كعادتي لا أتناول أي عمل فني حتى أشاهده من الألف إلى الياء، وإذا تسنى لي مشاهدة بعض الحلقات المعادة فبها ونِعمت، كذلك الاطلاع على جُلّ ما كُتب حوله قدر المستطاع حتى لا تتكرر الكتابة وتستهلك الأفكار.
أنا لستُ ناقداً فنياً، بل مشاهد متذوق؛ أنظر إلى جماليات النص، ومهارة الأداء؛ لربما نحن - محبي - الأدب، والمساهمين في صناعة الثقافة، نعتني بالنص المكتوب أكثر من العمل المرئي والمسموع.
إن النص الجيد يعدّ جوهرة العمل الفني، شريطة أن يجد مخرجاً ماهراً لديه خبرة في اختيار الممثلين المناسبين لهذا النص، يقول الباحث صلاح الدين الفاضل «المخرج قائد العملية الفنية... يقف خلف الكاميرات موجهاً المصور والممثلين والفنيين، مهتماً بتحقيق رؤياه من خلال هذا العمل» أ.هـ.
فنص مسلسل محمد علي رود، كما ذكرنا في مقال سابق هو نص فريد من نوعه، مميز ومثير للجدل ونقلة نوعية في كتابة النصوص المقدمة للتلفزيون، ومن حسن حظ هذا النص أنه وجد مخرجاً حذقاً بارعاً جداً في إخراجه -لاسيما- في فترة من أصعب الفترات؛ فالعالم كله قد شُلّ بسبب جائحة كورونا.
المخرج مناف عبدال، أخرج هذا المسلسل في ظروف صعبة للغاية، وفي ظروف قهرية، ولكنه بعزيمة وخبرة ودراية وثقة بالنفس، وبما يملك من مهارات، أخرج عملاً ضخماً يحتاج إلى فترة طويلة لإخراجه، ويحتاج إلى استعداد مسبق وإمكانيات حاضرة وسهلة المنال إذا طلبها توفر له بسرعة. ولأنه كان على دراية تامة بكل التخصصات التي سيتعامل معها، وأنه يتمتع بمهارة فائقة في الإلمام بالمجتمع الكويتي، وقارئاً جيداً للتراث بما يحتويه من تراث مادي واللامادي، والفلوكلور والموروث الشعبي، ولأن لديه نصاً جيداً قد أشبع طموحه، اختار ممثلين منهم عمالقة الفن في الكويت؛ لديهم إحساس فني صادق، ويتمتعون بمهارة في الأداء، كل ذلك أهّله لأن يلعب دوراً مهماً وأساسياً في إخراج مسلسل محمد علي رود.
مسلسل محمد علي رود، من الأعمال التي يجب ألّا تنطفئ لما فيه من السيميائيات المعبرة والصالحة للعصر الحالي الذي نعيشه، محمد على رود كانت له إسقاطات على قضايا يومية في الوقت الحالي؛ وكأنه يحاكي هذا الزمان في ثوب التراث.
لذا؛ نطلب من المخرج الرائع مناف عبدال، أن يحوّل هذا المسلسل الفني إلى فيلم طويل، مع إعادة ضبط النص مرة أخرى لتلافي الأخطاء الطفيفة، وأن يكون هناك كاتب سيناريو يشارك المؤلف في ضبط النص، ويخلصه من الأخطاء البسيطة التي ذكرت في الصحف اليومية، وبعض العبارات التي وقفنا عليها مثل المثل الكويتي «قال عندك تاكل قال لأ، قال عندك تحب قال إي» والصواب «قال عندك تاكل قال لأ، قال عندك تغرم قال إي»، وكذلك عبارة «العَجَلة من الشيطان» وصوابها «العيله من الشيطان»، حتى نقطع الطريق على صغار النقاد الذين يقتاتون على مثل هذه الأخطاء.