5 في المئة متوسط زيادة قيمة المنازل بالدول الغنية

لماذا ترتفع أسعار العقارات عالمياً رغم «كورونا» والركود؟

10 أكتوبر 2020 10:00 م

- تزايد الطلب بدعم تراجع الرهن العقاري والعمل عن بعد والتيسير النقدي

تعرّض الاقتصاد العالمي لضربة تاريخية جراء تداعيات وباء «كوفيد-19» الذي دفع ملايين الأشخاص إلى براثن البطالة مع تراجع استثمارات الشركات وانكماش الناتج المحلي.

لكن رغم الكارثة الصحية والاقتصادية غير المسبوقة، ظهر قطاع الإسكان كأحد الرابحين من الأزمة مع ارتفاع قوي لأسعار المنازل لم يكن متوقعاً بالنسبة لكثير من المتابعين في بداية الوباء.

وشهد الركود الاقتصادي العالمي السابق إبان الأزمة المالية العالمية في عام 2007 انخفاضاً للأسعار الحقيقية للمنازل بنسبة 10 في المئة في المتوسط، ما تسبب في اختفاء تريليونات الدولارات من فئة الأصول الأكبر في العالم.

ورغم أن سوق الإسكان لم يكن محور الركود الاقتصادي الحالي، فإن الأزمة الاقتصادية دفعت الكثير من المتابعين لأسواق العقارات حول العالم للتكهن باحتمالية حدوث انخفاض لأسعار المنازل.

لكن الواقع يشير إلى أن هذه التكهنات لم تكن صحيحة في النهاية، حيث ارتفعت أسعار المنازل في معظم البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع خلال الربع الثاني من العام الحالي.

وأظهرت البيانات بالفعل ارتفاع أسعار المنازل في الدول الغنية بمتوسط يبلغ 5 في المئة في الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو الماضي على أساس سنوي.

ومن بين خمس وعشرين مدينة رئيسية حول العالم، فإن أكثر من نصفها كانت إما معرضة لخطر حدوث فقاعة أو مبالغ في قيمتها في الفصول الأربعة الماضية، بالنظر إلى إشارات تتمثل في انفصال الأسعار عن الدخل، والاختلالات في الاقتصاد الحقيقي مثل الإفراط في الإقراض ونشاط البناء.

فقاعة عقارية

أظهر مؤشر «يو بي إس» لعام 2020 أن مدينة ميونخ الألمانية جاءت على رأس المدن المهددة بحدوث فقاعة عقارية، يليها فرانكفورت وتورونتو وهونغ كونغ وباريس، بينما كانت المنازل في لندن وطوكيو ولوس أنجليس مقومة بأكثر من قيمتها الحقيقية لكنها لم تدخل مرحلة خطر الفقاعة.

وشهدت الولايات المتحدة صعوداً لأسعار المنازل على المستوى الوطني بنسبة 4.8 في المئة خلال يوليو مقارنة مع ارتفاع 4.3 في المئة بيونيو، بحسب مؤشر «ستاندرد آند بورز كور لوجيك كيس-شيلر».

وكشفت بيانات أخرى صادرة عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، أن أسعار المنازل القائمة في الولايات المتحدة ارتفعت 11.4 في المئة خلال أغسطس الماضي على أساس سنوي لتسجل مستوى قياسياً بلغ 310.6 ألف دولار.

وفي المملكة المتحدة ارتفع متوسط أسعار المنازل بنسبة 5 في المئة بسبتمبر على أساس سنوي في أكبر صعود منذ عام 2016، مسجلة متوسط 226.1 ألف إسترليني (286 ألف دولار) للمرة الأولى على الإطلاق.

وفي ألمانيا شهدت أسعار المنازل ارتفاعاً بنسبة 11 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام مقارنة بنفس الفترة قبل عام واحد، وهو ما تكرر في عدة بلدان أوروبية أخرى.

والصعود ظهر في آسيا أيضاً، وهو ما أجبر السلطات في كوريا الجنوبية والصين على فرض قيود على السوق لإبطاء وتيرة ارتفاع أسعار المنازل ومنح المستهلكين القدرة على تحمل شراء العقارات السكنية.

عوامل وراء الصعود

ساهمت الكثير من العوامل في دعم ارتفاع أسعار المنازل حول العالم رغم أزمة الوباء وما تبعها من ركود للاقتصاد وفقدان ملايين الوظائف وحالة عدم اليقين في شأن المستقبل.

ففي البداية، أدى الخوف من الوباء إلى تراجع المعروض من المنازل، سواء عبر عمليات البناء الجديدة والتي تأثرت سلباً في الأشهر الأولى من ظهور «كوفيد-19» أو حتى انخفاض عروض بيع العقارات مع عدم رغبة الكثير من الأشخاص في بيع منازلهم والانتقال إلى أخرى وسط الأزمة.

وعلى الجانب الآخر، تزايد الطلب على شراء المنازل بدعم تراجع معدل الرهن العقاري والتوجه المتزايد للعمل عن بعد، ما جعل أسعار المنازل ترتفع مع ارتفاع الطلب وتراجع المعروض والمخزون.

ودعمت السياسة النقدية التيسيرية للبنوك المركزية العالمية عبر خفض معدلات الفائدة لمستويات متدنية تاريخياً ارتفاع الطلب على المنازل مع تراجع تكلفة الرهن العقاري.

وانخفض معدل الرهن العقاري الأميركي لمدة 30 عاماً لمستويات قياسية متدنية عند 2.9 في المئة مقارنة بـ3.7 في المئة في بداية العام الحالي، ما جعل عدداً أكبر من الأميركيين قادراً على تحمل تكلفة شراء منزل.

وضخت حكومات كثير من الدول في ظل «كورونا» تريليونات الدولارات في شكل مساعدات للأسر، ما زاد دخل الأسر في مجموعة الدول السبع الكبرى بنحو 100 مليار دولار، رغم اختفاء ملايين الوظائف.

زيادة الطلب على المنازل الكبيرة

وفرت قرارات حكومات بتأجيل سداد المقترضين العقاريين لديونهم في إسبانيا واليابان وغيرهما أو حظر المطالبة باستعادة الرهن العقاري في هولندا، دعماً لعمليات الشراء والأسعار بالتبعية.

وشكلت تغيرات أنماط المستهلكين عامل دعم آخر لسوق العقارات، حيث أدى «كورونا» إلى زيادة الطلب على المنازل الكبيرة ذات المساحات الخارجية الواسعة، وفي بعض المدن مثل نيويورك وسان فرانسيسكو تسبب في الاتجاه نحو الضواحي الأكثر هدوءاً وابتعاداً عن الزحام.