خالد عيد العنزي / الملاس / «المشكلة» الاقتصادية و«الحل» السياسي / الشمالي والطلاق البائن... وشعرة معاوية «الحدسية»
3 فبراير 2009
12:00 ص
1142
«لايوجد حل للمشكلة... الحقيقية»، مثل إنكليزي.
(1)
الشمالي والطلاق البائن...
«لن يصغي إليك أحد حتى تقول شيئاً خاطئاً»، مثل إنكليزي تذكرته حين أطل وزير المالية مصطفى الشمالي عبر إحدى الصحف الزميلة قبل أيام ليدافع عن خطة الإنقاذ الاقتصادية التي وصفها بأنها «قانون متكامل يزرع الثقة في النظام المالي ويساعد الشركات والمتعثر في السداد»، على اعتبار أن «المشروع كله سيزرع الثقة في النظام المالي والمصرفي في الدولة من خلال إعطاء مجال جيد للمؤسسات المالية والبنوك لتعمل على مساعدة الشركات في الدولة، ومن لديه إشكالية وتعثر في السداد، فضلاً عن ضمان التسهيلات التي تمنحها البنوك للشركات في البلاد».
بهذه الكلمات وبحرفيتها عبر الوزير الشمالي عن مشروع الإنقاذ الذي نال موافقة اللجنتين الوزاريتين القانونية والاقتصادية، وهو الذي بني على أساس توصيات فريق الإنقاذ الاقتصادي.
من المؤسف أن يتكلم وزير بكلمات تحتمل أكثر من تفسير، فمن يقرأ تصريحه لا يجد تفسيراً لجملة «المتعثر في السداد» وجملة «ومن لديه إشكالية وتعثر في السداد»، فهل المقصود هي الشركات أم المواطنون يا وزير المالية؟
بالطبع ليس المواطنون هم المقصودين بكلام الشمالي الذي يذكرني بالمثل الإنكليزي القائل «ابتسم الآن... فغداً سوف يكون أسوأ»، فالحكومة التي استدعت لاءات العرب الشهيرة وأسقطتها على المرحلة الاقتصادية الحالية بجانبها المتعلق بالقروض رفعت شعار لا لإسقاط القروض... لا لشرائها... لا لجدولتها، لتكون بذلك قد «طلقت بالثلاثة» آمال المواطنين بإسقاط قروضهم من جهة، كما تكون قد أوقعت «الطلاق البائن» من دون رجعة مع مطالبات نواب إسقاط القروض، وفي هذه الحال لا مفر للعودة عن الطلاق سوى بـ «محلل»، فهل من محلل؟ وآلة السياسة سعة الصدر، كما تقول الحكمة!
(2)
الحل وشيك... وكلمة السر «التركيبة»!
تنبأ النائب سعدون حماد أن حل مجلس الأمة على الأبواب، وأنه «يكاد يكون وشيكاً»، ولا ندري هنا كيف استنتج النائب المحترم هذا الاستنتاج الخطير الذي اقتحم صفحات الصحف الأولى وكأنه اكتشاف البارود!
نطمئنك أيها النائب العزيز أن أمام الحل أبوابا مشرعة على مصراعيها، وأنه وشيك جداً وليس «يكاد يكون»، كما عبرت.
فالحل آتٍ مهما قيل وقال، لأن منطق الأمور أن التعايش لم يعد ممكناً منذ زمان طويل بين الحكومة ومجلس الأمة بتركيبتيهما الحاليتين، ويبدو أن الأمل في تغيرهما شبه مستحيل، فحل المجلس أنتج تركيبة أصعب، بالنسبة إلى الحكومة، من سابقتها، أما النواب فجربوا أكثر من تشكيل ولم يوفقوا في الحصول على تغيير في تركيبتها بما يضمن مبدأ «التعايش السلمي».
بالطبع هذا تحليل وليست معلومات، كي لا يضمنا البعض لقائمة المروجين للحل. وهذا التحليل يفترض أنه لم يعد أمام الطرفين وأمامنا سوى انتظار حل يغيّر في تركيبة المجلس ويأتي بنواب يماثلونها في تركيبتها، ويستطيعون التعايش معها، وكما يقول المثل الشعبي «اللي ما يجي معاك تعال معاه»!
