مقابلة / الأمين العام لـ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» يؤكد أن «اتفاق نيفاشا لم يعطنا ما لا نملكه»

باقان اموم لـ «الراي»: سأصوّت ضد انفصال الجنوب شرط توفر الوحدة والعدالة والمساواة بين أبناء البلد الواحد

1 يناير 1970 08:57 م
 |الخرطوم - من علي مغنية|
اكد الامين العام لـ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» باقان اموم، انه سيصوت ضد انفصال جنوب السودان. وقال في حوار خاص مع «الراي»، «نحن لسنا مع مبدأ الانفصال ابدا، لكن ندعمه اذا لم تتوفر شروط الوحدة والعدالة والمساواة بين ابناء البلد الواحد، و(قيام) مجتمع ديموقراطي».
واوضح اموم، «ان ثروات الجنوب هي التي تمول الجنوب والوسط وشمال السودان، ولا نأخذ فلسا واحداً من الوسط او الشمال، ونحن رضينا بذلك، ومن هنا نرى ان المستفيد الأكبر من الوحدة هو الشمال اكثر من الجنوب».
واضاف اموم: «نسعى الى الا تكون السلطة بايدي القلة من فئات المجتمع المتربعين على السلطة، ومحتكري الثروة التي تعود لكل الشعب السوداني بكل أطيافه». وتابع: «ونحن نرى ان مشكلة دارفور الأساسية هي في ثورة تنبع من خلال التهميش الذي يتعرض له أهلها».
وفي ما يأتي نص الحوار:
• ذهبت إلى الولايات المتحدة لطلب مساعدات عسكرية ومادية لجنوب السودان، هل هذا يعني انكم تستعدون للانفصال عن بقية السودان وانشاء كانتون خاص بالجنوب ؟
- لا نريد ان ننفصل ولا نعمل على الانفصال في الوقت الحاضر. طبعا عندما تم التوقيع على اتفاقية السلام الشامل بين الجنوب والحكومة - اتفاقية نيفاشا - اعطي الحق للجنوب بالاختيار بين البقاء داخل السودان الموحد وبين الانفصال او الاستقلال، وبالتالي فترة السنوات الست، اتت لتعطي حركة الاستفتاء للجنوب، وبذلك يكون لدينا خياران.
• ماذا سيكون خيارك انت بالذات، كامين عام للحركة الشعبية الجنوبية؟ هل تؤيد الانفصال وانشاء دولة مستقلة عن السودان؟
- اولاً، خياري مبني على مشروع الحركة الذي يسعى الى قيام سودان جديد، يتساوى فيه كل المواطنين كشركاء في وطن واحد، وانا اطمح لكي يتوحد السودان لإنشاء سوق اكبر، وبناء مجتمع أوسع. نحن لسنا مع مبدأ الانفصال ابدا، لكن ندعمه إذا لم تتوفر شروط الوحدة والعدالة والمساواة بين أبناء البلد الواحد، و(قيام) مجتمع ديموقراطي».
• هل حققتم العدالة بعد نيفاشا؟
- نحن في طريق تحقيق العدالة، وهذا المشروع يحتاج جهد متواصل ما دام استمرارنا موجود، ويتطلب حياة كاملة، واكثر ان اتفاقية السلام احدثت تغيرا دستوريا في غاية الأهمية في السياسة السودانية، ونحن الان بصدد التحضير للاستفتاء في الجنوب لكي يختار شعب الجنوب بين الوحدة والانفصال، وهذا بحد ذاته اعتراف بإرادة المواطن وليس قهرا له، وهذا مظهر من مظاهر العدل والديموقراطية والاحترام لرأي الناس.
وهنا أريد ان أوضح، باننا عندما نتكلم عن تقاسم الثروة، فان ذلك يعني الثروة المنتجة الموجودة في الجنوب، وليس في كل السودان، والآن يتم تقاسم عائدات النفط المنتجة في الجنوب فقط، بين الجنوب والحكومة الوحدة الوطنية... فثروات الجنوب هي التي تمول الجنوب والوسط وشمال السودان، ولا نأخذ فلسا واحداً من الوسط او الشمال، ونحن رضينا بذلك، ومن هنا نرى ان المستفيد الأكبر من الوحدة هو الشمال اكثر من الجنوب
• لكن الجنوب يستفيد من الوحدة لكي لا يبقى محصورا بمنطقة جغرافية ضيقة؟
- نحن نطمع لأن تكون جغرافية السودان، تستوعب اثيوبيا واريتريا وجيبوتي واوغندا كينيا ومصر، ونكون دولة اكبر ومجتمعاً اوسع، وتستطيع كل هذه الدول التحرك ضمن هذه المنطقة الجغرافية، والناس والسلطة والتجارة والخدمات. عندنا اليوم علاقات جيدة مع الجميع، ومشروعنا هو مشروع الخير للسودان. وقد وعدتنا الإدارة الأميركية الجديدة خلال زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة، بأن تدعم مشروع السودان الوطني الجديد لتحقيق السلام الشامل لكل السودان عن طريق تفعيل اتفاقية نيفاشا والمساعدة على احلال السلام في دارفور وتحسين الأوضاع الإنسانية في الإقليم. ومن جهة أخرى، العمل الجدي لتحقيق التحول الديموقراطي، وإجراء الانتخابات النيابية في كل البلاد.
• كيف يكون مجتمع الجنوب ديموقراطياً، ولديكم 28 في المئة في البرلمان من حركتكم معينين من قبلكم وليس منتخبين من الشعب؟
- طرح الحركة، هو احداث تغيير جذري للبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع السوداني، وبذلك تعالج القضايا، والا تكون السلطة بأيادي القلة من فئات المجتمع المتربعين على السلطة، ومحتكري الثروة التي تعود لكل الشعب السوداني بكل أطيافه، نحن جئنا لنعالج هذه المسألة ونسعى إليها، فإذا تعذر ذلك ينهار المجتمع السوداني وتنهار الوحدة ولا يمكن تحقيق الديموقراطية ابداً.
• هل انتم مع أو ضد النظام الرئاسي وهل تسعون إلى نظام ديموقراطي مختلف؟
- النظام الرئاسي يستطيع ان يكون نظام التوزيع العادل للثروة، ومع اللامركزية ومع إنهاء تركيز السلطة بأيد اشخاص محدودين، هذا هو مشروعنا وهو مشروع عميق يدعو الى تحقيق تغير عميق في البنية وتركيبة الدولة السودانية.
• ألستم، كما يقال، متمردون ولا تريدون العيش في مجتمع إسلامي لأنكم مسيحيون وتفضلون أن يكون الغرب امتدادا لكم؟
- هذه صورة تم تقديمها من خلال طغاة، حكموا السودان وأرادوا إبعادنا عن المسلمين والعرب، وهذا غير صحيح أبدا، لأن امتدادنا هو امتداد السودان بشماله وجنوبه. وأهل الجنوب متمردون، نعم هذا صحيح، لكن ضد الظلم، وثاروا لإثبات وجودهم في المجتمع السوداني وعدم اعتبارهم مواطنين متساوين مع الآخرين، كما أنهم ثاروا من أجل العدل والمساواة ومن اجل كرامة الإنسان السوداني، ولهذا اذا لم يتحقق لأهل الجنوب كل ما ذكرته، فلنا الحق أن ننفصل لنعيش بكرامتنا. هذا هو تطلع الإنسان. مشروعنا هو لدعوة أهل الشمال وأهل الجنوب للانتقال بالسودان إلى مجتمع جديد تتحقق فيه المساواة كاملة ويتوحد فيه الناس على أسس جديدة.
• تتكلم عن العدل والمساواة، هل انتم كحركة مرتبطون بحركة العدل والمساواة التي يتزعمها خليل إبراهيم في دارفور؟
- الحركة الشعبية كانت موجودة مند زمن بعيد، وهي طرحت هذا المشروع، لكن العدل والمساواة في دارفور أنشئت حديثاً، ولدينا اتصال معها في اتجاه مساهمتنا في تحقيق السلام، كما لدينا اتصالات مع كل الحركات في دارفور، وكل هذا يصب في سبيل تحقيق السلام الشامل والعادل لأنها قضية إنسانية ويمكن تحقيقها من خلال مفاوضات سياسية، ونحن نرى أن مشكلة دارفور الأساسية هي في ثورة تنبع من خلال التهميش الذي يتعرض له أهلها.
• انتم حصلتم على خيرات الجنوب كما أعطيتم نيفاشا سلطة في العاصمة، وكأنما عملتم تحت مبدأ، ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم ؟
- هذه اخطر الافكار المتداولة على الساحة السودانية، لان اتفاق نيفاشا لم يعطنا ما لا نملكه، وهذه الأفكار تقود إلى انفصال الجنوب. إن الحكومة المركزية ليست حكومة للشمال وحده، نعم حكومة الشمال هي التي كانت تحكم الجنوب
ولم يكن للجنوبيين الحق بالمشاركة، والنزعة الانفصالية لا تريد للجنوب الحق في المشاركة في الحكم القومي، وهذا المنطق الذي لا نقبل به.