«مستعدون لترسيم الحدود كلها باستثناء مزارع شبعا»
الأسد يقرّ بأخطاء في العلاقة مع بيروت ويبدي استعداده لإلغاء الاتفاقات بطلب لبناني
1 يناير 1970
05:56 م
بيروت - ا ف ب، «ايلاف» -أوضح الرئيس السوري بشار الأسد، أن «انسحاب الجيش السوري من لبنان على مراحل كان أحد القرارات التي عمل عليها في نهاية التسعينات، وخصوصاً مع انتخاب العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية»، واقر في الوقت نفسه بـ «ارتكاب اخطاء» في العلاقات اللبنانية - السورية، مبديا استعداده لالغاء «المجلس الاعلى اللبناني - السوري» والاتفاقات الثنائية بين البلدين، «اذا اراد اللبنانيون».
ونقلت صحيفتا «السفير» و«الاخبار» كلام الاسد خلال لقاء بينه وبين عدد من المشاركين في مؤتمر العلاقات السورية - اللبنانية المنعقد في دمشق منذ الثلاثاء الماضي، اعتبر فيه ان «القول بوجود اخطاء يعني اننا نجري مراجعة».
وتابع: «كنت أخذت في الاعتبار أنه أصبح للبنان جيش قوي يستطيع تسلم مسؤولياته الأمنية والعسكرية. لذلك قررت مذّاك تحديد خطوات للانسحاب من لبنان. سورية خارج لبنان أقوى منها فيه. سورية تكون قوية مع لبنان قوي، ولنا مصلحة أكيدة بوجود لبنان قوي. نحن لا ندعم حزب الله لأنه فصيل لبناني، بل لكونه مقاومة في وجه إسرائيل».
ورداً على سؤال، قال: «السياسة تجارة لكنها بأخلاق. نحن مارسنا السياسة على هذا النحو. حسمنا خياراتنا في العلاقة مع المقاومة ومع إيران التي نعتبر علاقتنا بها استراتيجية».
وتحدث الأسد عن مؤتمر العلاقات السورية ـ اللبنانية، داعياً إلى إرساء قاعدة قطاعات مشتركة يجري البحث فيها، وقال: «هناك ميزة مشتركة بين سورية ولبنان هي أن مغتربينا كثر في الخارج، وأحوالهم حيث هم أفضل من أحوالهم في بلادهم. والبلدان متميّزان على مستوى الكفايات. لذا يمكن طرح محور التعاون على مستوى المغتربين»، وشدد على ضرورة إجراء حوار بين قطاعات البلدين.
وقال الأسد: «البعض في لبنان يتحدث عن المجلس الأعلى السوري ـ اللبناني كأنه صورة للوصاية، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. أنتم تعلمون أن المجلس لا يعمل كثيراً، ويمكننا إشراكه في الحوارات التي أدعو إليها. وكذلك يمكننا إشراك السفارتين. لكن ينبغي أن يعرف بعض اللبنانيين، خلافاً لما يشيعونه، أننا لا نتمسك ببقاء المجلس الأعلى. أنا مستعد للاستغناء عن المجلس الأعلى إذا طالب اللبنانيون بذلك».
وتابع: «عندما يتحدثون في لبنان عن أن القرارات تحتاج إلى إجماع، فهل هناك إجماع او اتفاق لبناني على إلغاء المجلس الأعلى؟ ليقولوا لنا لا يريدونه فنلغيه، وليقولوا لنا إنهم لا يريدون الاتفاقات فنلغيها، أو يريدون تعديلها فنعدّلها. ليعلم الآخرون أن مصالحنا تستمر في العمل إذا ألغي المجلس الأعلى والاتفاقات، فهي لا تتوقف عليهما. إذا كان اللبنانيون يريدون ذلك، فأنا جاهز».
وعن ترسيم الحدود اللبنانية ـ السورية، أوضح الأسد أن «الموضوع المطروح الآن ليس ترسيم الحدود بل تسييس المزارع»، وقال: «نحن مستعدون لترسيم الحدود كلها باستثناء مزارع شبعا، لأن اسرائيل لا تزال تحتلها. طرح هذا الموضوع يصبّ في خدمة إسرائيل. فاتحني الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مراراً في الموضوع، وقلت له إنه لا شأن للأمم المتحدة في ترسيم الحدود، وليس لها إلا أن تتبلّغ الترسيم لاحقاً بعد أن يحصل بين البلدين. الترسيم يجري بين البلدين المعنيين، ثم يرسل بلاغ بذلك إلى الأمم المتحدة لأخذ العلم. هناك حل واحد للترسيم من مراحل ثلاث: انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا، ترسيم لبنان وسورية حدودهما في مزارع شبعا، إعلام الأمم المتحدة بالأمر. إذاً يجب أن يزول الاحتلال أولاً».
وتابع: «إرسال ورقة إلى الأمم المتحدة بالترسيم قبل زوال الاحتلال لا يحرج إسرائيل أبداً حيال الغرب، لكونها تلعب على تناقضات اللبنانيين وتحاول استغلالها في ما بينهم، وضد سوريا. هي تحتل لبنان بورقة ترسيم ومن دونها».
أما عن مصير المفقودين اللبنانيين لدى سورية، فقال الأسد: «بعيد انتخابي رئيساً، أفرجت عن 40 موقوفاً لبنانياً من دون طلب من أحد وبمبادرة شخصية. أما الموقوفون حالياً في سورية فهم بجرم التعامل مع إسرائيل والتجسّس على سورية، ويخضعون للقوانين السورية، وليس في الإمكان إطلاقهم لأنهم ينفذون أحكاماً قضائية. لكن الموضوع كما يطرحه البعض ويتحدث عن لائحة من 800 مفقود في لبنان يسير في اتجاه معاكس بالادعاء أنهم في سورية . ماذا أفعل بهم هنا؟ هل أقايض بهم؟ طرح الموضوع غير منطقي».
وتابع: «هناك أعداد كبيرة ممّن يقال إنهم في سورية كانوا قد قتلوا في لبنان. وهم إما في مقابر جماعية في لبنان وإما لم يدخلوا سورية أبداً. تكلموا عن الموقوفين الـ15 بحكم قضائي في سورية، وهذا صحيح، وهذه شهادة لسورية لا ضدها. لكن هل ينبغي أن يُنسى أن الحرب الأهلية نشبت في لبنان لا في سورية. لذلك يتعيّن التثبّت أولاً من مصيرهم ومكان وجودهم في لبنان قبل اتهام سورية التي ليس لديها أي معتقل أو موقوف لبناني خارج الأحكام القضائية».