شكراً «بايرن»
ما حصل في لشبونة ودخل سجلات التاريخ، ليس مفاجئاً بالمعنى العميق والمتعقّل للكلمة.
أن يخسر برشلونة أو أي فريق كرة القدم ممن هم معتبَرون «كباراً» هو أمر عادي ومقبول. حتى الخسارة بالسبعة أو الثمانية قد يشكل «زلزالاً موقتاً»، في حال كان عابراً، ورافقته ظروف آنية «غريبة واستثنائية» عاشتها الدقائق الـ90.
لكن الـ8-2 في مباراة لم تشهد طرداً في صفوف الخاسر، واستسلاماً شبه تام، وتقام في دور إقصائي من أكثر البطولات قيمةً وأهميةً، فهذا ما يزيد في الطين بلّة، لكنه يبقى «مهضوماً»، وإن كان برشلونة هو المعنيّ بالهزيمة.
ما ليس مقبولاً، في هذا الإطار، هو ذاك «السكوت» الذي رافق مسيرة برشلونة منذ بداية الموسم، وذاك الاستسلام أمام الغرق المحتوم لـ«السفينة» رغم اكتشاف ثقوب عدة في هيكلها. خلافات الأرجنتيني ليونيل ميسي مع الإدارة وتهديده بالرحيل، إصراره على الإتيان بالبرازيلي نيمار، وعلاقته الفاترة بالفرنسي أنطوان غريزمان، ومن ثم تعيين مدرب «غير معروف وبلا شخصية»، بشخص كيكي سيتيين، خلال الموسم. أضف إلى كل ذلك أن ميسي بلغ الـ33 من العمر، وما عاد قادراً على تقديم ما سبق له تقديمه. كلها معطيات أشّرت إلى «كارثة» صودف أن اجترحها بايرن ميونيخ الألماني في حق نادي برشلونة وليس فقط في حق فريقه لكرة القدم.
هنا تقع خطيئة الإدارة الكاتالونية، حيث عمدت إلى «الزجّ» بميسي في معترك التحديات وحيداً، معتمدةً على ومضاته وسحره «المتآكل»، فدفع «الكيان» الثمن غالياً جداً.
ولولا تألق الحارس الألماني مارك-أندري تير شتيغن، خلال الموسم، لجاءت حصيلة «الموسم الصفريّ» أكثر إيلاماً.
في كرة القدم، لن تحصد إن لم تزرع، ولا يكفي الدعاء وحده ليوصلك إلى أعلى المنصات.
الخسارة أمام «بايرن» هي صفعة تاريخية، درس لبرشلونة كي يصحو من «سبات الاعتماد على ميسي»، ودعوة إلى التخطيط والبناء من الصفر. على الـ«بارسا» تقديم الشكر إلى المدرب الألماني هانزي فليك ولاعبيه لأنهم كشفوا له بأن «سياسة الترقيع» لا تصنع رداءَ بطل.
8-2 لن تكون نهاية «القلعة الكاتالونية» بل مفترق يعود إليه النادي في كل مرة يتلكّأ أي عنصر من عناصره عن أداء ما هو واجب عليه.
أن تخسر بعد بذل أقصى ما لديك، هذا قمة العطاء، لكن أن تظهر بصورة فريق من «الدرجة الرابعة»، بلا روح ولا حضور ولا رغبة، فهذا غير مقبول.
رحيل ميسي سيفيد برشلونة على المدى الطويل. بقاؤه والبناء على بقائه سيفرضان خطة على المدى القصير.
ماذا سيختار برشلونة؟ أو فلنقل: ماذا سيختار ميسي؟