د. حسن عبدالله عباس / لجنة التعديات
1 يناير 1970
12:38 ص
لم أذكر أن الحكومات القليلة الماضية قدمت شيئاً يُذكر يستحق الثناء والشكر، باستثناء تشكيلهم لما عُرف بـ«لجنة إزالة التعديات» على أملاك الدولة، هذه اللجنة التي بحق أعادت لنا الروح والإحساس بهيبة الدولة وذكرتنا بأننا مازلنا نعيش على ركام دولة كانت في السابق تُسمى بدولة القانون. فمع احترامي الشديد للجان الحكومية الأخرى العاملة، إلا أن أثر هذه اللجنة طغى على أخواتها ونتاجها بالتأكيد واضح رغم الصرخات والعراقيل التي وُضعت ومازالت توضع في طريقها. فرغم ذلك كله ظلت اللجنة وظل أعضاؤها متشبثين ويمارسون بما عقدوا العزم عليه من إزالة لكل تعدٍ على الأملاك العامة.
توجد كلمة من الضروري أن أذكرها قبل أن يلتبس الحق بالباطل وقبل أن تزدحم الشبهات، إعجابي باللجنة بينته مرات عدة، وحتى قبل أن يصل الأمر ويتطور إلى ما يُسمى بمساجد «الشينكو». أقول هذا الكلام حتى لا يتهمني أحد بأنني ضد المساجد أو أنني مؤيداً لتعديات المساجد، ولكن مع فئة وضد أخرى، وهي بالمناسبة تهمة جاهزة ومعلبة، كالاتهام الأخير الذي وجهه النائب السابق محمد هايف المطيري لأعضاء اللجنة حينما اتهمهم بالطائفية!
الحماسة التي انتابت قطاعات كبيرة من الشعب الكويتي لعمليات الإزالة ليست بخافية على أحد. لكن وفي المقابل من المتوقع جداً أن ترتفع أصوات أولئك ممن اكتووا بنار الإزالة، ومن ثم فمن الطبيعي جداً أن ترتفع أصواتهم منددين ومستنكرين إن لم يكونوا شاتمين ولاعنين. والإنصاف يقتضي أن يسأل كل من تضايق لعمل إزالة الشينكوات والمساجد بعض الاستفهامات، هل لجنة الإزالة طائفية منذ الأمس ومنذ اليوم الأول لعملها أم أصبحت كذلك أخيراً؟ ثم نحن نتحدث عن مساجد مخالفة، بمعنى أنها أُقيمت منذ البدء بصورة مخالفة وعلى أراض مملوكة للقطاع العام، فكيف يُطاع الله من حيث يُعصى؟ ألم يكن من الأولى ألا تخالف حتى لا تُزال؟
المشكلة الكبرى أن الناس استمرأت واستلذت العناد والمخالفات بممارسات مشينة كثيرة، ومنها التعديات الفاضحة كالجارية على أملاك الدولة. والتصريح الأخير لعضو الإزالة العميد المتقاعد سعود الخترش مضحك ومبكٍ في آن، إذ يقول الرجل إنهم أزالوا تعديات بحجم فلل كاملة إلى جانب شقق مؤجرة للعزاب وغيرها، وصولاً إلى المساجد غير المرخصة، وهي كلها شوائب من الصعب القبول بها في دولة الدستور والقانون.
لكن هذا الحماس وهذا التشجيع لا يعني البتة أن نغض الطرف عن التجاوزات التي لم تتحدث عنها فرق الإزالة. فالزميلة الإلكترونية «الآن» وقبل أيام نشرت على صفحتها تجاوزات خطيرة امتدت لأعوام عدة استحوذت عليها شركات كبرى وبآلاف الأمتار. لذا ففريق الإزالة مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالإنصاف والعدالة في المعاملة وأن يريح الأنفس ويبدأ بإزالة تعديات علية القوم، وإلا صارت نواياكم على المحك!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
hasbba@gmail.com