بعد هزيمته في معركة (واترلوا) عام 1815واقتياده إلى جزيرة (سانت هيلين) في المحيط الأطلسي، ليموت فيها سجيناً يعاني الوحدة والانكسار بعد جبروته وطغيانه.

وعانت ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى من تسلّط الفرنسيين وفرضهم تعويضات باهظة عليها، وهو ما دفع هتلر إلى توعّد الفرنسيين وقد نجح في ذلك واحتل النازيون فرنسا في الحرب العالمية الثانية من دون مقاومة، وقاموا بعرض عسكري مهيب في شارع (الشانزليزيه) وكان الألمان يتندرون عليهم بأنهم كانوا مشغولين (بصرعات الموضة).

ولم ينس الشعب الجزائري جرائم المحتل الفرنسي التي خلّفت مليون ونصف مليون شهيد جزائري دفاعاً عن أرضهم وهويتهم الإسلامية.

فدائماً يتظاهر الفرنسيون بأنهم علمانيون لكن كنيسة (القلب المقدس) أو (sacre cuour ) التي بنوها بعد ثورتهم العلمانية وكلفتهم عشرات الملايين كتحفة معمارية، وحسرتهم على احتراق كنيسة (نوتردام) السنة الماضية وتخصيص ماكرون ميزانية خاصة لترميمها، لأدلة واضحة على تعصبهم لكاثوليكيتهم واعتزازهم بها.

فالإسلام... دين لا يمر بأزمة كما يدعي ماكرون، والدليل إسلام الرهينة الفرنسية صوفي بترونين وإصابة ماكرون بالذهول عندما قابلها بعد إطلاق سراحها، وهي تعلن أمام الكاميرات: (تقولون صوفي... لكن أمامكم مريم)! وهو ما أثار غضب اليمين المتعجرف الفرنسي.

فقبلها أسلم الجراح الفرنسي موريس بوكاي - رحمه الله - وأحدث هزة في الأوساط العلمية الفرنسية بعد نشر كتابه (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم)، فكيف يكون الإسلام في أزمة؟