توقع التقرير السنوي الـ18 لمجموعة بوسطن كونسلتينغ غروب (BCG)، الذي جاء بعنوان «المدفوعات العالمية 2020: تقدم متسارع نحو المستقبل»، 3 سيناريوهات محتملة لنمو إيرادات المدفوعات بالخليج، في ظل التغييرات التي أدت إليها جائحة كورونا، مركزاً على الاقتصادات الرئيسية ممثلة في الإمارات والسعودية والكويت.
ويرجح السيناريو الأول حصول انتعاش سريع في المستقبل القريب، يتمثل في نمو مجموع إيرادات المدفوعات في الخليج من 23 مليار دولار عام 2019 إلى 24.3 مليار بحلول 2024، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 1.1 في المئة. إلا أن هذا المستوى من النمو يبقى أقل 7 في المئة من النمو الذي شهده القطاع على مستوى المنطقة بين 2014 و2019. وبحسب سيناريو التعافي البطيء، سيصل مجموع الإيرادات على مستوى المنطقة إلى 23.1 مليار دولار بحلول 2024، بمعدل نمو سنوي مركب 0.1 في المئة. أما سيناريو التأثير العميق، فيتوقع تقلص مجموع الإيرادات بمعدل نمو سنوي مركب قدره -0.9 في المئة.
وقال العضو المنتدب والشريك في «بوسطن كونسلتينغ غروب» جودفري سوليفان، إن تراجع الأداء في قطاعات اقتصادية عديدة، إثر انتشار كورونا كانخفاض أسعار النفط وتباطؤ السياحة وعودة الكثير من الوافدين إلى بلدانهم الأم، أدى إلى تباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي الإجمالي، ورغم تراجع نمو إيرادات المدفوعات في المنطقة نتيجة انتشار الوباء، إلا أن العديد من دول الخليج شهد ارتفاعاً ملحوظاً في معاملات الدفع الإلكترونية، ما يشير إلى توافر فرصة للنمو في المجال الرقمي».
وتُظهر دول المنطقة انفتاحها لاستقبال المزيد من المستثمرين العالميين إلى هذا السوق، حيث تعمل كل من السعودية والإمارات على تطوير البنية التحتية للدفع في الوقت الفعلي خلال العامين المقبلين، تعزيزاً للنمو الاقتصادي.
وتوقع التقرير أن تسهم هذه الإجراءات في تحسين مستوى نمو الإيرادات، حيث أظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها «بوسطن كونسلتينغ غروب» حول البيانات المتعلقة بأوضاع السوق والقطاع تغيرات استثنائية ستغير الوضع العام لقطاع المدفوعات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وبيّن التقرير أن هذا التحول سيكون مدفوعاً بتطور توجهات العملاء وتحسين البنية التحتية وإمكانات الوصول والارتفاع المتزايد في اعتماد حلول الدفع الإلكتروني، مشيراً إلى أن الأسواق شهدت خلال «كورونا» في جميع دول الخليج توجه عدد كبير من التجار، بمن فيهم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتوفير حلول الدفع من دون تماس لعملائهم، وكذلك أظهر المستهلكون اهتماماً متزامناً بهذه الحلول، حتى في الأسواق التقليدية. وأظهرت دراسات عدة أن المدفوعات الإلكترونية قد تزيد الناتج المحلي الإجمالي العالمي 3 في المئة سنوياً.
نمو التجارة الإلكترونية ولفت التقرير إلى أن انتشار الوباء أدى إلى إحداث تحول جذري على مستوى التوجهات الاستهلاكية، ما سيؤدي إلى توسيع خيارات الدفع، وقد يؤدي كذلك في بعض المناطق إلى تراجع استخدام البطاقات، مبيناً أن القطاعات المعتمدة على التنقل مثل الترفيه والسفر شهدت انخفاضاً كبيراً في المدفوعات، بينما يرجح أن تسجل قطاعات أخرى منها توصيل الطعام والترفيه المنزلي نمواً ملحوظاً، وبالتالي، يتوجب على مزودي الخدمات الاستعداد لهذه التغييرات، ومواءمة خيارات الدفع للتناسب مع التغييرات الحاصلة في اتجاهات الاستهلاك عبرالقطاعات المختلفة.
الدمج وتعزيز التنافسية
وأكد التقرير أن التوقعات الإيجابية على مستوى سلسلة القيمة، وتوسع الأهداف في ظل الأوضاع الطارئة والحاجة لتحويل الأموال على نحو أسرع، أدت إلى تعزيزعمليات الدمج والاستحواذ (M&A) في قطاع المدفوعات، لافتاً إلى أنه رغم تزايد الصفقات المرتبطة بمعالجة المدفوعات واكتسابها، فمن المحتمل أن تشهد الصفقات في المجالات الأخرى من سلسلة القيمة ارتفاعاً متوازياً.
وذكر التقرير أن أسواق الدفع في دول الخليج تعتبر في طور النمو مقارنة بالأسواق العالمية، ومن المرجح أن يؤدي تزايد الأسهم الخاصة واهتمام الشركاء في منظومة الدفع وسعي المنافسين المحليين لتعزيز ريادتهم على مستوى البنية التحتية لهذه السوق إلى تعزيز عمليات الاندماج والاستحواذ على نحو واسع.
وفي هذا الإطار، قال الشريك في «بوسطن كونسلتينغ غروب» محمد خان إن «أبحاث الشركة تشير إلى أن أجندة الاقتصاد غير النقدي ونمو التجارة الإلكترونية وتعزيز القدرة التنافسية في قطاع المدفوعات ستصبح أكثر وضوحاً في المنطقة، وتعتبر الفرصة سانحة حالياً للجهات المسؤولة عن قطاع المدفوعات في الخليج لاتخاذ خطوات جريئة يمكن أن تضمن ازدهار أعمالهم على المدى الطويل».
5 عوامل تعزز التنافسية
ذكر التقرير أن قطاع المدفوعات شهد تطورات متسارعة، مع ظهور لاعبين ناشئين عديدين ومؤسسات متنوعة تتنافس في هذا المجال، إلا أن الجهات المتنافسة في هذا القطاع سريع التطور، بدءاً من شركات التكنولوجيا الضخمة وشركات التكنولوجيا المالية مروراً بالموردين والمعالجين ومزودي الخدمات وصولاً إلى اللاعبين المتخصصين، تشهد تحديات جديدة. وفي هذا الإطار، يحدد تقرير «بوسطن كونسلتينغ غروب» 5 عوامل يجب أن تتبناها الشركات لتعزيز تنافسيتها في عالم ما بعد الأزمة، تتمثل في: • إعادة التوازن بين محافظ المنتجات ومحافظ العملاء.
• متابعة عمليات الاندماج والاستحواذ الإستراتيجية وتعزيز الشراكات وتوسيع الفرص على مستوى المنظومة ككل.
• تعزيز ريادة المؤسسة في الاعتماد على البيانات.
• الارتقاء بعمليات إدارة المخاطر.
• تسريع عملية التحول الرقمي.