تراثياً، تعوّدنا في الكويت على وجود «فرّاش البلدية» في كل موقع مهم، ليس في البلدية وحدها، فكل مكان في الدولة فيه مجال للفساد وإمكانية لإساءة استغلال السلطة يحتاج بالتأكيد إلى «فرّاش بلدية» ليكون دوره الحقيقي أن «يلبس» أي سالفة غير قانونية يفعلها المدير، فينجو المدير و«ياكلها» الفرّاش... لأنه الحلقة الأضعف، وهو المستضعف في الإدارة.
وبسبب وجود مثل هذا «التراث الإداري» القبيح الذي لم يجرؤ الخيال لـ «يشطح» معه لمحاسبة حتى المدير وليس الوكيل والوزير... و... و...! لهذا السبب تكوّنت لدى الناس عموماً قناعات بعدم جدية المحاسبة في الكويت، وصار لدى الناس ميل فطري إلى عدم تصديق أن ما يجري - في أي زمان وليس بالضرورة زماننا هذا وحده - من محاسبة هو محاسبة حقيقية، بل مجرد زوبعة في فنجان المسؤول، «يخترع» يومين وننفخ له في سرّه ويغدي شره، وسيحمل الفنجان والزوبعة «الفراش» قديماً، و«الفاشينستا» حديثاً.
إنّ تورط بعض مشاهير «السوشيال ميديا» الذي نسمع عنه ولا نراه إلى الآن، لا يعني أنهم وحدهم بؤرة الفساد، فمن تورّط منهم بغسيل الأموال فاسد نعم، ولكن هناك شركاء له في هذا الفساد، شركاء أكبر منه... فهم ليسوا كل المنظومة، بل جزء منها، ولو تم الاكتفاء بمحاسبتهم وحدهم دوناً عن شركائهم لتحوّلوا إلى نسخة عصرية من «فرّاش البلدية»!... ويبقى «سيفوه» الفساد الكويتي مرتدياً «خلاجينه» البالية نفسها.