رسالتي

خصومة الفرسان... والصبيان!

تصغير
تكبير

دار حديث في مجلسٍ حول صفات الروم وأخلاقهم وكان من بين الحاضرين الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه، فقال في وصفهم: (إن فيهم خصالاً أربعاً: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوْشَكهم كَرَّة بعد فرّة، وأرحمهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك).
لم تمنع عداوة الروم للمسلمين من أن يُنْصفهم الصحابي ابن العاص، فيذكر لهم مجموعة من صفاتهم الحسنة.
ويُذْكر أن عمرو بن معد يكرب تقاتل مع أحد أعدائه، وكانا يتبارزان بالسيف، فضرب عمرو سيف الرجل ضربةً انكسر منها سيف خصمه، فوقف الرجل أمامه أعزل السلاح، وأيقن أنه مقتول لا محالة، فأخفض عمرو سيفه ووضعه في غمده، وقال للرجل: ليس من المروءة أن أقتلك وقد أصبحت الآن أعزل، ثم تركه ومضى!
عندما اتْهمت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، سأل النبي صلى الله عليه وسلم زوجته زينب بنت جحش عن ما تعرفه عن عائشة، وكانت زينب تنافس عائشة في محبة النبي عليه الصلاة والسلام والقرب منه، وكانت فرصة لها كي تنتقص من ضرتها، لكنها قالت: (احمي سمعي وبصري، ما علمت عنها إلا خيراً).
في حادثة الهجرة سألوا أبو جهل: لماذا لم تكسر الباب على بيت محمد؟ فقال: (حتى لا تتحدث العرب أن أبا الحكم عمرو بن هشام روّع نساء محمد)!
أراد ريتشارد قلب الأسد انتزاع القدس من المسلمين في عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، لكن محاولته باءت بالفشل، وأصيب في المعركة ومرض بعدها، فما كان من صلاح الدين إلا أن أرسل طبيبه الخاص ليعالجه!
يُنقل عن الفيلسوف الفرنسي ?ولتير أنه قال لأحد مخالفيه: ( إنني مستعد لأن أموت من أجل أن أدعك تتكلم بِحُرّية، مع مخالفتي الكاملة لما تقول)!
هذه الأمثلة وغيرها الكثير تشير إلى شرف الخصومة الذي تحلّى به القوم عبر التاريخ، وأتمنى لو تتم مقارنتها مع ما يدور اليوم في ساحة الخلافات السياسية والفكرية والمنهجية من استطالةٍ في الأعراض، وطعن في الذمم المالية، ونهش للحوم الخصوم، وكذب وبهتان، وتحريض وتشويه، ومكر ودسائس!
كي نعرف الفرق بين شرف خصومة الفرسان، وبين أخلاق الصبيان!

Twitter:@abdulaziz2002

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي