سلطان بين أهله ... فلتكن «تكاملية»

1 يناير 1970 08:20 ص

 بين الأهل والاخوان، تغدو عبارات الاطراء والثناء خارج السياق الاسري، ومع ذلك فصاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز وما يمثله من قيمة انسانية وحضارية يفرض نفسه على كل مستويات المحبة، وتعكس ابتسامته ورؤيته وتفاؤله وحكمته واياديه البيضاء وعشقه لبلده الثاني حضورا كبيرا لشخص استثنائي لا يمكن لتاريخ العلاقات السعودية - الكويتية، تحديدا، رواية الحكاية من دون بصمته.
بين الاهل والاخوان يحل الامير سلطان صاحب دار، فهو يعرفنا كما نعرفه، ويعرف عندما امسك بيد صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد لدى وصوله الى الكويت انه يستند على تحالف تاريخي بني بالصبر والشقاء والارادة المشتركة والامل المشترك والدم المشترك، وهو الامر الذي بدأ قبل وصول المغفور له عبدالعزيز الى الكويت في بداية القرن الماضي منطلقا منها لتوحيد المملكة واستمر بعد استشهاد الجنود السعوديين البواسل على تراب الكويت لتحريرها مع نهاية القرن.
هذا تاريخ معروف... وهذا واقع سيستمر.
ولكن، لا بد من كلام يتجاوز العاطفة قليلا من اجل مستقبل جديد للعلاقات بين البلدين يرتكز على جملة اتفاقات تكاملية في كل المجالات لا على المحبة وإرادة التعاون فحسب.
الاتفاق السياسي اكثر من طبيعي، فالمملكة تاريخيا وجغرافيا وعربيا واسلاميا وانسانيا هي القاعدة الاكبر للواقعية السياسية والاعتدال، واللاعب الرئيسي في الامور المصيرية، وحصن التوحيد لمختلف الانقسامات اذا لم تطرأ عوامل خارجية – واحيانا عربية واسلامية – لتخريب جهود الاتفاق التي تبذلها. والكويت تاريخيا دولة الديناميكية الديبلوماسية والتراث الانفتاحي شرقا وغربا والتجربة السياسية والاقتصادية المميزة، وهذه الخصائص وان بدت تمايزا الا انها في جوهرها تكاملية خصوصا ان الكويت في الخط نفسه مع المملكة دفاعا عن وحدة الفلسطينيين وحقوقهم، وفي الخط نفسه مع المملكة دفاعا عن وحدة اراضي العراق وسيادته وتحقيق المساواة بين العراقيين بمختلف طوائفهم وتياراتهم، وفي الخط نفسه مع المملكة دفاعا عن وحدة اللبنانيين وامنهم وسيادتهم، وفي الخط نفسه مع المملكة دفاعا عن الامن والسلام في المنطقة وابعاد كأس المواجهة الدولية – الايرانية عنها، وفي الخط نفسه مع المملكة في مواجهة الظواهر الارهابية... وفي الخط نفسه في التعامل مع كل القضايا الاخرى وان اختلفت المقاربات.
تختلف الاساليب. تتمايز الخصوصيات والعلاقات الدولية. تتباطأ المعالجات من وقت لآخر، لكن التكامل السياسي يستدعي اليوم – واليوم تحديدا – استخدام اساليب مختلفة والاستفادة من تمايز الخصوصيات وتعدد العلاقات الدولية لفتح آفاق اوسع من الحلول.
والاتفاق الاقتصادي اكثر من طبيعي، فالامتداد واحد والمشاريع متداخلة والخبرات متعددة. في القطاع النفطي، في الصناعات النفطية، في المناطق المشتركة، في الزراعة، في الصناعة، في التوسع التكنولوجي، في الاستثمارات المالية والتجارية. صحيح ان بيئة العمل تختلف والقوانين كذلك لكن التعديلات غير مستحيلة خصوصا اذا قرنت بتنازلات من الطرفين، واذا تمت الاستفادة من تجارب دول عالمية كبرى تجاورت مع دول اصغر منها بكثير في الحجم وعدد السكان.
وما يقال عن السياسة والاقتصاد ينسحب بالتأكيد على الامور الاخرى، فالخصوصيات المجتمعية والتعليمية والمناطقية والديموغرافية لم تعد عوائق اساسية امام عمليات التكامل في كل المجالات بل مصدر غنى حقيقي اذا احسن توظيفها في هذه العمليات، مع العلم ان المشتركات بين الكويتيين والسعوديين من القوة والحضور والمتانة ما يمكنها من دفع قطار التعاون قدما من دون التوقف كثيرا في محطات «الخصوصية».
بين اهله واخوانه يحل الامير سلطان... صاحب دار ورجل قرار. رجل يؤمن بضرورة تطوير العلاقات بين الكويت والسعودية من علاقات «اخوية» الى علاقات «تكاملية»، فهما دولتان مؤهلتان لارساء هذا النموذج الفريد، خصوصا ان هاجس القيادتين في الدولتين، وعلى رأسهما سمو الامير الشيخ صباح الاحمد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الانسان ومستقبله والتنمية وضروراتها والتطورات وتحدياتها.


جاسم بودي