في أول قضية من نوعها في المحاكم البريطانية

تقرير / رجل دين مسلم «متنور» يتغلب على المتطرفين

1 يناير 1970 06:32 ص
| لندن - من إلياس نصرالله |
في أول قضية من نوعها في بريطانيا وربما في الدول الغربية عموما، تدخل القضاء البريطاني للبت في مسألة تتعلق بالديانة الاسلامية، اذ أصدرت المحكمة العليا في لندن قراراً لمصلحة رجل دين مسلم ليبرالي يدعى تاج هارجي من مدينة أكسفورد ضد جريدة أسبوعية اسلامية محافظة تدعى «مسلم ويكلي» تصدر باللغة الانكليزية في بريطانيا، وفرضت عليها دفع تعويض مالي كبير يُقدّر بعشرات آلاف الجنيهات الاسترلينية، بعد ادانتها بتهمة التحريض ضد هارجي واتهامه بالكفر بسبب ميوله الدينية الليبرالية.
وهتف هارجي، رئيس المركز الثقافي الاسلامي في أكسفورد، بعد صدور القرار الأربعاء، أمام عدسات المصورين وممثلي وسائل الاعلام الذين اهتموا بالقضية ضد «مسلم ويكلي»، معلناً أنه يوم عظيم بالنسبة للمسلمين في بريطانيا، وقال: «أخيراً فاز المسلمون الليبراليون والتقدميون بمعركة مهمة ضد المتطرفين الذين يسيطرون على المؤسسة الاسلامية في بريطانيا».
وأضاف أنه يرى في نفسه «شوكة في خاصرة القيادة الروحية للطائفة الاسلامية في بريطانيا». وكانت «مسلم ويكلي» اتهمت هارجي بالكفر، وكتبت أنه ينتمي الى الطائفة الأحمدية أو القاديانية، بسبب اقامة الصلاة في مُصلى خاص في جامعة أكسفورد بمشاركة الرجال والنساء جنباً الى جنب، ثم دعوته في خطوة غير مسبوقة في بريطانيا سيدة مسلمة لتؤم المصلين، رجالاً ونساء، في المُصلى ذاته، وسط اهتمام واسع من جانب وسائل الاعلام، ما أثار حفيظة الأوساطة المحافظة في الجالية الاسلامية في بريطانيا ودفع الجريدة لمهاجمته.
ومن ضمن حملة التشهير التي شنتها الجريدة ضد هارجي، ادعاؤها بأنه طُرد من عمله كأستاذ للدراسات الاسلامية في جامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا بسبب معتقداته الدينية، وهو ادعاء كاذب. يشار الى أن هارجي يرى نفسه مسلماً سنياً وأدى فريضة الحج الى مكة أربع مرات، وهو في الأصل من جنوب أفريقي، اشتهر في الماضي في نضاله ضد نظام الفصل العنصري بين البيض والسود (الأبرتهايد) في جنوب أفريقيا وانتمى الى منظمة المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة الرئيس الجنوب أفريقي السابق نيلسون مانديلا وعاش في بريطانيا سنين طويلة كلاجئ سياسي وظل مقيماً فيها بعد سقوط نظام الأبرتهايد في جوهانسبورغ.
وقال هارجي في لائحة الدعوى التي قُدِّمت ضد الجريدة أنها حرّضت ضده على أساس أنه من أتباع المذهب الأحمدي، لتشويه صورته أمام المسلمين، نظراً لأن غالبية المسلمين في بريطانيا تعتبر الأحمدية مذهب كفر. وذكر أن نظرته الليبرالية والتقدمية الى الدين والتدين هي السبب في الحملة التي شنتها الجريدة ضده.
فالى جانب نظرته المختلفة الى المرأة والتعامل معها على قدم المساواة، يدعو هارجي المسلمين وبالأخص رجال الدين منهم لمواكبة التطور الحاصل في العالم ويطالبهم بعدم اطلاق لحاهم. وبالنسبة الى المرأة يرى أن لا داعي لأن تضع الحجاب وأن تلف نفسها بالعبآت السوداء الطويلة.
وقال ان قرار المحكمة جاء في مرحلة حرجة «من الصراع بين المسلمين الليبراليين في بريطانيا ووجهات النظر المتطرفة.. فأناس تقدُميون مثلي يجري وصفهم بأنهم كفرة للقضاء على مصداقيتهم. انه نوع من الماكارثية الاسلامية يستعمل لاجتثاث أي شخص يجرؤ على التساؤل حول الأنماط غير المتنورة والقبائلية والغريبة من الاسلام».
ويَعتقد هارجي أن أكثر ما يثير حنق المسلمين المتطرفين الطريقة التي ينظر بها الى المرأة ودورها في المجتمع. ويقول «علينا أن نبتكر اسلاماً بريطانياً محلياً قادراً على الاندماج مع بيئته المحلية. اسلام يظل متمسكاً بتعاليم القرآن، لكنه ذو أفق رحب وقائم على المساواة بين الجنسين ومتنور».
وكشف هارجي لوسائل الاعلام أنه يقوم بحملة لجمع التبرعات من أجل بناء مسجد جديد في مدينة أكسفورد تصلي به النساء الى جانب الرجال وبمقدور المرأة أن تؤم فيه المصلين. وقال انه عندما دعا المسلمة الأميركية أمينة ودود لتؤم الصلاة في مُصلاه في أكسفورد لاحظ أن معظم المتظاهرين الذين احتجوا خارج المصلى كانوا من النساء المحجبات.
واعتبر «أن المرأة المسلمة خضعت لعملية غسل دماغ من جانب الرجل المسلم الذي جعلها تتبنى عادات وتقاليد ليست من متطلبات الدين. فالاسلام لا يقوم على المظاهر السطحية. عندما أرى النساء وهن يضعن النقاب أشعر بأنه ينبغي عليّ أن أقول لهن أن النقاب غير مذكور في القرآن. حتى ولا الحجاب. فالشيء الوحيد الذي يتحدث عنه القرآن هو اللباس المحتشم».