العربي قدّم درساً في «الإرادة» ... و«الكويت» دفع ثمن الثقة و«أخطاء التشكيلة»

عودة الابن «البار»

تصغير
تكبير

حصل العربي على مكافأة عمله الدؤوب وثورة التجديد التي قام بها قبل أشهر معدودة، بأسرع مما كان يتوقع، فعاد الابن «البار» الى القمة بعدما تُوج بكأس سمو الأمير للمرة الـ16 على حساب «الكويت» حامل اللقب في المواسم الـ4 الماضية، وبطريقة لم تخلُ من الإثارة والدراما.
كانت أصداء الفوز بأغلى الكؤوس بعد غياب طويل والفرحة العارمة التي عمّت أرجاء منطقة المنصورية، حيث مقر النادي، مختلفة عن بقية البطولات الـ41 المحلية الكبرى التي حققها الفريق العريق في تاريخه الممتد قرابة 60 عاماً.
مكمن الاختلاف جاء في نواح عدة، لعل أبرزها الظروف التي واكبت الفوز سواء الآنية أو السابقة.
آنياً، عانى «الأخضر» من متاعب جمّة خلال اللقاء وخاض اختبار قدرة وصمود تحديداً بعد طرد الحكم سعد الفضلي للمدافع علي عتيق قبل انقضاء منتصف الشوط الأول عندما كان فريقه متأخراً بالنتيجة بهدف دون مقابل.
قبل ذلك، كان العربي أصلاً يواجه صعوبات في مواجهة منافس متمرّس يحتكر غالبية البطولات المحلية في السنوات الأخيرة، ولم يتغلّب عليه منذ سنوات عدة، وفي ظل غياب لاعب مؤثر في منطقة الوسط هو الغاني عيسى يعقوبو الموقوف.
البداية لم تكن بالمستوى المطلوب، وبدا الارتباك واضحاً على الخط الخلفي الذي سرعان ما عوقب عليه باستقبال شباكه للهدف الأول من «الكويت»، كما كاد بخطأ آخر من الدفاع أن يمنح المنافس هدفاً ثانياً يُنهي الأمور مبكراً لولا تألق الحارس سليمان عبدالغفور في إبعاد كرة يوسف ناصر الذكية.
اعتبر العربي محظوظاً بالخروج من الشوط الأول بهذه النتيجة لأنه لم يقدّم ما يمنحه أفضلية على خصمه، ولم يهدد مرماه سوى بتسديدة وحيدة تابعها المهاجم العاجي برنارد هنري في المرمى من موقف تسلل واضح.
كان على مدرب «الأخضر»، اللبناني باسم مرمر، أن يتدخل لإصلاح الخلل الواضح في أداء خطي الوسط والدفاع، فأجرى تبديلاً منتظراً بإخراج عبدالله عمار وإشراك حسين أشكناني لإغلاق الجبهة اليسرى التي كان «الكويت» يركز عليها في الشوط الأول.
وفيما كانت الأمور تسير نحو تأزم أكبر بطرد عتيق الذي ارتكب خطأين نال على أثرهما إنذارين متتاليين، كانت هذه اللحظة مفصلية في عمر المباراة وأشبه بـ«خيرة» للعربي ومدربه. اضطر مرمر إلى إرجاع الإسباني تشافي توريس إلى مكانه المعتاد في الدفاع بدلاً من الوسط الذي بدا تائهاً فيه، الأمر الذي أسهم في إعادة تنظيم الخط الخلفي ومنح لاعبي الوسط ومن بينهم البديلان جمعة عبود وعلي خلف مجالاً أكبر للتقدم في الطرف الأيمن.
في هذا الوقت، كان اليافع بندر السلامة يلعب دوراً مؤثراً في نقل الكرة إلى ملعب «الكويت» وفتح الثغرات في دفاعه، فيما لعب هنري دور «المحطة» وأرهق مدافعي «الأبيض» من خلال استقبال الكرة وحجزها عنهم ومن ثم التسديد أو التمرير لزميل قادم من الخلف.
بدا «الأخضر» وكأنه متساوياً في العدد مع منافسه. حتى بعدما خطف هنري هدف التعادل بتمريرة من عبود، أمضى الفريق الدقائق الأخيرة في ملعب المنافس وكاد يُنهي الأمور مبكراً وقدم إشارات واضحة على قدرته على حسم الأمور في الوقت الإضافي وهو ما حدث بفضل هدف البديل علي خلف.
في المقابل، أثار ما قدّمه «الكويت» في المباراة علامات استفهام عدة.
فالفريق دخل المواجهة بأفضل حالاته الفنية والذهنية ومكتمل الصفوف باستثناء غياب طلال الفاضل والذي كان له أكثر من بديل سواء يوسف الخبيزي الذي لعب أساسياً أو العراقي الدولي أمجد عطوان أو شريدة الشريدة.
ورغم أن الظروف كانت مثالية لـ«العميد» لتحقيق الفوز قياساً بالإمكانات المتوافرة لديه، إلّا أن الفريق خيّب الآمال وقدّم مستوى باهتاً لم يستفد خلاله من تقدمه بالنتيجة وتفوقه العددي، وكان لافتاً حالة «البرود» التي شابت أداء اللاعبين على غير عادة والتي رُبما عادت إلى الثقة الزائدة وعدم التحسّب للمفاجآت التي لطالما حفلت بها كرة القدم ومواجهات الكؤوس تحديداً.
وإلى جانب تراجع مردود اللاعبين سواء الأساسيون أو البدلاء، فإن المدرب الهولندي صاحب الخبرة الطويلة، رود كرول، لم يوفق في عدد من القرارات التي اتخذها، سواء قبل أو خلال المباراة، بدايةً من التشكيلة الأساسية التي غاب عنها صانع الألعاب فيصل زايد وإشراك فهد الهاجري في مركز الظهير الأيسر بخلاف ما اعتاد عليه من اللعب في قلب الدفاع أو كظهير أيمن، كما أن الإصابات العضلية التي تعرّض لها أكثر من لاعب وتسببت في استبداله تركت تساؤلات حول مدى استفادة الفريق من فترة الراحة الإضافية التي حصل عليها بعد تأجيل النهائي 4 أيام، علماً بأن هذه الحالة شملت الفريقين معاً لكنّ العربي كان يمكن أن يعذر بعدما بذل لاعبوه مجهوداً إضافياً لتعويض النقص العددي.
في العموم، قدمت أحداث اللقاء وما آلت إليه دروساً عدة للاعبي «الكويت» لعل أبرزها عدم الإفراط بالثقة مهما كان وضع المنافس ونتيجة المباراة، والاحتفاظ بالتركيز حتى صافرة النهاية وهذه الأخيرة بالذات كانت من مميزات بطل ثنائية الدوري وكأس ولي العهد... حتى عهد قريب.

دموع... «الأب الحازم»

لم يتمالك عضو مجلس إدارة النادي العربي ورئيس جهاز كرة القدم، علي مندني، دموعه التي سالت على خديه بعد صافرة نهاية المباراة في لحظة عاطفية رياضية قلّما شوهد بها الظهير الشرس والحكم الحازم سابقاً.
بعد تسلم مندني إدارة اللعبة في «الأخضر»، في نوفمبر الماضي، كانت تحديات عدة تنتظره لعل أبرزها اتخاذ قرار تجديد الفريق والذي دأبت الجماهير ووسائل الإعلام على المطالبة به من دون أن يقدم أي من الإداريين السابقين عليه.
جاء تكليف مندني وسط مشاكل كان يعاني منها الفريق ومجلس الإدارة معاً، وعقب استقالة النجم الدولي السابق أسامة حسين وإقالة المدرب الإسباني خوان مارتينيز، وتلقي «الأخضر» هزيمتين ثقيلتين في الدوري أمام كاظمة 1-4 و«الكويت» بثلاثية نظيفة.
قبل مندني المهمة الصعبة وكان في ذهنه إحداث «ثورة تغيير».
البداية كانت مع منح المدرب البديل، البوسني داركو نيستروفيتش القادم من فئة الشباب في النادي صلاحيات كبيرة للتجديد والتي كان من نتائجها إبعاد عناصر كبيرة ومخضرمة لها ثقل تاريخي وجماهيري.
وكما هو عندما كان حكماً كبيراً، انتهج مندني «العدالة» في التعامل مع اللاعبين، فمن يخطئ يعاقب ومن يجتهد يكافأ من دون إغفال اللجوء إلى «روح القانون» في أحيان عدة.
الحكم الدولي السابق كان حازماً أيضاً في التعامل مع مسألة تجديد عقد «داركو»، وعندما لمس منه مبالغة في المطالبات المالية «تردد أن إدارة النادي رفعت قيمة العقد بنسبة تقارب الـ100 في المئة مقارنة بعقده السابق، لكن المدرب طلب رفع قيمة عقده إلى ما يقارب 4 أضعاف»، كانت توصيته إلى مجلس الإدارة بإنهاء المفاوضات والتوجه للتعاقد مع مدرب آخر، كان اللبناني باسم مرمر الذي قاد العهد إلى لقب كأس الاتحاد الآسيوي 2019.
مندني المتألق لاعباً، ثم حكماً، لم يكن أداؤه الإداري استثناء لتجربتيه السابقتين، فواصل لعب دور «الأب الحازم» للاعبين... لكن مع شيء من العاطفة.