(3)
النواب حائرون... ماكو شغل
إنه الحل إذاً، فماذا أنتم فاعلون يا أعضاء مجلس الأمة، يا من امتهنتم الأزمات وافتعلتم التأزيم باستمرار، فلا أنتم رحمتم بتيسير القوانين والتشريعات المعطلة في مجلسكم، ولا «خليتوا» رحمة الله تنزل على العباد بترك الحكومة لتعمل ضمن «فترة سماح» تعد مقدمة لازمة لأي حساب «عسير» تيسروه أو «يسير» تعسروه! هل ستقومون بـ «تزهيب» الخيام و«نسخ» المفاتيح الانتخابية التي وضعت في «ميداليات» منذ إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة؟
أم ستسعون إلى الوصول إلى «تسوية» تضمن لكم إكمال دورتكم التي يبدو أن اكتمالها أضحى «سابع المستحيلات»؟
هل سيكتفون بالجانب الخدماتي من «النيابة» والمتمثل في إنجاز المعاملات ليتحولوا بالتالي إلى مجرد «مناديب» عند مفاتيحهم وناخبيهم «الكبار»؟ أم سيفتحون دواوينهم يومياً لاستقبال الزائرين الذين لن يسمعوا منهم شيئاً مفيداً مما جاؤوا ليسمعوه؟
أما أنتم يا وزراءنا الكرام، فماذا ستفعلون مادام التأزيم مستمراً وسيوف الاستجوابات على رقابكم مصلتة، كيف ستعملون وماذا ستنتجون غير محاولات الهروب والتهرب من «استحقاقات» المرحلة؟
بكلام آخر، إن انتهت الأزمات الحكومية - النيابية أيها السادة، فماذا سيبقى لنوابنا كي يفعلوه أو يقدموه؟
الجواب بكل بساطة هو «لا شيء» بالفصحى و»ماكو شغل» بالعامية!
فدعوا الناس «تسترزق»، دعوهم يعيشون و«يتعيشون» من خيبات آمالنا كمواطنين ويأسنا من الوضع الراهن. ومن قبله الوضع السابق ومن بعده الوضع المقبل، فالتشاؤم بفضلهم أصبح سمة تميزنا ككويتيين منذ نهايات القرن العشرين وفي بدايات القرن الواحد والعشرين!
(4)
لو كان النائب وزيراً
لو كنت نائباً يا سعادة الوزير لفعلت حتماً ما يفعله النواب، لأن مسألة وجودهم واستمراريتهم مرهونة بهذا الدور الذي يؤدونه، فإن ذهب هذا الدور ماذا سيفعلون؟
لو كان النائب وزيراً لفعل ما يفعله الوزير تماماً، من مسايرة النواب ومهادنتهم ومحاولة الحصول على شهادة «حسن سلوك» تجنبه فتحهم لملفات وزارته، فمهمة الوزير الأولى لم تعد كما كانت في السابق بأن يعمل وينتج ويصلح أحوال وزارته ويطورها، بل أصبحت، بكل أسف، أن «يتستر» على ما يرتكب فيها من أخطاء ومخالفات وتجاوزات، لأن هدف الوزير أياً كان هو «الطمطمة» على أوضاع وزارته، ومقياس النجاح أصبح هو نجاح الوزير بالإفلات من «المطبات» و«الأفخاخ» التي ينصبها له أعداؤه في مجلس الأمة!
هذي هي قواعد اللعبة الجديدة - القديمة المسماة تاريخياً بلعبة القط والفأر. لكن في حالنا هذه من يعلم من هو القط ومن هو الفأر، أم أن تبادل الأدوار هو القاعدة؟ والدهر يومان: يوم لك ويوم عليك.
(5)
«شعرة معاوية»... وصراع «حدس»
أضحت اليوم «شعرة معاوية» الباقية بين الحكومة وبين «الحركة الدستورية الإسلامية» موضوعاً لصراع يدور بين صقور «حدس» وبين حمائمها، فنواب الحركة يحاولون قطعها، أما «الأمانة العامة» لـ «حدس» فتريد الحفاظ عليها بانتظار قرار لجنة التحقيق النفطية، لتأخذ الحركة قرارها على أساس معطيات القرار.
وكأن «الحدسيين» منقسمون بين «متشددين» وبين «حكماء» الحركة «البراغماتيين»، فمن سيتغلب على الآخر كي لا نقول ينتصر متشددو «حدس» من الصقور أم معتدلوها الحمائم، وكأن أحداً لا يعرف النتيجة التي تلخصها الحكمة القائلة: «سيفان في غمد واحد لا يجتمعان»!
وبالمناسبة نذكر بالمقولة الكاملة لداهية العرب معاوية بن أبي سفيان: «إنني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو كان بيني وبين الناس شعرة».
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com
(1)
الشمالي والطلاق البائن...
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
«لن يصغي إليك أحد حتى تقول شيئاً خاطئاً»، مثل إنكليزي تذكرته حين أطل وزير المالية مصطفى الشمالي عبر إحدى الصحف الزميلة قبل أيام ليدافع عن خطة الإنقاذ الاقتصادية التي وصفها بأنها «قانون متكامل يزرع الثقة في النظام المالي ويساعد الشركات والمتعثر في السداد»، على اعتبار أن «المشروع كله سيزرع الثقة في النظام المالي والمصرفي في الدولة من خلال إعطاء مجال جيد للمؤسسات المالية والبنوك لتعمل على مساعدة الشركات في الدولة، ومن لديه إشكالية وتعثر في السداد، فضلاً عن ضمان التسهيلات التي تمنحها البنوك للشركات في البلاد».
بهذه الكلمات وبحرفيتها عبر الوزير الشمالي عن مشروع الإنقاذ الذي نال موافقة اللجنتين الوزاريتين القانونية والاقتصادية، وهو الذي بني على أساس توصيات فريق الإنقاذ الاقتصادي.
من المؤسف أن يتكلم وزير بكلمات تحتمل أكثر من تفسير، فمن يقرأ تصريحه لا يجد تفسيراً لجملة «المتعثر في السداد» وجملة «ومن لديه إشكالية وتعثر في السداد»، فهل المقصود هي الشركات أم المواطنون يا وزير المالية؟
بالطبع ليس المواطنون هم المقصودين بكلام الشمالي الذي يذكرني بالمثل الإنكليزي القائل «ابتسم الآن... فغداً سوف يكون أسوأ»، فالحكومة التي استدعت لاءات العرب الشهيرة وأسقطتها على المرحلة الاقتصادية الحالية بجانبها المتعلق بالقروض رفعت شعار لا لإسقاط القروض... لا لشرائها... لا لجدولتها، لتكون بذلك قد «طلقت بالثلاثة» آمال المواطنين بإسقاط قروضهم من جهة، كما تكون قد أوقعت «الطلاق البائن» من دون رجعة مع مطالبات نواب إسقاط القروض، وفي هذه الحال لا مفر للعودة عن الطلاق سوى بـ «محلل»، فهل من محلل؟ وآلة السياسة سعة الصدر، كما تقول الحكمة!
(2)
الحل وشيك... وكلمة السر «التركيبة»!
تنبأ النائب سعدون حماد أن حل مجلس الأمة على الأبواب، وأنه «يكاد يكون وشيكاً»، ولا ندري هنا كيف استنتج النائب المحترم هذا الاستنتاج الخطير الذي اقتحم صفحات الصحف الأولى وكأنه اكتشاف البارود!
نطمئنك أيها النائب العزيز أن أمام الحل أبوابا مشرعة على مصراعيها، وأنه وشيك جداً وليس «يكاد يكون»، كما عبرت.
فالحل آتٍ مهما قيل وقال، لأن منطق الأمور أن التعايش لم يعد ممكناً منذ زمان طويل بين الحكومة ومجلس الأمة بتركيبتيهما الحاليتين، ويبدو أن الأمل في تغيرهما شبه مستحيل، فحل المجلس أنتج تركيبة أصعب، بالنسبة إلى الحكومة، من سابقتها، أما النواب فجربوا أكثر من تشكيل ولم يوفقوا في الحصول على تغيير في تركيبتها بما يضمن مبدأ «التعايش السلمي».
بالطبع هذا تحليل وليست معلومات، كي لا يضمنا البعض لقائمة المروجين للحل. وهذا التحليل يفترض أنه لم يعد أمام الطرفين وأمامنا سوى انتظار حل يغيّر في تركيبة المجلس ويأتي بنواب يماثلونها في تركيبتها، ويستطيعون التعايش معها، وكما يقول المثل الشعبي «اللي ما يجي معاك تعال معاه»!
