تقرير / الولادات القيصرية للوائح «جبهتيْ» الانتخابات النيابية دخلت المخاض الأخير
لبنان: السنيورة أطلق حملته الانتخابية من صيدا ونسيب لحود فجّر «قنبلة» عزوفه عن خوض الاستحقاق النيابي
1 يناير 1970
05:27 م
|بيروت - «الراي»|
قد يكون من المبكر الحديث عن انعكاسات انتخابية مباشرة لبعض التطورات التي حصلت في لبنان اخيراً او بعضها الاخر المرتقب، لكن ذلك لا يحول دون تنامي مناخ جديد من التقديرات التي تدور همساً في الكواليس وهي مرشحة للتصاعد تباعاً. وتتمثل هذه التطورات في مجموعة احداث حصلت اخيراً ومن ابرزها الحملة المصرية الحادة والمتواصلة على «حزب الله»، والاعتداء الذي تعرض له الجيش اللبناني في منطقة البقاع، ومن ثم المناخ الذي يتحدث عن قرب اطلاق الضباط الاربعة الموقوفين في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري فضلاً عن معلومات صحافية اشارت الى توقعات بانسحاب اسرائيل من قرية الغجر هذا الشهر. والواقع ان مجمل هذه التطورات ترتبط بعامل التزامن اللافت اذ تقع كلها عند مشارف انطلاق المعركة الانتخابية في لبنان نحو مرحلتها النهائية والحاسمة ما لا يمكن معه الا تصور انعكاسات مباشرة او غير مباشرة لكل من هذه الاحداث على مسار العملية الانتخابية لا سيما على صعيد التأثير سلباً او ايجاباً لدى جماهير هذا الفريق او ذاك. غير انه سيكون صعباً جداً من الان التكهن بطبيعة هذا التأثير باعتبار ان لكل من هذه الاحداث والتطورات طبيعة مختلفة سيختلف معها تالياً تأثير كل منها على جمهور 14 مارس او 8 مارس تبعاً لكل ملف. فاذا كان الاعتداء على الجيش والحملة المصرية على «حزب الله» والانسحاب المحتمل من الغجر تشكل عوامل تأثير ايجابية محتملة لمصلحة 14مارس فان الاطلاق المحتمل للضباط الاربعة يشكل عامل تأثير ايجابياً لمصلحة 8 مارس. ولذلك بدأت هذه المسائل تشكل حيزاً من هامش مهمّ في الكواليس والتقديرات الانتخابية اسوة بعملية تشكيل اللوائح الانتخابية التي ستدخل مع عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي مرحلة المخاض الاخير قبل الولادات النهائية لما تبقى من اللوائح. وثمة مفارقة جديدة ـ قديمة بدأت تبرز في الايام الاخيرة وهي تحول البطريركية المارونية محور حركة كثيفة ودائمة كأنها «خلية نحل» على صعيد استقطاب الزعماء والمرشحين. ويعتقد بعض المطلعين ان ثمة تطورات مهمة واعدة مرشحة للتبلور تباعاً على صعيد رسم المشهد الانتخابي في المناطق ذات الثقل المسيحي خصوصاً، حتى لو باتت معظم ملامح لوائحها معروفة . ويقول هؤلاء ان قوى مسيحية في 14 مارس وقوى مسيحية مستقلة بدأت الاعداد بقوة لمرحلة الاسابيع السبعة الفاصلة عن موعد الانتخابات في 7 يونيو المقبل لاطلاق حملات مركزة تستهدف تعبئة الرأي العام المسيحي الغاضب وحمله على اتخاذ خيارات واضحة وحاسمة من وحي خط الكنيسة المارونية اولاً ومسلماتها، وهو امر يواكب مجموعة خطوات لن يعلن عنها ستفعل فعلها في الوقت المناسب على صعيد خوض المواجهة الحاسمة مع قوى المعارضة. وكان لافتاً في المشهد الانتخابي امس الوقائع الآتية:
* مباشرة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اول تحرك ميداني له في صيدا بصفته مرشحاً عن المقعد السني الثاني فيها. وقد أجرى امس سلسلة لقاءات مع فاعليات المدينة، مسقط رأسه، التي سيخوض الانتخابات فيها متحالفاً مع الوزيرة بهية الحريري.
وشكلت الزيارة «باكورة» محطات اسبوعية سيقوم بها السنيورة لعاصمة الجنوب في اطار التحضير للمعركة الانتخابية، واعتُبرت عملية إطلاق فعلي للحملة الانتخابية المشتركة بينه وبين الوزيرة الحريري.
وقد أدى رئيس الحكومة، المرجح ان يبقى في صيدا حتى يوم غد، صلاة الجمعة في مسجد بهاء الدين الحريري، قبل ان ينتقل الى الحسينية حيث التقى الشيخ الجعفري عسيران وعرض معه مواضيع انتخابية.
وأعلن السنيورة بعد اللقاء ان «ترشيحي ليس تحديا أو استفزازا لأحد وهو لم يأت من الخارج أو من بيت آل الحريري وانما بقرار شخصي وبدعوة من الاهل والاقارب».
وأوضح ردا عن سؤال «لست متخوفا من أحداث أمنية في صيدا»، لافتا الى «ان الانتخابات هي عملية ديمقراطية». واعلن «ليس لدي مانع من لقاء اي كان في صيدا».
بعدها توجه الى مجدليون وتحديدا الى دارة آل الحريري، قبل أن ينتقل الى دارة السيد شفيق الحريري (شقيق الرئيس الشهيد رفيق الحريري) حيث يبدأ لقاءاته واتصالاته مع أبناء مدينته وعائلاتها وفاعلياتها وقطاعاتها، علماً ان هذه الدارة أديرت منها معظم المعارك الانتخابية لـ «تيار المستقبل» وخط الرئيس الحريري.
* «القنبلة» السياسية - الانتخابية التي فجّرها رئيس «حركة التجدد الديموقراطي» الوزير نسيب لحود بإعلانه العزوف عن خوض الانتخابات، في خطوة بدت «احتجاجاً» على طريقة تشكيل النائب ميشال المر بالتحالف مع حزب الكتائب اللبنانية اللائحة المدعومة من فريق «14مارس» في دائرة المتن الشمالي.
وقد اعلن لحود في بيان «العزوف»: «في 15 مارس الماضي، عقدت مؤتمرا صحافيا عرضت فيه رؤيتي لادارة المعركة الانتخابية في المتن والمعايير التي يجب اعتمادها في هذه المعركة عموما وفي تأليف اللائحة خصوصا، وذلك استنادا الى قناعاتي وخياراتي وتجربتي السياسية والقيم الاخلاقية والاهداف الوطنية التي أؤمن بها واعمل من اجلها منذ دخولي الى المعترك السياسي والحقل العام، سواء من خلال حركة التجدد الديموقراطي او قبل تأسيسها او سائر الأطر والهيئات التي عملت داخلها. كما قلت انني لن اشارك في اي لائحة انتخابية اذا لم اكن من المساهمين في تأليفها ووضع معاييرها.
وبما ان ادارة العملية الانتخابية في المتن وتأليف اللائحة يتمّان على قاعدة اعطاء الاولوية لتقاسم الحصص وتحديد الاحجام وعلى حساب المضمون السياسي والاهداف الوطنية المتوخاة من هذه الانتخابات كما يستحق المتن والمتنيون واللبنانيون عموما، قررت عدم المشاركة في هذه اللائحة والعزوف عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة». وعاهد اللبنانيين بان يبقى على مبادئ «ثورة الارز».
وكان النائب المر اعلن (اول من امس) ان لائحة المتن الشمالي باتت في مراحلها النهائية، ولن تعلن قبل بدايات شهر مايو والمطلوب ان نفوز بسبعة مقاعد من اصل سبعة (بعدما فاز النائب عن حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان بالتزكية)».
وبعزوف لحود، الذي فاجأ الدوائر السياسية، لما يمثله رئيس حركة «التجدد الديموقراطي» من حضور في المتن، تصبح لائحة المتن شبه مكتملة، اذ حُل تلقائياً الخلاف الذي كان قائماً حول مرشح «القوات» ادي ابي اللمع، الذي لم يكن ممكناً ان يتم السير به الا على حساب مرشح المر بيار الأشقر او سركيس سركيس الأقرب الى الكتائب، فإذا بالمفاجأة انه سيحلّ مكان الوةزير لحود.
