يوم الاستقلال الوطني لأذربيجان
1 يناير 1970
11:37 ص
|بقلم: شاهين عبداللاييف *|
يمثل يوم 18 اكتوبر يوم الاستقلال الوطني لجمهورية اذربيجان، فقد وسمت الجلسة التاريخية للمجلس الاعلى لجمهورية اذربيجان، والتي عقدت في الثامن عشر من اكتوبر 1991، بالاقرارالجماعي للقانون الدستوري «باستقلال جمهورية اذربيجان»، وقد اتبع هذا القرار تصويت على مستوى الامة في جمهورية اذربيجان في التاسع والعشرين من ديسمبر 1991، والذي انطوى على سؤال واحد فقط هل تساند القانون الدستوري القاضي باستقلال جمهورية اذربيجان؟ وقد صوت شعب اذربيجان بالاجماع بتجديد استقلال الدولة.
اعلنت جمهورية اذربيجان الجديدة نفسها كخليفة شرعي لجمهورية اذربيجان الديموقراطية، والتي قامت لثلاثة وعشرين شهرا، بين 28 مايو 1918، و28 ابريل 1920، والتي كانت اول جمهورية في الشرق ذات برلمان متعدد الجنسيات ومتعدد الاحزاب.
وبالرغم من انها لم تعمر طويلا، الا ان جمهورية اذربيجان الديوقراطية نجحت في ترك اثر لا يمكن محوه في ذاكرة الاذربيجانيين، مانحة اياهم الامل في ان بالامكان تحقيق الاستقلال مرة اخرى، والامل ان يشهدوا ذلك في حياتهم، وهو الحلم الذي تحقق في 18 اكتوبر 1991، اي بعد ما يقرب من سبعين عاما.
وسرعان ما عادت اذربيجان بعد اعلان الاستقلال، إلى الاسرة الدولية، فقد تم الاعتراف بها في الامم المتحدة في الثاني من مارس 1992، كما اصحبت عضوا في منظمة الامن والتعاون في اوروبا في الثامن من يوليو 1992، وحيث ان اذربيجان من الناحية التاريخية تشكل جزءا من العالم الاسلامي، تشاركه موروثاته وتطورها، وتدين بنفس قيم الحضارة الاسلامية، فقد بدأت في إعادة تأسيس روابطها التاريخية مع العالم الاسلامي واصبحت عضوا في منطقة المؤتمر الاسلامي في ديسمبر عام 1991.
تخلت البلاد عن الاقتصاد المخطط للحقبة السوفياتية، وتحولت إلى اقتصاد السوق الحر، وتم اتخاذ المعايير اللازمة لتطبيع الوضع السياسي بطابع الديموقراطية في مجمل البلاد، وكخطوة اولى في هذا المضمار، تم اقرار قانون الاحزاب السياسية، ووقعت اذربيجان على المعاهدات الدولية للحقوق المدنية والسياسية، «والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، بما في ذلك المستندات الدولية القانونية بشأن «حقوق المرأة السياسية»، و«وضعية المرأة».
وقد اظهرت الصعوبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي رافقت المراحل الاولى لاستقلال اذربيجان، ان تقوية اواصر الدولة، وضمان التنمية الامنة والمستقرة والدائمة للبلاد لا تقل اهمية ولاصعوبة عن تحقيق الاستقلال.
خلال هذه المرحلة التاريخية الحرجة، قدم الشعب الاذربيجاني التماسا إلى حيدر علييف لتولي زمام الامور لانتشال البلاد من براثن هذه الازمة، وقد اخرجت الرؤية الثاقبة لحيدر علييف اذربيجان من تخبطات وصعوبات التسعينات إلى مستقبل زاهر، فخلال فترة قصيرة من الزمن، قام قائد اذربيجان الوطني حيدر علييف بتقوية مؤسسات الدولة، وتوسيع افاق العلاقات الاجنبية ذات الاهمية، وتحقيق سياسة طاقة شاملة، ووضع الاسس لتنمية البلاد على نحو مستدام، وبدأ عهد جديد في حياة جمهورية اذربيجان المستقلة.
لعبت الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتي تم تطويرها وتطبيقها تحت قيادة القائد الوطني حيدر علييف دورا مهما في احياء الازدهار والتقدم الوطني، فقد نجحت اذربيجان في سبتمبر 1994 في توقيع «عقد القرن» بقيمة عدة بلايين مع شركات النفط متعددة الجنسيات لتطوير حقول النفط البحرية في القطاع الاذربيجاني من بحر قزوين، ثم جاءت المبادرة الاذربيجانية بتنشيط «طريق الحرير» التاريخي لتقوية التعاون الاقتصادي والتجارة بين وسط آسيا، وجنوب القوقاز، واوروبا، تم اقرار الدستور الجديد عبر التصويت على مستوى البلاد بأكملها في 12 نوفمبر 1995 كجزء من العملية الاوسع لبسط الديموقراطية في ربوع اذربيجان وكنتيجة عملية لتطبيق اذربيجان للمعايير الديموقراطية، تم ادخالها إلى المجلس الاوروبي في 2001.
وتأسيسا على رؤية وميراث حيدر علييف تشهد اذربيجان الان تحت قيادة إلهام علييف تطورا ديناميكيا، ونموا اقتصاديا غير مسبوق، فقد جعلت الاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية المستمرة، والحوكمة الجيدة، والادارة الكفؤة والسياسة الخارجية النشطة المتسمة بالشفافية للرئيس إلهام علييف جعلت من اذربيجان قائدا اقليميا، وشريكا يعتمد عليه في العلاقات الدولية، فهي تلعب دورا رئيسيا في كافة القضايا الاقليمية وتشارك رفاهيتها اقطار المنطقة، عبر ارساء الشراكات وآليات التعاون.
وتكفي الاشارة إلى ان اذربيجان قد لعبت عبر شبكاتها المنوعة لخطوط انابيب النفط والغاز، خصوصا خط باكو - تبليسي - جيهان الرئيسي للتصدير، وخط باكو - تبليسي - ارزوروم للغاز، لعبت دورا مهما في مسار الطاقة من الشرق إلى الغرب، وفي تأمين الطاقة لاوروبا، فلولا استكشافات الغاز وبنية النقل التحتية الجيدة في اذربيجان لما اصبح مشروع تايوكو موضع مناقشة جادة اليوم.
ولضمان ادارة مؤثرة وحكيمة لعوائد تصدير النفط والغاز، تولي حكومة اذربيجان اهتماما فائقا لمسألة الشفافية كذلك فقد اعلنت اذربيجان عن عزمها القوى الانضمام الى مبادرة الشفافية الخاصة بالصناعات الاستكشافية، ودعمها للجهود الدولية من اجل مستوى اعلى من الشفافية في الصناعات الاستكشافية لتصبح قطرا رائدا في عملية تطبيق مبادرة الشفافية الخاصة بالصناعات الاستكشافية.
وبالتوازي مع قطاعي النفط والغاز تعتبر تنمية القطاعات غير النفطية بما في ذلك البنية التحتية لقطاع النقل والمواصلات ذات اولوية لاستراتيجية التطوير الوطني، حيث يجري تطوير وبناء البنية التحتية لطرق جديدة، وسكك حديد، وموانئ بحرية ومطارات، بالاضافة إلى اساطيل الطائرات، والسفن، ووسائل النقل البري، والتي تجرى زيادتها وتحديثها على نحو ملحوظ كاسهام واضح في تنشيط مسارات النقل بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، اما في مجال الاتصالات فتعتبر اذربيجان متقدمة بشكل كبير في وسائل مواصلاتها، وتعد الان في مصاف الدول الرائدة، من حيث معدل الاستخدام الهاتفي، والحاسوبي، واستخدام الانترنت، ويكمن الهدف الاستراتيجي في تحسين وضعية اذربيجان كمركز تواصل اقليمي.
وكنتيجة للاصلاحات الاقتصادية المستمرة والمعايير التي تم تطبيقها لتحسين مناخ الاعمال وتقديم المزيد من الحوافز لمجتمع الاعمال فقد صنف البنك الدولي اذربيجان على قمة القائمين بالاصلاحات في تقريره حول انجاز الاعمال للعام 2009، وعلى صعيد التقييم الدولي لمدى سهولة القيام بالاعمال، ارتفع تصنيف اذربيجان من المرتبة السابعة والتسعين إلى المرتبة الثالثة والثلاثين.
لقد تحولت اذربيجان من بلد يطلب العون الامني والمساعدات الدولية في الماضي، الى بلد يسهم اليوم في العمليات الدولية لدعم السلام والجهود الانسانية.
في بداية التسعينات، كان عدد المؤمنين بقيام اذربيجان كدولة مستقلة قليلا، بسبب العدوان الأرمني، والقلاقل السياسية والاقتصادية الداخلية إلا ان اذربيجان قد تغلبت عبر قصة نجاحها الباهر، على كافة الشكوك، لتثبت ان الاستقلال والتنمية الناجحة ابديان ولا رجعة فيهما، كما قال حيدر علييف القائد الوطني لاذربيجان.
* سفير جمهورية أذربيجان لدى الكويت