الأسد يبحث مع وفد الكونغرس الأميركي سبل دفع العلاقات
خدام: انسحاب «الإخوان» من «الخلاص» لم يكن مفاجئاً وهناك مفاوضات بينهم وبين النظام السوري عبر لجنة أمنية
1 يناير 1970
05:21 م
بروكسيل، دمشق - يو بي أي - اعتبر نائب الرئيس السوري السابق المنشق عبد الحليم خدام، أن قرار جماعة «الاخوان المسلمين» الانسحاب من «جبهة الخلاص»، التي يُعد أحد أبرز مؤسيسها، لم يكن مفاجئاً، وتحدث عن مفاوضات تجري بين الجماعة وبين النظام في دمشق عبر لجنة أمنية يرأسها عقيد في فرع الأمن الداخلي.
وقال خدام في مقابلة مع «يونايتد برس إنترناشونال»، إن «المكتب السياسي لجماعة الاخوان المسلمين واستناداً إلى المعلومات التي توافرت لدينا، كان بصدد اتخاذ موقف بالانسحاب، وهناك مفاوضات تجري بين الجماعة وبين النظام عبر لجنة أمنية مكلّفة التفاوض برئاسة العقيد توفيق يونس من فرع الأمن الداخلي وعضوية ضابطين برتبة رائد ومقدم، اضافة إلى مستشار لهذه اللجنة كان يتولى ملف الاخوان المسلمين والتفاوض معهم خلال فترة الرئيس الراحل حافظ الأسد هو العميد المتقاعد تركي علم الدين».
واضاف أن «الاخوان» أرادوا من خلال بيانهم الأخير «تغطية هذه المفاوضات بقضية غزة والشعب الفلسطيني والمقاومة، وكانوا برروا خلال النقاشات التي دارت بيننا أسباب اعلان تعليق نشاطاتهم المعارضة ضد النظام السوري بأنه يرتبط بموضوع غزة وسألناهم: هل وجّه بشار الأسد جيشه لتحرير فلسطين واستعادة الجولان، وهل وجّهتم أنتم قواتكم لتحرير دمشق واتخذتم هذا القرار لأسباب وطنية؟ والحقيقة أنه لم يفعل وأنهم لم يفعلوا ذلك أيضاً».
وتابع أن الجماعة «كانت تعرف أن النظام في سورية ليس ممانعاً أو مقاوماً لكي توقف المعارضة ضده وكانت تكرر في بياناتها وتصريحاتها ونقاشاتها مهاجمته وانتقاده بسبب مساعيه للتقرب من أميركا وإسرائيل، كما كانت تعرف أن مفاوضاته مع إسرائيل وصلت إلى مرحلة متقدمة، لذلك نعتقد أن هذا الموقف استغلال للقضية الفلسطينية وللدم الفلسطيني من أجل تغطية مسألة أخرى يعلم الذين اتخذوا هذه الخطوة أنها أساءت إلى المعارضة السورية وأساءت إلى جماعة الاخوان المسلمين».
وعن أسباب عدم اتخاذ «الخلاص» أي موقف حيال عضوية «الاخوان» طالما أنه كان على علم بتلك المفاوضات، فأجاب خدام أنه على المستوى الشخصي لم يكن راغباً «في التحدث بهذا الموضوع، وهم يعرفون طبيعة المعلومات الموجودة عندي، وكنت اعتقد أن هناك في جماعة الاخوان المسلمين من يدرك أن هذا الأمر يتعارض مع الخط العام للمعارضة ومع مصلحة حركة الجماعة نفسها ولا علاقة له بالقضية الفلسطينية ويجعلها بالتالي، وحسب اعتقادي، تتراجع في اللحظة الأخيرة».
وقال: «هذا الموضوع نوقش خلال اجتماع الجبهة في مطلع فبراير الماضي وكان بالإمكان أن تتخذ الجبهة موقفاً ضد الاخوان وتتخذ قراراً بفصلهم أو تجميد عضويتهم، لكن في الواقع لم نفعل واقترحت احالة الموضوع إلى المجلس الوطني في جبهة الخلاص لإعطائهم فرصة للمراجعة، وعوضاً عن الاستفادة من هذا الفرصة والتراجع عن هذا القرار الخاطئ استمروا في الاتجاه نفسه وفي العمل على الوصول إلى اتفاق مع النظام».
وأبدى خدام أسفه لقرار «الاخوان» الانسحاب من «الخلاص»، وذكر: «تمنينا لو أنهم لم يقعوا في هذه الخطيئة الوطنية الكبرى، لكن تحالف الجبهة مع التيار الإسلامي ثابت والتوجه الآن لدى مجلسها الوطني هو تخصيص ثلاثة مقاعد شاغرة في الأمانة العامة الجديدة للجبهة للتيار الإسلامي والذي يُعتبر تياراً عريضاً في سورية والإخوان بتنظيمهم الحالي هم أضعف أطراف ذلك التيار».
