«ليدي ستريدا» و«سامي لتبقى الكتائب سامية» و«الأستيذ عصي على التدجين»

موقع «فايسبوك» الإلكتروني أحدث «الأسلحة» الانتخابية في لبنان: «كرّ وفرّ» بين الأحزاب المتنافسة والبعض اخترق «دفاعات» الخصم

1 يناير 1970 08:52 م
| بيروت - من علي حلاوي |
لم يعد في مقدور اي لبناني أن يرتاح ولو لبعض الوقت من حمى الانتخابات النيابية المقررة في السابع من يونيو. فمن صوت الراديو المنبعثة منه على مدار الساعة أصوات المرشحين وبرامجهم واتهاماتهم الواحد للآخر، مروراً بالقنوات التلفزيونية التي تتنافس على جذب أكبر عدد من المشاهدين ومحاولة إقناعهم برأيها، وانتهاء بالصحف والمطبوعات وصور «أبطال» المعركة. لكن هذا كله لم يكف، فقد دخل السجال الانتخابي من الباب الواسع إلى صفحات موقع «فايسبوك» الإلكتروني.
مجموعات حزبية لم يعد «الفايسبوك» بالنسبة إلى كثيرين من رواده وأصحاب الصفحات عليه من الشباب اللبنانيين معلماً خاصاً، فالانتخابات أضفت عليه الطابع العام. فبعدما بدأ استخدامه كملتقى شبابي يهدف إلى زيادة مساحة التعارف بين مختلف فئات المجتمع اللبناني، تحوّل منذ بداية العام الحالي فسحة حزبية وسياسية من الطراز الأول. بمعنى أن مجموعات من الشباب ممن يجمعهم الانتماء السياسي والحزبي نفسه ويجتمعون على تأييد مرشح معين، بادرت إلى إنشاء ملتقى يساعدها على نشر أفكارها ورؤيتها ومحاولة عرضها على مجموعات أخرى. وبذلك، تحوّل هذا الموقع الإلكتروني «ملعباً» انتخابياً فيه مرشحون وخصوم ومؤيدون، فضلاً عن برامج انتخابية من هنا وهناك ودعوات إلى الترشح ورؤى انتخابية.
لا يفاجأ المرء حين يفتح صفحته الخاصة على «الفايسبوك» بعشرات الدعوات للانضمام إلى أحد الأطراف. فبين مجموعات مؤيدة لـ «التيار الوطني الحر» والعماد ميشال عون وحملة مضادة من حزب «القوات اللبنانية» ورئيسه سمير جعجع، يمكن العثور على مئات من المجموعات التي تؤيد هذا الفريق أو ذاك، في انعكاس لواقع المعركة على الأرض. وقد احتلت دعوة الشباب المسيحيين إلى الاقتراع لأحد هذين الطرفين المساحة الأبرز من هذه «الحرب الإلكترونية» من دون أن يغيب عنها كثير من المرشحين المستقلين الذين يعرضون برامجهم الانتخابية ويحاولون جذب رضى الفئة الشبابية.
«التيار الحر»
يعتبر «التيار الوطني الحر» من أكثر الاحزاب اعتماداً على الشباب، ويستثمر «الفايسبوك» لنشر أفكاره. وفي هذا الإطار، تم إنشاء مجموعة وزير الاتصالات، وصهر عون، جبران باسيل المؤلفة من 712 عضواً، والتي تؤيد أفكار الأخير وتدعو الشباب العونيين والمستقلين إلى الاقتراع له في دائرة البترون (شمال لبنان). وهناك مجموعة عونية أخرى «لابن التيار في الأشرفية زياد عبس»، تسرد مسيرته النضالية إبان الوجود السوري في لبنان. ورغم أن الاخير استبعد تماماً من ترشحيات تياره في بيروت، إلا أن مناصريه على «الفايسبوك» يصرون على دعمه تحت شعار « زي ما هي برتقالية». وثمة نشاط لافت يميز أيضاً فريق عمل النائب إبراهيم كنعان، فصفحته تزخر بأخباره ولقاءاته ومواقفه وصولاً إلى برنامج حياته اليومي.
«القوات»
بدورهم، ينشط المؤيدون «القواتيون» الكترونياً، وبادرواً إلى إنشاء مجموعات عدة «تملك مقومات صد الهجمات العونية». وهنا، برزت مجموعة النائب أنطوان زهرا التي تعرض «تاريخه النضالي ضد المحتل السوري». واللافت أن هذه المجموعة وضعت شروطاً على أي مشترك ينوي الانضمام إليها، منها عدم التعليق بعنصرية وعدم التهجم الشخصي. وللنائب فريد حبيب أيضاً حصته، وتضم مجموعته 160 منتسباً يؤيدون «حبيبهم»، كما يسمونه. ولتمتين «دفاعاتهم»، سار «القواتيون» وراء شعار «وراء كل رجل عظيم امرأة» وتمكنت مجموعة «الله يخلينا ستريدا» من جذب اكثر من 750 منتسباً. وهناك مجموعة أخرى حملت اسم «ليدي ستريدا» وكتب على جدارها «ستريدا، نريدك أن تتسلمي وزارة الدفاع، وقتها فليجرؤ ابن امرأة على المس بالبلد».