* تمني البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير امام زواره «ان يصل الى الندوة البرلمانية الاكفاء والاجدر لخدمة وطنهم»، مشيرا الى «ان للناخب دورا كبيرا في اختيار من يمثله، ويعبر عن تطلعاته وطموحاته».
* حسم التفاهم بين رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري و«الجماعة الإسلامية» التي ستتمثل بالمرشح عماد الحوت عن الدائرة الثالثة في بيروت وبالنائب السابق أسعد هرموش في الضنية، وعلى الأرجح على حساب النائب قاسم عبد العزيز الذي كان الوزير محمد الصفدي يتمسك به في إطار التحالف الذي يخوض الانتخابات على اساسه في طرابلس مع الحريري والرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي. من دون ان يتضح بماذا سيتمّ تعويض الصفدي.
وكان نقيب المحامين السابق في الشمال فادي غنطوس اعلن سحب ترشحه للانتخابات النيابية عن المقعد الارثوذكسي في طرابلس، في خطوة بدت في إطار تجاوز عقبة اساسية كانت ولا تزال تحول دون ولادة اللائحة الائتلافية في طرابلس.
ومعلوم ان الصفدي كان متمسكاً بغنطوس الذي يرفضه الحريري مفضلاً روبير فاضل. وفيما بدا تحفظ فاعليات علوية على ترشيح النائب بدر ونوس عن الطائفة غير ذي «فاعلية» لا سيما اعتبار القيادي في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد أن مفاعيل المصالحة التي جرت في طرابلس (بين باب التبانة و جبل حسن) في شهر رمضان الماضي يجب أن تنسحب على الانتخابات النيابية فيكون هو المرشح لهذا المقعد في الائتلاف، تتراجع حظوظ استبدال اسم النائب السابق أحمد كرامي بالنائب مصباح الأحدب، باعتبار ان كرامي يريده الرئيس ميقاتي، واي إخلال بالتوافق مع الأخير يمكن ان يطيح بالائتلاف وينعكس على مجمل الاتصالات المتعلقة بمنطقتي المنية ـ الضنية وعكار. * شبه حسم لائحة تيار «المستقبل» وحلفائه في عكار وسط صعوبات تعترض ترشيح مسؤول «القوات اللبنانية» في المنطقة العميد وهبي قاطيشا عن المقعد الأرثوذكسي الثاني، لترتفع أسهم الأسماء الآتية: عن السنّة خالد ضاهر وخالد زهرمان ومحمد سليمان، عن الأرثوذكس النائب رياض رحال ونضال طعمه، عن الموارنة النائب هادي حبيش، وعن العلويين السفير السابق خضر حبيب.
* إنهاء المعارضة وضع اللمسات الاخيرة على لائحتها في البقاع الغربي - راشيا، والتي ستضم عبد الرحيم مراد، ناصر نصرالله فيصل الداوود، هنري شديد، محمد القرعاوي، وايلي الفرزلي، وسيتم الاعلان عنها خلال مهرجان جماهيري نهار الاحد في 3 مايو.
اما لائحة الموالاة فتنتظر نتائج اتصالات النائب الحريري الذي نزل عند رغبة رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط بعدم ضم احد الاسماء الشيعية التي تمثل استفزازا الرئيس البرلمان نبيه بري على لائحة الموالاة، وسط معلومات عن ان الاسم الشيعي بات محصورا باسمين فقط هما امين وهبة وسامي ?ريشوني بعد استبعاد اسم النائب السابق محمود ابو حمدان.
وكان رئيس «تيار المستقبل» اعلن ان الحملات الانتخابية الفعلية ستنطلق بعد نحو 15 يوماً، نافياً وجود خلافات داخل صفوف 14 مارس، وقائلا ان «معظم اللوائح سيعلن الاسبوع المقبل».
وهل ما زال عند موقفه القاضي بأنه في حال عدم فوز الاكثرية بالانتخابات، لن يشارك في الحكم؟ أجاب: «طبعا، ومعروف عني انني لا ابدل موقفي». واذا ربحت الاكثرية الانتخابات، هل سيكون رئيس الحكومة المقبل؟ اجاب: «اذا رغبت الاكثرية ذلك، سنرى».