تحليل / الرئيس الإندونيسي يثير مخاوف الأقليات بسعيه إلى كسب ود الإسلاميين
1 يناير 1970
02:21 م
جاكرتا - رويترز - يحاول الرئيس الاندونيسي كسب ود الاحزاب الاسلامية لتشكيل ائتلاف جديد، غير ان الاقليات العرقية والدينية تخشى ان يقوض ذلك تقليد التسامح في الدولة التي تقطنها غالبية مسلمة، الا أنها تتبنى توجها علمانيا من الناحية الرسمية.
ويمكن أن يكون لهذا التحول تبعات اجتماعية واقتصادية بعيدة المدى ويحتمل أن يؤجج توترات بين الغالبية المسلمة والاقلية المسيحية والهندوسية، وقد يدفع الاقلية ذات الاصول الصينية ومعظم أفرادها من المسيحيين الذي يهيمنون على قطاع الاعمال، للاحتفاظ بمزيد من الاصول في الخارج.
وفي فترة ولايته الاولى، اعتمد الرئيس سوسيلو بامبانغ يودويونو على ائتلاف واسع من الاحزاب الاسلامية والعلمانية، بما في ذلك حزب غولكار الذي هيمن على السياسة في عهد الرئيس السابق سوهارتو، ما زاد من صعوبة تنفيذ الاصلاح.
وفي الانتخابات البرلمانية التي اجريت هذا الشهر، ارتفع نصيب الحزب الديموقراطي الذي يتزعمه يودويونو من الاصوات ثلاث مرات ليصل الى الخمس، ليصبح في وضع اقوى لتشكيل ائتلاف من احزاب ذات برنامج مشترك. وقال يودويونو انه قد يتحالف مع حزب العدالة الاسلامي الذي رفع نصيبه من الاصوات قليلا الى ثمانية في المئة، ما أثار قلق بعض الاندونيسيين.
واوضح سفيان واناندي، رئيس اتحاد ارباب العمل في اندونيسيا، «يقلقنا احتمال تحالف يودويونو مع حزب العدالة»، مشيرا الى مخاوف من أن حزب العدالة ربما يضغط لاقامة دولة اسلامية حين يتقلد السلطة. وقال: «ثمة الكثير من الشكوك تحيط بهذا الامر. لا نعرف اذا كان بامكاننا أن نصدقهم». وتابع: «لا أمانع في وجود عدد قليل من الوزراء من حزب العدالة، لكن اذا بدأوا في تطبيق سياسات قومية فعلية، فقد يأتي ذلك بنتائج سلبية. أهم شيء الاستقرار السياسي لتفادي هروب رأس المال».
وتتناسب مساعي حزب العدالة للاصلاح وشن حملة على الفساد مع البرنامج السياسي ليودويونو، لكن ليس ثمة توافق في جوانب أخرى.
وتعقد كوادر الحزب جلسات دينية أسبوعية، وفيما حاول الحزب التهوين من سمعته كحزب ديني لزيادة شعبيته، فان شكوكا تنتاب الكثير من الاندونيسيين خشية ان يعمل على فرض قوانين اسلامية. كما ان سياساته الاقتصاديه تميل نحو القومية. وذكر الحزب انه سيضغط من أجل اعادة التفاوض في شأن عقود قطاع الطاقة والتعدين ما قد يبعد المستثمرين الاجانب.
وقال محمد غونتور روملي، من النشطاء في مجال الحرية الدينية: «يتبنى حزب العدالة ايديولوجية محافظة، لكنه يصور نفسه على انه منفتح ومعتدل لانه براجماتي ايضا». وتابع: «في الوقت الحالي ولان الحزب الديموقراطي يحقق تقدما سيتكيف (العدالة) لانه يريد الانضمام للائتلاف. سيكون حريصا في ما يصرح به».
وصرح رئيس الحزب تيفاتول سيمبيرينغ لـ «رويترز» في وقت سابق من الجاري، بان الحزب يؤيد مبادئ الشريعة وليس تقنين الشريعة.
ويمنح تحالف وثيق بين الحزب الديموقراطي وحزب العدالة، الاخير نفوذا أكبر وربما المزيد من المناصب الحكومية في وقت يتراجع في التأييد لمعظم الاحزاب الاخرى ذات التوجه الاسلامي وحزبين علمانيين أكثر رسوخا، هما «غولكار» والحزب الديموقراطي- نضال برئاسة الرئيسة السابقة ميغاواتي سوكارنوبوتري.
وفي وقت سابق من ابريل، حذر تقرير يدعمه الرئيس السابق عبد الرحمن واحد من ان متشددين ومتطرفين من بينهم حزب العدالة يتسللون الى جماعات ومؤسسات مسلمة معتدلة للضغط من اجل اجندة أكثر تشددا. وينفي حزب العدالة وجود أجندة سرية لديه.
ورغم ذلك، يشعر بعض المسلمين المعتدلين بان الطابع الاسلامي لاندونيسيا الذي يرجع الى عقود مضت مهدد من قبل طابع أكثر محافظة، مشيرين الى تنامي تعدد الزوجات وعدد النساء بل والفتيات اللواتي ترتدين الحجاب، كما زاد عدد من يتحولون الى الاسلام.
ويدين نحو 85 في المئة من سكان اندونيسيا البالغ تعدادهم 226 مليون نسمة بالاسلام، لكن الغالبية العظمى تعتبر معتدلة.
وقال نصر الدين عمر، المدير العام لمكتب الارشاد الاسلامي في وزارة الشؤون الدينية: «تنامى الوعي الديني في السنوات الخمس الاخيرة وهذا ينطبق على الديانات الاخرى ايضا».