في مثل هذه الأيام اعتدت في السنوات الماضية أن أكون في مدينة صلالة، التابعة لمحافظة ظفار، أكبر محافظات سلطنة عُمان الحبيبة، وبسبب ما طرأ على العالم كله بسبب أزمة فيروس كورونا تبدّلت الأحوال وتغيّرت أشياء كثيرة لم تكن بالحسبان، وها هي ظفار اليوم مغلقة من أجل صحة وسلامة أهلها والمقيمين فيها حفظهم الله من كل شر.
في 26 أغسطس عام 2018 كتبت مقالاً هنا في جريدة «الراي» بعنوان (معشوقتي صلالة)، كتبته قبل موعد نشره بيوم واحد، في الساعة الثامنة صباحاً، وأنا أجلس على حصير متواضع، وضعت عليه بعض الطعام البسيط مع التمر والماء، وعند طرف ذلك الحصير كانت معي (العِزبة)، وهي الحقيبة الخاصة بالقهوة والشاي وأدواتهما، وبعد أن أشعلت نار (الجُولة) وأعددت القهوة والشاي ثم استقبلت شلالات دربات وأنصت جيداً لهدير مياهه، وعيناي على مد ناظريهما لا ترى سوى اللون الأخضر، كتبت ذلك المقال وسط أغاريد العصافير وهدوء النفس وراحة البال وأنا أشرب القهوة على مهل مزاجي، وبفضل الله تعالى انتشر المقال انتشاراً جميلاً، وأعادت نشره بعض الصحف الورقية والإلكترونية في سلطنة عُمان، وردت بعض الجهات الرسمية على ما جاء فيه، في ما يخص محافظة وبلدية ظفار، وما يتعلق ببعض الأماكن السياحية التي أشرت إليها في ذلك المقال.
رغم أني سافرت كثيراً شرقاً وغرباً، ووصلت لبعض الدول التي لا يأتيها إلا القليل من السياح العرب، إلا أني ارتحت وجدانياً أكثر في صلالة، حيث وجدت في أهلها بساطة الأرواح البعيدة عن التعقيد، ووجدت فيهم التاريخ العظيم الممتد، وكرم الأيادي وعِزة النفوس وبشاشة القلوب، والأخوّة بمعانيها العميقة، ولا شك أن روعة طبيعة صلالة زادت من عشقها عندي.