طاعون عمواس، وقعَ في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنة 18 هجرية، في مدينة عمواس في الشام، وقتل فيه العديد من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
وقد رفضَ الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - الخروج من الشام، وقد كان والياً عليها، عملاً بما جاء في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعدم الخروج من أرض الطاعون، وقد قام عمرو بن العاص - رضي الله عنه - بتطبيق إجراءات شبيهة بالحجر الصحي اليوم، فطلب من الناس اللجوء إلى الجبال وبذلك أنقذ الله به الناس من فتنة مؤكدة.
اليوم وجدنا أنفسنا في ظل طاعون جديد، لم نعهده من قبل يسمّى «كورونا»، وقد أحاطنا من كل مكان، ونكسته أنه منتشر في كل مكان، وشاهدنا العالم كله متورطاً بهذا الوباء، ويدعو الله أن يحفظه منه بعد أن اكتسحه وقتل الآلاف من الناس بسببه.
لقد حاول الناس التأقلم مع ذلك الوباء ورفعوا أكفّهم يدعون الله أن يخلصهم منه، واتخذت الدول احتياطات كثيرة من أجل الوقاية منه، واخترعت اللقاحات الكفيلة بالتصدي لتلك الأوبئة، نسأل الله تعالى السّلامة من كل سوء والتوبة النصوح.
إن الأمرَ أغرب من الخيال، فكيف قام ذلك الوباء... وانتشر، وكيف تحدى إرادة الناس وجعلهم يخضعون له وينفقون الملايين في سبيل القضاء عليه؟!
لقد أصبح التباعد الاجتماعي جزءاً من حياتنا الطبيعية، ووجدنا أنفسنا مضطرين إلى لبس الكمامات والأقنعة الواقية.
حتى الحميمية التي كنا نتقابل بها من قبل والأحضان المتبادلة، تبدّلت إلى ابتعاد اجتماعي خوفاً من العدوى، كما نسمع عن انتشار الوباء في المجتمع، وفتكه بالعشرات من الناس ونقول: اللهمّ سلّم!
المشكلة أنّ «كورونا» قد أفسد التعليم، واضطررنا إلى اللجوء إلى التعليم عن بُعد، وما فيه من مشاكل كثيرة، وقد نجحت دول متقدمة في ذلك وأسست نظام التعليم عن بُعد، بينما فشلت دولنا في تطبيق ذلك النظام والتعود عليه، واضطررنا لتعطيل النظام الدراسي، وغلق المدارس لفترات طويلة بما في ذلك من الأضرار المادية والمعنوية على أبنائنا وبناتنا!
فما زلنا نعيش اليوم زمن «كورونا»، ونجاهد للخروج بصيغة ملائمة من أجل التأقلم مع ذلك المرض وطرق التصدي له.
المطلوب منّا الصبر والاحتساب، فذلك من قضاء الله وقدره، ولا شك أن الله تعالى لم ينزل داءً إلّا وله دواء، والفوائد التي جنيناها من ذلك الوباء كثيرة جداً... عسى الله تعالى أن يعافينا وأن ينجينا من شر ذلك الوباء، وأن يتوب علينا ويرحمنا.