(3)
النواب حائرون... ماكو شغل
إنه الحل إذاً، فماذا أنتم فاعلون يا أعضاء مجلس الأمة، يا من امتهنتم الأزمات وافتعلتم التأزيم باستمرار، فلا أنتم رحمتم بتيسير القوانين والتشريعات المعطلة في مجلسكم، ولا «خليتوا» رحمة الله تنزل على العباد بترك الحكومة لتعمل ضمن «فترة سماح» تعد مقدمة لازمة لأي حساب «عسير» تيسروه أو «يسير» تعسروه! هل ستقومون بـ «تزهيب» الخيام و«نسخ» المفاتيح الانتخابية التي وضعت في «ميداليات» منذ إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة؟
أم ستسعون إلى الوصول إلى «تسوية» تضمن لكم إكمال دورتكم التي يبدو أن اكتمالها أضحى «سابع المستحيلات»؟
هل سيكتفون بالجانب الخدماتي من «النيابة» والمتمثل في إنجاز المعاملات ليتحولوا بالتالي إلى مجرد «مناديب» عند مفاتيحهم وناخبيهم «الكبار»؟ أم سيفتحون دواوينهم يومياً لاستقبال الزائرين الذين لن يسمعوا منهم شيئاً مفيداً مما جاؤوا ليسمعوه؟
أما أنتم يا وزراءنا الكرام، فماذا ستفعلون مادام التأزيم مستمراً وسيوف الاستجوابات على رقابكم مصلتة، كيف ستعملون وماذا ستنتجون غير محاولات الهروب والتهرب من «استحقاقات» المرحلة؟
بكلام آخر، إن انتهت الأزمات الحكومية - النيابية أيها السادة، فماذا سيبقى لنوابنا كي يفعلوه أو يقدموه؟
الجواب بكل بساطة هو «لا شيء» بالفصحى و»ماكو شغل» بالعامية!
فدعوا الناس «تسترزق»، دعوهم يعيشون و«يتعيشون» من خيبات آمالنا كمواطنين ويأسنا من الوضع الراهن. ومن قبله الوضع السابق ومن بعده الوضع المقبل، فالتشاؤم بفضلهم أصبح سمة تميزنا ككويتيين منذ نهايات القرن العشرين وفي بدايات القرن الواحد والعشرين!
(4)
لو كان النائب وزيراً
لو كنت نائباً يا سعادة الوزير لفعلت حتماً ما يفعله النواب، لأن مسألة وجودهم واستمراريتهم مرهونة بهذا الدور الذي يؤدونه، فإن ذهب هذا الدور ماذا سيفعلون؟
لو كان النائب وزيراً لفعل ما يفعله الوزير تماماً، من مسايرة النواب ومهادنتهم ومحاولة الحصول على شهادة «حسن سلوك» تجنبه فتحهم لملفات وزارته، فمهمة الوزير الأولى لم تعد كما كانت في السابق بأن يعمل وينتج ويصلح أحوال وزارته ويطورها، بل أصبحت، بكل أسف، أن «يتستر» على ما يرتكب فيها من أخطاء ومخالفات وتجاوزات، لأن هدف الوزير أياً كان هو «الطمطمة» على أوضاع وزارته، ومقياس النجاح أصبح هو نجاح الوزير بالإفلات من «المطبات» و«الأفخاخ» التي ينصبها له أعداؤه في مجلس الأمة!
هذي هي قواعد اللعبة الجديدة - القديمة المسماة تاريخياً بلعبة القط والفأر. لكن في حالنا هذه من يعلم من هو القط ومن هو الفأر، أم أن تبادل الأدوار هو القاعدة؟ والدهر يومان: يوم لك ويوم عليك.
(5)
«شعرة معاوية»... وصراع «حدس»
أضحت اليوم «شعرة معاوية» الباقية بين الحكومة وبين «الحركة الدستورية الإسلامية» موضوعاً لصراع يدور بين صقور «حدس» وبين حمائمها، فنواب الحركة يحاولون قطعها، أما «الأمانة العامة» لـ «حدس» فتريد الحفاظ عليها بانتظار قرار لجنة التحقيق النفطية، لتأخذ الحركة قرارها على أساس معطيات القرار.
وكأن «الحدسيين» منقسمون بين «متشددين» وبين «حكماء» الحركة «البراغماتيين»، فمن سيتغلب على الآخر كي لا نقول ينتصر متشددو «حدس» من الصقور أم معتدلوها الحمائم، وكأن أحداً لا يعرف النتيجة التي تلخصها الحكمة القائلة: «سيفان في غمد واحد لا يجتمعان»!
وبالمناسبة نذكر بالمقولة الكاملة لداهية العرب معاوية بن أبي سفيان: «إنني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو كان بيني وبين الناس شعرة».
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي