من الطبيعي أن يخـــرج عليـــنا بين الحين والآخر نفر من العراق ليـــقذفوا الكــــويت بالتهم والافتراءات جزافاً لا لشيء سوى لتشـــويه الســـمعة وضرب إسفين الفرقة بين الحكومتين الـــكويتية والعراقية، والدفع باتــــجاه توتـــير العـــلاقات بينـــهما، مستـــهدفين الأجــــواء الإيجابية التي باتـــت تدفـــع الطرفين إلى المصالحة السياسية وإرجاع الأمور إلى سابق عهـــدها. نـــفر من العــــراق نزعــــوا ثوب النـــــظام الديكتـــاتوري السابق المليء بالكراهية للكـــويت ليلبسوا ثــــوب العـــراق الجـــديـــد، ولكن بلغة الماضي، وللأسف الشديد، فيذكرونا بالمآسي التي طالت شعوب المنطـــقة بسبب الديكـــتـــاتور صدام التكريتي ومن كان يلف حوله من البعثيين!
هؤلاء الذين راهنوا على إسقاط العملية السياسية القائمة اليوم في العراق وتغيير الحراك السياسي باتجاه سلب إرادة الـــشارع العراقي في حكم نفسه، فحاولوا دق إسفين الفـــرقة بين القوى والأحزاب السياسية المشاركة في عمـــلية الحكم بشـــتى توجهاتها وتنوع مشاربها وتعدد مذاهبها، ولكن مع التحسن الكبير الذي حدث في الجوانب الأمنية والسيـــاسية والاقتصادية والحديث المباشـــر عن وضع جدول لإنهاء الاحتلال وتطـــهير العراق من القوات الأجنبية، بدأ هؤلاء يطرقون عبثاً باب العلاقة بين العراق وجاراتها، مستهدفين خلق التوتر بينها من جديد.
هذا باختصار ما نفهمه حين نقرأ خبر العناصر المندسّة في الإعلام العراقي من بعثيي الأمس حين اتهموا قطعاً عسكرية حربية كويتية ـ بحرية وجوية، بقصف مواقع إحدى الشركات العاملة في المياه الإقليمية العراقية، مستهدفين إفشال مؤتمر دول الجوار الذي يقام هذا الشهر في بغداد! وخيراً فعلت وزارة الدفاع في الكويت أنها سارعت إلى نفي الخبر من جانب، وأكدت على حرص السياسة الكويتية على الالتزام بالمواثيق والقرارات والمعـــاهدات الدولية وعلاقات حسن الجوار لإدراكها حجم الاستهداف وخطورته.
نعم جاء النفي والتأكيد بالوقت المناسب ليعري السلوك المشين لأعداء الشعبين الكويت والعراق معاً، ومن المهم اليوم ألا نربط بين الحكومة العراقية الحريصة على بناء علاقة استراتيجية قوية ومتينة بينها وبين الحكومة الكويتية بما يخدم مصالح الشعبين، وبين تلك العناصر البعثية المندسة في المؤسسات الإعلامية العراقية وبعض مراكز النفوذ الأخرى كوزارة النقل وغيرها، بل خير رد عليهم هو الدفع بالمزيد من التقارب بين الحكومتين من جانب وتمكين الصحافة الشريفة في البلدين من الدفع باتجاه تعزيز وتعميق المصالح الاقتصادية والثقافية والأمنية وغيرها في المنطقة تمهيداً لعودة العلاقات بين الشعبين بصورة كاملة.
إن الــــكويت الـــيوم بحـــاجـــة إلـــى العـــراق، والعـــراق اليوم بحاجة إلى الكـــويت أيـــضاً، ولا غنى عن الإيـــمان بتلـــك الحـــقيـــقة أولاً وتكريسها ثانيـــاً ضــمـــانـــاً لحـــالـــتي الأمن والاستقرار الذي تحـــتاجـــهما المنطقة بأسرها، فالحـــذر كله من بعثـــيي الأمس من الذين تســـلقوا في الخفاء إلى بعض مواقع القرار، والحذر الحذر من أن تمر مكائدهم من دون كشفها وتعرية من وراءها.
د. سامي ناصر خليفة
أكاديمي كويتي
alkhaldi4@hotmail.comد