يتجدد النقاش النفطي بين الفترة والأخرى حول ضرورة مواصلة الاستثمار في النفط التقليدي أم التحول إلى الطاقات المتجددة البديلة، وهل وصلنا إلى ذروة الاستهلاك العالمي في العام الماضي عند 100 مليون برميل، أم الذروة ستكون في نهاية 2040 وعند 109 ملايين من الاستهلاك اليومي من النفط حسب نشرة «أوبك» السنوية.
ولا تزال جملة من التساؤلات مطروحة بين خبراء القطاع النفطي ومنها هل يستطيع العالم أن يزيد من استهلاكه الحالي البالغ 90 مليون برميل يومياً بسبب من جائحة فيروس كورونا، وهل نستطيع تعويض قطاع المواصلات البرية والجوية وعودة العالم إلى السفر والحياة الطبيعية، وتعويض كميات البنزين ووقود الطائرات، وماذا مثلا عن السيارات الكهربائية، وكم ستأكل من حصة وقود السيارات والطائرات.
وترى «أوبك» أن السيارات ستستحوذ على حصة سوقية بنسبة 16 في المئة مقارنة بتوقعات الشركات الاستشارية التي رجحت أن تكون ما بين 22 و35 في المئة بحسب شركة «بي.بي.» البريطانية للسيارات رباعية الدفع والتي تمثل 85 في المئة من المركبات مع نهاية 2050.
وبدأت التوقعات تتزايد بين الشركات النفطية العملاقة حول مستقبل وذروة النفط، حيث ترى الشركات الأوربية مثل «بي.بي» و«شل» و«توتال» الفرنسية ضرورة الخفض وعدم زيادة الاستثمار في الوقود الاحفوري مثل البترول والصخر الزيتي والغاز الطبيعي والنفط التقليدي والتوجه نحو الطاقات البديلة الأقل ضراراً على البيئة مثل الطاقة الشمسية والمائية والوقود الحيوي مثل استخدام الذرة لإنتاج الايثانول مثلاً.
وعلى الضفة المقابلة، ترى بعض الشركات النفطية العملاقة مثل اكسوون موبيل و شيفرون وكونكوفيلبس ضرورة مواصلة وزيادة استثمارتها في الوقود الأحفوري، وهذه المفارقة قد تكون نتيجة لاختلاف البيئة والتوجه والحضارة والرؤية بين اوروبا وأميركا.
ومن الصعب التوقع العالمي بالتوسع في الاستثمار في النفط خلال السنوات القليلة المقبلة لوجود طاقات نفطية فائضة بأكثر من 15 مليون برميل في خلال أيام منها التزام دول «اوبك بلس» خفض انتاجها بنحو 10 ملايين برميل من طاقة غيرمستغلة، وتمثل خسائر في العوائد والاستثمارات المالية.
وكيفية استرداد وتحقيق فوائد مالية مستقبلا.
والتساؤل الآخرهو نظرة أكبر الاقتصاديات العالمية المقبلة متمثلة في الصين والهند وتوجهاتهما نحو الوقود النظيف وهما من أكثر الدول الملوثة للبيئة مع الولايات المتحدة الأميركية واضرارها الاجتماعية وكلفتها الصحية باهظة، حيث هذه الدول الكبرى تتجه نحو السيارات والمركبات الكهربائية إذ اصبحت كلف وقيم المركبات منافسة للسيارات التقليدية بسبب التعويضات والتشجيعات المالية ومنها أيضا عدم دفع ضرائب على استعمال الطرق.
وفي النرويج سجلت مبيعات السيارات الكهربائية أكثر من 60 في المئة من اجمالي المبيعات لتقفز وتتفوق على السيارات التقليدية.
ويبقي السؤال هل تعمدت منظمة «أوبك» عدم توضيح نسبة النمو والطلب العالمي للسنوات الـ20 المقبلة لتصل الى الرقم 109 ملايين برميل كاستهلاك عالمي مع نهاية 2040 للنفط مقابل احصائيات «بي.بي.» في تقريرها السنوي لهذا العام والتي توقعت بوصول الطلب العالمي إلى 95 مليون برميل في نفس العام.
إنه من المؤكد والثابت أن علينا إيجاد موارد مالية أخرى للكويت بعيداً عن النفط لتحقيق الاستدامة.
* كاتب ومحلل نفطي مستقل
naftikuwaiti@yahoo.com