توصياتي الخاصة للجنة الدائمة بدول مجلس التعاون الخليجي

أعضاء لجنة التحكيم من العرب لم يفهموا اللهجة الخليجية وطبيعي أن تتحول النتائج إلى مقايضة وتنفيع بين الخليجيين

1 يناير 1970 04:16 ص
| كتبت ليلى أحمد |
وقد غادرتنا - بحفظ الله ورعايته- جميع الوفود الخليجية التي شاركت في مهرجان المسرح الخليجي العاشر،والذي أطرّه اسميا ورسميا مجلس التعاون الخليجي دون ان يشارك في الغالب الأعم بموارده المالية الضخمة،بل تتحمل الدولة المضيفة كل مصاريف الوفود وفرقها المشاركة، وكأن إيرادات دول مجلس التعاون ناقصة لتترك الامر للدول المضيفة.ولو انهم يصرفون عشر ما يتم صرفه على مؤتمرات القمم الخليجية التي غالبا لا نستفيد من اجتماعاتهم «السرية» أي شيء لصالح شعوب ونماء وتطوير المنطقة، لو صرفوا نص العشر في المئة لما كان الامر كثيرا وكبيرا عليهم. ياللا.. آخر همهم الفنون والثقافة.
وبعد أن فاز من فاز.. وانتكس من شعر بأن لجنة التحكيم ظلمته، ومن شعر بحياد تام، وكل من ابتهج للنهائيات، الا انه بالنهاية نسجل نقطة مهمة لصالح استمرار وتطوير المهرجانات المسرحية الخليجية،فأهم ما تشكله مثل هذه المهرجانات هو روح الوفاق والصحبة بين جميع فناني دول مجلس التعاون الخليجي، فالمسرح يجمعهم باختلاف أفكارهم ومشاربهم وأحلامهم وهمومهم، وهذا بحد ذاته هدف نبيل عكس ما تفعله مسابقات كرة القدم التي تخلق التناحر والكراهية بين شباب دول المنطقة، ربما لان المسرح هو خلاصة فكر ووجدان الانسان فيما كرة القدم خلاصة رياضة تبدأ بالرجل والعضلات فتصعد موجة التنافر من شعوب مازالت تقدس رياضة الركل بالاقدام.
ولان المسرح يهمني، فمن حقي المشاركة في إبداء بعض الملاحظات وإصدار توصياتي الخاصة الى اللجنة الدائمة للفرق المسرحية الاهلية بدول مجلس التعاون الخليجي، التابعة فلقد حصدتم الكثير من الشكر والعرفان والجميع ثمّن جهودكم وهو ما لا تحتاجونه مني، فالاولى الدخول في عمق مباشر الى توصياتي..
- منذ عشر سنوات ومهرجان المسرح الخليجي ينطلق بمعدل كل عامين في دولة خليجية من الدول الست، وبما ان مسماه «مهرجان خليجي» فلا داعي لإشراك المحكمين العرب في عضوية لجنة التحكيم وذلك للاسباب التالية:
ان بعض الفرق المسرحية الخليجية تفضل المشاركة بلهجتها الخليجية الصرفة ان كان في الاستعانة بالموروث الشعبي مع ما يحمل ذلك من رموز ودلالات لن يعرفها الا ابناء الخليج، او باستخدام مفردات في العروض المعاصرة وعدم فهم هذه اللهجة من النقاد العرب، وبطبيعة الحال يظلم العمل بسبب عدم فهمهم للنص وخصوصية اللهجة المحلية، وبذلك يكون عضو لجنة الحكم أخلّ بأهم عناصر العرض المسرحي وهو / النص.. والذي تبنى عليه السينوغرافيا واداء الممثلين والاخراج.. فكيف سيمنحون درجات لعرض لا يفهمونه؟!
- خارج اللوائح التنظيمية للجنتكم الدائمة الموقرة تم حرمان دولة الكويت من المشاركة في عضوية لجنة التحكيم، ومن دون مبررات الا ماساقه لنا عضو اللجنة الدائمة الدكتور ابراهيم غلوم الذي قال لـ «الراي»: اننا في اللجنة الدائمة قررنا «شفاهة» عدم قبول اي محكم من الدولة المضيفة للمهرجان وهذا غير موجود باللائحة بس طبقناه..»
كلام غريب.. فإننا شهدنا في مهرجان المسرح الخليجي في دورات سابقة بدول مثل الامارات والبحرين عضوية ابناء البلد في لجنة التحكيم.فأي منطق هذا...؟ فهل للجنة الدائمة لوائح ثابتة واخرى شفهية!! تلغي الثوابت وتطبق الاتفاقات الشفهية، وهل الكويت تقل بها الكفاءات من اساتذة في مجالات النقد المسرحي والديكور والاخراج والتمثيل، وهم من شاركوا في دورات سابقة بمهرجانات الخليج وبالكويت المحلية، ولدينا معهد فنون مسرحية لجميع التخصصات هو الاول والوحيد بمنطقة الخليج العربي.
من طرائف القول والحوارات اليومية اني سألت اثنين من اعضاء لجنة التحكيم من الاساتذة العرب عما فهماه من لهجة اماراتية او بحرينية او قطرية وقدمت بخصوصيتها التراثية قالا «والله ما فهمنا شيء» وهذا يعني ان حكمهم «لفوز النص» غير مقبول، وسيكون الامر مقايضة بين اعضاء لجنة التحكيم و«تنفيع وترضية» بين أعضاء لجنة تحكيم الخليجيين.وهذا ليس من العدالة والانصاف بشيء.
- يفترض ان اللوائح تتجه نحو تطوير مفرداتها بدلا من انتكاساتها، فمن الجدير القول ان عروض الفرق المشاركة يجب ان تكون حديثة،وتقدم للمرة الأولى لمهرجان مجلس التعاون الخليجي، ففرقة «اللوال» الاماراتية شاركت في 2007 في مهرجان الشارقة المسرحية وحصدت اعلى الجوائز ومع هذا فليس من العدل مشاركتهم مع فرق منافسة تدخل المسابقة للمرة الأولى، فاللوال محترفون في التدريب على عرضهم المسرحي وواثقون من أدائهم، فهل يستوي قبول عرضهم مع شباب يقدمون تجربتهم أمام الجمهور للمرة الأولى، والامر نفسه تكرر مع مسرحية «المزار» التي قدمت عروضها الجماهيرية في سلطنة عمان، وكذلك «انسوا هاملت» الكويتي والذي شارك في مهرجان محلي سابق بالكويت، أليس مهرجان لدول مجلس تعاون خليجي «من واجبه» تغيير لائحته باتجاه تطوير القدرات المسرحية وضخ دماء وأفكار وطاقات جديدة وتقديم جديدها في كل مهرجان جديد؟
- على علو وثراء دول المنطقة النفطية والمساهمة في وجود واستمرار كيان دول مجلس التعاون الخليجي وتصل مساهمات حكومات دول الخليج الى ملايين الدولارات سنويا، لتسمح لي لجنتكم الدائمة ماذا فعلت لتطوير واقعنا المسرحي في جميع دول الخليج طوال سنوات من وجودها.. من بناء مبان إقليمية مسرحية بأعلى التقنيات المسرحية تكون بمثابة مجمع مسرحي للفنون الراقية كالمسرح والفنون التشكيلية وصالات لمحاضرات واخرى تحتاجها الحركة الفنية والثقافية في بلدان الخليج.
- ماذا قدمتم من مساندة لرفع سقف «حماية» المبدعين والوقوف معها ضد التعسف الذي تتعرض له ببعض دول الخليج،فغالبية أعضاء اللجنة الدائمة يقدمون اوراقا بحثية لا تقول شيئا بالرغم من عناوينها الكبيرة وهي مكررة في كل الدورات ولا تؤتي ثمارها منذ نشأة اللجنة الدائمة التي اقرت لدعم وحماية وتطوير الفنون المسرحية بالخليج لا.. لتأطيرها بحسب ما تريده قوى التزمت والرجعية في المجتمع الخليجي.
- ولأن المسرح هو نبض الحياة الاجتماعية في الكون كله ولان قضاياه نابعة من دراما وتناقضات الحياة في واقعنا،ولان الحياة رجل مقابل امرأة... ومع هذا تلاحظون غياب أو انزواء دور المرأة في كل العروض المسرحية، ولم نقرأ يوما «المعوقات والحلول» لفك هذه الاشكالية، فيضطر مبدعو الخليج للبحث عن مسرح ذكوري للتعبير عن قضايا اجتماعية دون وجود المرأة ككاتبة نص وممثلة ومخرجة وصانعة إبداع السينوغرافيا.. فبدلا من ان تكونوا نهضويين منفتحي الافكار والارادات على حيواتنا الحقيقية،وتتابعوا ما يجرى في العالم بما فيه من واسع افق، تجارون تخلف مجتمعات الخليج وتصمتون تماما عن غياب دور المرأة في العملية الابداعية.
- يبدو ان اللجنة الدائمة التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي غير منتبهة لسقف الحريات المحدود في عروض دول مجلس التعاون الخليجي، في الارتقاء بمستويات العرض المسرحي، فـ «الثيمات / الافكار» المقدمة في مختلف العروض المسرحية وهي تدور في أفلاك محدودة ومعزولة عن الحراك الاجتماعي بالمجتمعات الخليجية مع ماتمر به هذه الشعوب بداية من الطفرة الاقتصادية اثر نبوع النفط في بلادنا وما خلق من إرهاصات وتحولات سياسية واجتماعية في مجتمعات بكر،وغياب تام في جميع دول مجلس التعاون الخليجي من خطط واستراتيجيات واضحة للتنمية الوطنية لصالح مستقبل شعوبها وليس لصالح الجالسين على كراسي الحكم اليوم.
ماقدمت توصياتي الخارجة عن أسوار المجاملات والمصالح والنفاق وماهدفي الا.. لصالح تطوير الحركة المسرحية والطاقات المبدعة بدول مجلس التعاون الخليجي..