«الكتائب» و«المستقبل»
أعلنت مجموعة شابة تأييدها للمرشح الكتائبي في دائرة المتن سامي الجميل، نجل رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل. وتحت شعار «سامي صوتنا في برلمان 2009»، يحاول أفرادها حض الشباب الكتائبيين على الوحدة وعدم الخوف والتوجه الى صناديق الاقتراع لإعادة لبنان إلى عهد «العائلة الكتائبية». أما مجموعة أخرى فاتخذت عنواناً آخر «سامي... لتبقى الكتائب الحزب السامي». بدورها، توحدت مجموعات «تيار المستقبل» في صيدا، بيروت، عكار وطرابلس تحت عنواني «الحقيقة» و«المحكمة الدولية». وتميّزت جدرانها بصور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله النائب سعد، إضافة إلى عشرات الأقوال لرفيق الحريري ومنها «ما حدا أكبر من لبنان» و«سيبقى الوطن».
الحركة والحزب
«الشخصية الأولى... وتبقى الحلم»، شعار تبنته مجموعة من 50 منتسباً من أنصار رئيس مجلس النواب نبيه بري مشددة على الصفات التي يمتاز بها. فـ «الاستيذ عصي على التدجين ولا يبيع ضميره ولا يماري عقيدته». واعتمدت مجموعة أخرى من «أمل» سياسة الهجوم لتحقيق اختراقات في صفوف الخصم. وهكذا، تسللت إلى إحدى المجموعات «القواتية» معلنة «السيطرة عليها» ورافعة «إشارة النصر». في المقابل، لم يكترث أنصار «حزب الله» كثيراً لما يحصل على جدران المجموعات «العدوة»، واكتفوا بتقديم الدعم اللوجيستي لحلفائهم في «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل».
«مستقلون»
أنشأ مؤيدو المرشح عن دائرة كسروان فريد هيكل الخازن مجموعة ضمت عشرة منتسبين تحت عنوان «انتخبوا فريد هيكل الخازن وأعيدوا أولاد كسروان إليها، فهو مستقل ويحب وطنه». ويرى هؤلاء أن «الفايسبوك» بات يشكل «نافذة للمرشحين الشباب والمستقلين الذين لا يملكون موارد مالية لإقامة حملات اعلانية، وحقق لهم بعض المساواة مع المرشحين الرأسماليين». وبادر شاب آخر إلى تكوين مجموعة تحت شعار «انتخبوا ابن عكار شمال لبنان الحر وصوت الشباب فهد المرعبي»، ونجح في استقطاب تعليقات من الأنواع كلها. نواب ما رأي النواب اللبنانيين في هذه الظاهرة الجديدة؟
النائب في «تكتل التغيير والإصلاح» إبراهيم كنعان فاعتبر أنه «وسيلة اجتماعية من الدرجة الأولى تقيس نبض الناس وتعطي النائب فكرة عن مدى الاهتمام به».
وقال: «لم أتابع الفايسبوك في البداية، إلا أن سكرتيرتي فوجئت بوجود مجموعة تحمل اسمي، الأمر الذي شجعني على المتابعة. واليوم لدي أربع مجموعات، إحداها في بلاد الاغتراب، تضم أكثر من خمسة آلاف منتسب جلهم من الشباب الذين أتابع مشاكلهم في جامعاتهم وحياتهم العملية وأسعى إلى حلها. كما أن (الفايسبوك) وسيلة للتواصل مع الأصدقاء وكذلك الخصوم لمعرفة طريقة تفكيرهم ورأيهم بي».
أما النائب في كتلة «تيار المستقبل» سرج طورسركيسيان فقال: «الفكرة جديرة بالاهتمام، غير أن (الفايسبوك) لا يتعدى كونه دردشة عادية للتعبير عن الأفكار، ولا يجدي عند الانتخابات التي تحتاج إلى ماكينات فاعلة تعمل على الأرض وتصل مباشرة إلى الناخبين». من جهته، قال فريد قمر الناشط في تيار «المجتمع المدني»: «إن (الفايسبوك) يوفر قاعدة بيانات ومعارف، ما جعلني استخدم الموقع الخاص بالجمعية لاستقطاب أكبر عدد من العلمانيين. كما يساهم الموقع في إيصال أفكار التيار إلى أكبر عدد من الأشخاص عبر النقاشات أو الرسائل والدعوات».
وأكد أنه لا يمكن أن يتأثر بالدعايات الانتخابية التي تتناقلها المواقع، «فالموقع مجرد فسحة للتعبير يقال فيها ما لا يمكن أن يقال في الإعلام غالباً لغياب أي رقابة». أما بيار عقيقي الذي يتابع «الفايسبوك» في شكل دائم فرأى أن «أجمل ما يتلمسه المرء في التقدم التقني هو مدى تسخير التكنولوجيا الإلكترونية لمصلحة المجموعات السياسية الناشطة في المجال الانتخابي». وأضاف: «الجيد في الأمر أنه بات لكل طرف سياسي موقعه، لكن السيئ أن لا رقيب ولا حسيب والشتائم على مد عينك والنظر كأن الدنيا سائبة». «انتخب هيفا»
«ليك هيفا... انتخب هيفا... خلّي البلد يصحّ»، واحد من الشعارات التي اعتمدتها مجموعة تطلق على نفسها اسم «التغيير وتقرير المصير» وتهدف إلى إقناع الفنانة هيفاء وهبي بالترشح لأحد المقاعد الأربعة في مدينة صور الجنوبية، على أن يقود أفرادها حملتها الانتخابية بهدف إيصالها إلى مجلس النواب. ورغم أن المجموعة لم تطلق عملها ميدانياً عبر مكتب انتخابي ولم تعلق صوراً للفنانة أو ترفع لافتات، إلا أن عدد المنتسبين إليها يزداد يوماً بعد يوم دعماً لترشيح «بنت الجنوب».