هدف «القيمة العالية»

عندما جرى لاعب العربي علي أحمد خلف فرحاً بتسجيل هدف الفوز القاتل في مرمى «الكويت» والذي منح «الأخضر» لقباً طال انتظاره، ربما لم يدُر في خلده أنه أحرز واحداً من أجمل أهداف المباريات النهائية لكأس الأمير، أقلّه من الناحية المهارية.
في يونيو 2008، التقطت صورة لمدرب العربي وهدافه السابق، أحمد خلف مع نجليه خالد وخلف وهم يحملون كأس الأمير التي حققها «الأخضر» بقيادة «الثلاثي» على حساب السالمية.
في تلك الصورة، كان هناك فتى لم يتجاوز الـ12 سنة من عمره يشارك والده وشقيقه فرحة حمل الكأس، هو نفسه من منحه القدر شرف المساهمة في تتويج العربي بلقب البطولة ذاتها بعد غياب طويل دام 12 عاماً أيضاً.
حملت المباريات النهائية لكأس الأمير منذ منتصف السبعينات مع تطور النقل التلفزيوني مشاهد لأهداف رائعة ما زالت راسخة في ذاكرة المتابعين، غير أن معظمها استمدت جماليتها من كونها جاءت بتسديدات بعيدة لفيصل الدخيل وبدر بوعباس وعبدالعزيز العنبري وأحمد عسكر وناصر الغانم ومحمد جاسم وأحمد موسى وحسين الخضري وغيرهم.
في المقابل، تمثل الأهداف الجميلة التي كانت المهارة الفنية والأداء الفردي طاغياً عليها، نسبة قليلة ولا تشهدها النهائيات إلا لفترات قد تمتد إلى عشرات السنين.
من هذه الأهداف، «الباك وورد» التاريخي للمرعب جاسم يعقوب في مرمى حارس «الكويت» الأسطوري أحمد الطرابلسي، واللعبة الهوائية للدخيل على كاظمة، واقتحام لاعب الفحيحيل أمير سراج لملعب كاظمة في نهائي 1986.
وبعدما افتقدت البطولة هذه النوعية من الأهداف، جاء علي خلف ليضع بصمته على نهائيات الكأس بهدف جمع بين المهارة العالية والذكاء... والأهم من كل ذلك انه بـ«قيمة عالية» إذ حقق به العربي لقباً غالياً طال انتظاره.

تحيّة الغانم

حرص رئيس نادي الكويت، خالد الغانم، على تهنئة نظيره في العربي، عبدالعزيز عاشور، بالفوز والتتويج بأغلى الكؤوس، قبل أن يتجه إلى المدرج الخاص برابطة مشجعي «الأخضر» لتحيتهم، فردوا له التحيّة.
وتركت بادرة الغانم أثراً طيّباً في نفوس جماهير العربي، وأكدت على أن الروابط التي تجمع الأندية المحلية والمنتسبين إليها ومشجعيها أكبر من حسابات الفوز والخسارة.

ثقة عاشور

بارك رئيس النادي العربي، عبدالعزيز عاشور، لجماهير النادي ومحبيه تتويج الفريق بلقب كأس سمو الأمير، بعد غياب طويل.
وقال في تصريح تلفزيوني بعد المباراة: «ما تحقق يعتبر فوزاً مهماً للرياضة الكويتية، وعودة قوية للنادي العربي».
وأكد أن اللاعبين لم يقصروا وبذلوا مجهوداً جباراً في ظل خوضهم الشوط الثاني والوقت الإضافي بـ10 لاعبين، مشدداً على أنه كان يتوقع تحقيق «الأخضر» للفوز رغم كل هذه الظروف، وهو ما تحقق في النهاية.

حضور الشمالي

يُعتبر قائد العربي عبدالله الشمالي، اللاعب الوحيد المتبقي من الفريق الفائز بكأس سمو الأمير في الموسم 2007-2008 والذي تلته فترة ابتعاد طويلة عن اللقب دامت 12 عاماً.
معلوم أن المدرب اللبناني باسم مرمر استبدل الشمالي خلال الشوط الثاني من النهائي.
ويُعد الشمالي من عناصر الخبرة القليلة في الفريق بعد عملية التجديد التي طالت صفوفه، أخيراً، وهو قدّم أداء مميزاً مع «الأخضر» في الموسم المنتهي.

... ومغادرة توريس

ينتظر أن يكون الإسباني تشافي توريس قد غادر، أمس، إلى بلاده بعدما أنهى مشواره مع العربي بأفضل صورة ممكنة.
وكان توريس تعاقد رسمياً مع ديبورتيفو لوغو الإسباني (درجة ثانية)، لكنه فضّل البقاء في الكويت لخوض مباراتي نصف النهائي ونهائي الكأس، ليغيب بالتالي عن مباراتين لفريقه الجديد.
وودعت جماهير العربي توريس بعد نهاية المباراة التي قدم فيها مستوى مميزاً، تحديداً بعد عودته إلى مركزه الأصلي في الدفاع.

4502

هو عدد الأيام التي انتظرها النادي العربي لتحقيق كأس سمو الأمير للمرة 16 في تاريخه، وتحديداً منذ 25 مايو 2008.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي