إنها سخرية القدر، يقرّها الشاعر خليفة الوقيان، حينما يبدأ قصيدته:
-... أجـَلْ
تسبقها فراغات لحديث محذوف بأسلوب التضمين؛ فلفظة (أجل) رداً على سؤال قد يكون بدهياً في نظر الشاعر، وحقيقة كامنة لدى كل كويتي بأنه سوف يأتيه الغدر من أقرب الناس إليه، سوف يخونه من مدّ له يد العون والمساعدة، سوف يطعنه من وقف معه في السرّاء والضرّاء، سوف يتنكر له من تشارك وتقاسم معه لقمة العيش، سوف يغزوه في الظلام الدامس مَن كان عوناً له وسانده دوماً؛ أبداً لن نفاجأ إذا جاءتنا الخيانة من هذا البعث الجاحد، إن جاءنا من يخبرنا على غفلة بأن هناك من هجم على الكويت؛ فتلقائياً سوف نقول إنهم البعثيون، إن أيقظنا من نومنا وقيل لنا هناك من غزاكم فبدهياً سوف نقول إنهم البعثيون، هذا هو طبعهم، وهذه هي أخلاقهم السيئة، فلم يستغرب الشاعر، بل استنكر فعلتهم الشنيعة، قائلا:
... أجل
ها هم القادة الفاتحون
يطلون
تلمع أنجم أكتافهم
في الصباح القتيل
تسابقهم حشرجات الرصاص
يسدون كل المنافذ
والطرقات الحزينة
«ها هم القادة الفاتحون» فتحوا من؟! وفتحوا ماذا؟! فتحوا القدس؟ لا والله تخسأ شواربهم، فتحوا باب الأقصى؟ لا والله فإنهم أجبن من أن يضعوا أقدامهم الوضيعة على عتباته المقدسة، لعلهم استقوّوا على جارتهم الدولة العربية المسالمة الكويت؛ فغزوها واعتبروا هذا فتحاً مبيناً. ألا تباً لهذه الزمرة الفاسدة التي لا تجرؤ إلا على دولة عربية مسلمة شقيقة مسالمة فتنقض عليها في ظلام الليل دون سابق إنذار شأنها شأن اللصوص والقراصنة. أهناك وقاحة بعد هذه الوقاحة؟!، صور بيانية عدة يوظفها الشاعر خليفة الوقيان بلوحة فنية دموية حزينة مؤلمة، قال تعالى: «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره...» صدق الله العظيم. وهناك صورة بيانية متميزة وهي (حشرجات الرصاص)، الحشرجة في اللغة هي غرغرة عند الموت، وهي تردد صوت النفس عند الاحتضار، وهذه صورة أخرى للموت يرسمها الشاعر مع الصبح «هذه الرصاصات قتلت هذا الصبح»، وماذا بعد القتل إنه الحزن، وتتناغم الأحزان والآلام بأنساق (الطرقات حزينة).