«الشفافية» تحذر من النَفس التحريضي لبعض المرشحين

1 يناير 1970 05:15 م
حذرت المفوضية العليا لشفافية الانتخابات التابعة لجمعية الشفافية الكويتية مما اسمته «النفس التحريضي الذي ينتهجه بعض المرشحين الذين يعزفون على اوتار الفئوية والقبلية والمذهبية»، واشادت بما حققته «البلدية» في إزالة المقرات والاعلانات غير المرخصة، وطالبت بإصلاح النظام الاداري في الجهات الحكومية مستقبلا حتى تسير خدمات الدولة بشكل طبيعي اثناء الانتخابات ولا تتوقف بسبب قرار وقف التعيين والندب والترقية.
واشادت المفوضية في بيانها الثالث المذيل باسم رئيس جمعية الشفافية صلاح الغزالي برفض اعداد متزايدة من مثقفي القبائل المشاركة في «الفرعيات» واثنت على دور وزارة «الداخلية» في ملاحقتها هي وظاهرة المال السياسي، وطالبت «الاوقاف» حظر استخدام المساجد في الدعاية للمرشحين، واكدت ان اصدار قانون الاستقرار المالي بمرسوم ضرورة امر دستوري لانه ينطبق عليه حالة وجوب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأجيل، وهنا نص التقرير:
أصدرت الحكومة خلال الاسبوع المنصرم مرسوم ضرورة يتعلق بالاستقرار الاقتصادي، مع اصدار لائحته التنفيذية، في حين استأنفت لجنة ازالة التعديات على املاك الدولة اعمالها الخاصة بإزالة المساجد المخالفة التي تم بناؤها من دون ترخيص، وقد شكل الموضوعان مادة اساسية لخطاب عدد كبير من المرشحين، فيما تحصنت جداول الناخبين امس الاثنين في ظل اداء جديد لبلدية الكويت، وتراجع لدور وزارة الداخلية في منع اجراء الانتخابات الفرعية التي تنظمها القبائل.
وفيما يلي اهم الملاحظات على الاستعداد للانتخابات خلال الاسبوع الثالث من الموسم الانتخابي 2009م.
مراسيم الضرورة:
تنص المادة 71 من الدستور على انه يجوز للامير ان يصدر مراسيم تكون لها قوة القانون فيما بين ادوار انعقاد مجلس الامة او في فترة حله اذا كان هناك ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وقد صدر عن مجلس الوزراء مرسوم بقانون بشأن تعزيز الاستقرار المالي في الدولة، وهو ما ينطبق عليه حالة وجوب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، في حين ان اصدار مراسيم بقوانين بربط ميزانيات الوزارات والادارات الحكومية والهيئات الملحقة والمستقلة للسنة المالية 2009/2010 لا ينطبق عليها نص المادة 71، حيث رسم المشرع الدستوري طريقا لمواجهة حالات اعتماد الموازنة العامة وهو العمل بالموازنة السابقة الى حين اقرار الموازنة الجديدة.
أداء جيد لبلدية الكويت:
حققت بلدية الكويت في انتخابات مجلس الامة 2008م انجازا جيدا على مستوى تنظيم الانتخابات، وتحديدا في الجوانب المتعلقة باختصاصاتها وفقا للقانون، وهي ترخيص اقامة المقرات الانتخابية والاعلانات في الأماكن العامة، ومازالت البلدية مستمرة في دورها بشكل ايجابي، رغم التجاوزات من عدد كبير ممن يرغبون بالترشح، فينشرون الاعلانات ويقيمون المقرات الانتخابية او يحجزون اماكنها بشكل غير قانوني قبل فتح باب التشريح.
ان استمرار بلدية الكويت بهذا المستوى من العدالة والمساواة في تطبيق القانون على الجميع سيكون نقطة مضيئة في مسيرة البلدية والقائمين عليها في الشأن الانتخابي.
الخدمات الحكومية للمرشحين:
حرصا من مجلس الوزراء على حياد الجهات العامة في العملية الانتخابية فقد قرر وقف الكثير من المعاملات في الجهات العامة، منها مايتعلق بالتوظيف والموظفين، ومنها ما يتعلق بالعلاج وغيرها الكثير، ولئن كان هذا التوجه محمودا باعتباره يحد من استغلال المنصب العالم لتحقيق اغراض شخصية ويمنع المرشحين من تمرير معاملات مخالفة للقانون من خلال علاقاتهم مع المسؤولين، إلا ان هذا التوجه يعني عدم قدرة الجهات العامة على تطبيق القانون خلال تأديتها لواجباتها وانفاذها لاختصاصاتها، فتلجأ الى وقف اعمالها خشية وقوع التجاوزات، وفي ذلك اضرار كبير بمصالح المواطنين، لذا يجب اصلاح النظام الاداري في الجهات العامة مستقبلا حتى تسير خدمات الدولة بشكل طبيعي، مع رصد لمن يتسبب بمخالفة القانون او يتجاوز اللوائح او يضر بمراجعين اخرين، ومعاقبة كل شخص يتسبب بذلك التجاوز، بدءا من الوزير وحتى اصغر موظف في وقت الانتخابات وطوال العام.
الانتخابات الفرعية:
لقد اشدنا في تقريرنا السابق بتحذير وزارة الداخلية للفئات الاجتماعية من اجراء الانتخابات الفرعية التي يجرمها القانون، خصوصا مع تردد اعداد لا بأس بها من مثقفي القبائل ورفضهم لاجراء تلك الانتخابات، لانها تفتقد لادنى اعتبارات العملية الديموقراطية في اجراءاتها وتنظيمها والمشاركين فيها وافرازاتها، وهذا التوجه لدى عدد من ابناء القبائل كان يمكن استثماره ودعمه من خلال حملات التوعية الاعلامية والدينية الحكومية لمنع تلك الجريمة الانتخابية التي لها انعكاساتها على قيم المواطنة في المديين القريب والبعيد.
وقد اعتمدت وزارة الداخلية - حتى الان - اسلوب ترك الانتخابات الفرعية تمر، مع رصد لمنظمي تلك الانتخابات تمهيدا لاحالتهم الى النيابة العامة، وقد تمت احالة اعداد من المواطنين الى النيابة العامة للتحقيق معهم في تنظيم انتخابات تخص المجلس البلدي التي ستجرى انتخاباته نهاية شهر مايو 2009م، مثل انتخابات فرعية احدى قبائل الجهراء في الدائرة الرابعة، واحدى قبائل الفروانية في ذات الدائرة، علما بأن تجارب الوزارة السابقة تؤكد على فشل تجميع ادلة الادانة رغم ان المشاركين في الانتخابات الفرعية بعشرات الالوف.
كما لوحظ انجاز العديد من الانتخابات الفرعية على مستوى افخاذ بعض القبائل، وهذا يزيد من حدة المشكلة العصبية واثرها السلبي على المجتمع، ويعطي رسالة لمنظمي الانتخابات الفرعية: ان تجاوز القانون في تنظيم الانتخابات الفرعية مسموح به.
المال السياسي:
استطاعت وزارة الداخلية في انتخابات مجلس الامة 2008م من رصد عمليات شراء الاصوات في دائرتين، واحالتهما الى النيابة العامة، وقد صدر في القضيتين بالدرجة الاولى احكاما بالادانة، وقد كان لوقع هاتين الحالتين اثر ايجابي في تراجع اخرين عن الترشح في الانتخابات - حينذاك - ممن عرف عنهم شراء الاصوات، كما كان لهذا الدور الايجابي لوزارة الداخلية اثرا جيدا في انتخابات 2009م، حيث تراجع اخرون عن الترشح للانتخابات ممن عرف عنهم شراء الاصوات، وفي ذلك نجاح كبير في محاصرة استخدام المال السياسي يحسب لوزارة الداخلية والمسؤولين فيها، املين ان يستمر هذا النجاح في تلك الانتخابات، وان تتمكن الوزارة من ضبط حالات شراء اصوات تأخذ اشكالا اخرى غير الشراء النقدي، ومنها ترميم الديوانيات وتقديم الاجهزة الالكترونية والتأثيث للمنازل، حتى تضيف الوزارة انجازا جديدا يحسب لها.
كما لا يخفى ان هناك مالا آخر يؤثر في نتائج الانتخابات غير المال الذي يتم فيه شراء اصوات الناخبين، وهو المال السياسي الذي يتم فيه شراء ذمم مرشحين من خلال تمويل حملاتهم الانتخابية، يمكن تناوله في تقاريرنا التالية:
دور العبادة:
يحظر قانون الانتخابات 35/1962 استخدام دور العبادة في الحملات الانتخابية ويعتبرها احد انواع الجرائم كما جاء في الماد 45 وان هناك عقوبات بالسجن والغرامة او احدهما لمن استخدم دور العبادة او دور العلم للدعوة الى التصويت لمصلحة مرشح معين او الاضرار به، ووزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية هي المعنية بالتأكد من عدم استغلال دور العبادة بما يسيء للعملية الانتخابية،، مقابل ذلك، يجب ان يكون للوزارة دور ايجابي في ممارسة الناخبين لدورهم الوطني المهم، كالتحذير من المال السياسي، ومن الانتخابات الفرعية، كما يجب تبيان ضرورة المشاركة في التصويت لاختيار من يصلح للتشريع والرقابة بشكل عام وليس بتوصيف لا ينطبق معه الحال إلا على مرشح معين او تيار فكري محدد.
البرامج الانتخابية للمرشحين:
تتراجع اهمية البرامج الانتخابية التي يجب ان يتم اختيار الناخبين على اساسها في ظل انتخابات تنتشر فيها العصبية، لذا وجدنا ان معظم المرشحين في هذه الانتخابات قد قاموا ببناء حملتهم الانتخابية على مواضيع لا تخدم بناء الدولة الحديثة وجزئية وصغيرة، مثل: النقد غير العلمي لمرسوم الاستقرار الاقتصادي والمطالبة باسقاط القروض ورفض هدم المساجد المتهالكة والمبنية من دون ترخيص، وهي مواضيع لو حسمت في الجلسة الاولى لمجلس الامة المقبل فليس هناك موضوع يمكن لهؤلاء المرشحين من تبنيه فينتهي دورهم، يقابل هؤلاء المرشحين مجموعة اخرى لديهم برنامج عمل يصلح لاربع سنوات مقبلة هي عمر مجلس الامة.
كما نشير الى نفس التحريض الذي ينتهجه بعض المرشحين الذين يعزفون على اوتار الفئوية القبلية والمذهبية بما يسهم في تفتيت الوحدة الوطنية، وهو ما يشكل جريمة من الجرائم التي نصت عليها القوانين الكويتية، مثل قانون الجزاء وقانون المطبوعات والنشر، ولا يجب التهاون في منعه او المجاملة على حساب الوحدة الوطنية، كما يجب احالة من يعمل على تفتيت الوحدة الوطنية الى النيابة العامة تطبيقا لاحكام القوانين المشار اليها.
وسائل الاعلام:
اشدنا في تقرير المفوضية السابق (الثاني) بالدور الايجابي الذي تقوم به العديد من وسائل الاعلام المقروءة والمرئية في محاربة الظواهر السلبية والجرائم الانتخابية والدراسات العلمية حول الانتخابات، وفي هذا التقرير نود الاشارة إلى الدور السلبي الذي تقوم به بعض وسائل الاعلام، من خلال اثارة النعرات القبلية والطائفية بالمخالفة للقوانين الكويتية مثل قانون الصحافة والنشر وقانون المرئي والمسموع، لذا نطالب وزير الاعلام القيام بتطبيق القوانين المعنية بوسائل الاعلام، فالحرية يجب ان تكون مسؤولة، والوحدة الوطنية فوق كل اعتبار.
تقارير المفوضية:
وختاما، تود المفوضية التأكيد على ان تقاريرها الاسبوعية تصدر مكتوبة باسم رئيسها ورئيس جمعية الشفافية الكويتية ويتم نشرها في موقع الجمعية على الانترنت، وهي تقارير تتضمن ما ترصده المفوضية من ايجابيات وسلبيات، سواء ما يتعلق منها بالجهات الحكومية او المنظمات الاهلية او المرشحين من الافراد والجماعات السياسية والفئات الاجتماعية الاخرى، مع حرص المفوضية على البعد عن ذكر الاسماء حرصا منها على نبذ الظواهر السلبية وليس نقد اشخاص بعينهم، وعليه فلا صحة لوجود كشوف لدى الجمعية حول تجاوزات الوزراء في التدخل بالانتخابات كما اشار بعض الكتاب في صحف محلية.