وأضاف: «نحن لسنا في وارد أن يؤدي قرار الانسحاب إلى التنازع مع الاخوان المسلمين وإلى مهاترات اعلامية أو سياسية، وتعرفت على الأخ علي صدر الدين البيانوني المراقب العام للجماعة وعدد من الاخوان في الجماعة وتعاملت معهم وستبقى علاقات الاحترام والمودة قائمة فيما بيننا وهذا من جانبي على الأقل».
وأشار إلى أن شخصيات وتيارات من الداخل والخارج «كانت تعلّق مشاركتها في الجبهة بسبب وجود جماعة الاخوان المسلمين ومنهم اسلاميون، لكن ليس من المفيد الآن أمنياً الحديث عنها، وبطبيعة الحال الجبهة منفتحة على كل التيارات وفي المقدمة على التيار الإسلامي وستشهد تطورات جدية وجديدة في عملها بعد انسحاب الاخوان منها».
وفي شأن موقف الجبهة من المصالحة بين سورية والسعودية، قال خدام: «علينا أولاً أن ننظر إلى المصالحة من خلال مؤتمر القمة الذي انعقد تحت شعار المصالحة، فلو استعرضنا قراراته لوجدنا أن لا صلة لها بمشاكل المنطقة والتي تنحصر في مشكلتين كبريين، الصراع العربي - الإسرائيلي وتخوف عدد من الدول العربية من المشروع الإيراني، فلا الموضوع الأول بُحث ولا الثاني أيضاً واللذان شكلا محور الخلافات بين النظام في سورية وبين عدد من الدول العربية ورؤية كل فريق للصراع العربي - الإسرائيلي وللعلاقة مع إيران».
ورأى نائب الرئيس السابق أن المصالحة «عبارة عن محاولة سياسية لتهدئة الأجواء ووقف الحملات الاعلامية التي وصلت إلى مرحلة من الفجور لا أكثر ولا أقل»، نافياً في شدة أن تؤثر المصالحة على عمل «الخلاص» بسبب الاقتراحات بأنها تحظى على دعم شخصيات سعودية نافذة.
وأكد أن «قرار جبهة الخلاص، وطني وليس هناك أي علاقة لأي بلد عربي بها»، مشدداً على أنها «لم تتلق أي دعم من أي بلد عربي ولم تحرج ولم تطلب من أي بلد أن يدعمها، وبالنسبة للسعودية، فنحن نحترم قادتها بسبب تاريخهم وبسبب الروابط التاريخية بين الشعب السوري والسعودية وبسبب المواقف الداعمة التي قدمتها الأخيرة للشعب السوري».
واضاف خدام: «نحن نعرف أيضاً أن السعودية لا ترغب في التدخل بالشؤون الداخلية لأي بلد عربي، وبالتالي لم نحرجها ولم نطلب منها الدعم لأننا نعرف طبيعة السياسة السعودية وحدودها. وما يهمنا من السعودية ومن كل الأقطار العربية أن توجه دعمها الرئيسي لاعادة الوحدة للموقف العربي على أسس واضحة وسليمة من أجل مواجهة المشروع الإسرائيلي ومواجهة المخاوف والقلق الموجود لدى بعض الأشقاء العرب من المشروع الإيراني».
وفي دمشق، بحث الرئيس بشار الأسد امس، مع وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة النائب الديموقراطي ستيفان لينش العلاقات السورية- الأميركية وسبل دفعها عبر مزيد من الحوار الجاد والبناء.
وذكر بيان رئاسي، أن الأسد شدّد على أهمية دفع العلاقات بين دمشق وواشنطن على أساس حوار قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بهدف الوصول الى حلول عادلة وسلمية لمشاكل المنطقة. وأضاف أن المباحثات تناولت «الوضع في الشرق الأوسط وضرورة أن تلعب الولايات المتحدة دوراً فاعلا في تحقيق السلام في المنطقة، بعدما أثبتت التجارب أن الحروب تخلق المزيد من المشاكل والمآسي الإنسانية».
كما تناولت «الوضع في العراق ومستقبله، وموضوع مكافحة الإرهاب عبر العمل لتحقيق الاستقرار والسلام فى منطقة الشرق الاوسط».
وأعرب أعضاء الوفد عن حرصه على «مزيد من الحوار والانفتاح على سورية والتعاون معها للوصول الى رؤية أعمق وأشمل لقضايا المنطقة». وكان الوفد الأميركي وصل مساء السبت إلى دمشق، ويضم إضافة إلى لينش، نائبا جمهوريا هو بوب إيغلز.
يشار الى أن زيارة الوفد لسورية، هي الخامسة لوفد من الكونغرس الاميركي في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما.